تكتسي طريقة تعامل الأولياء مع النتائج التي تحصل عليها أبناؤهم في آخر الفصل أهمية بالغة في التأثير على نفسية التلميذ، فبين من يحسن التعامل ومن يسيء، ضاع مستقبل تلاميذ في الحدث، وفرّ آخرون من المنزل، وتوفي أطفال في عمر الزهور.
يتسلم أولياء التلاميذ غدا الخميس كشوف نقاط أبنائهم، وهي الكشوف التي ستتضمن حصيلة ما جناه التلاميذ من تحصيل معرفي خلال الفصل الأول من السنة الدراسية، حيث تكون بمثابة خلاصة تعكس مدى استيعاب كل متمدرس لما تلقاه من دروس خلال هذه الفترة.
أولياء يحسنون التعامل ويثمنون المجهودات
يختلف ردّ فعل الأولياء، خاصة الأمهات، عند الاطلاع على كشف العلامات، فهناك صنف من الأولياء يتعاملون بإيجابية مع مجهودات أبنائهم مهما كانت، حيث يثمّنونها، ويؤكدون على سعادتهم وفرحهم بما تحصل عليه الأبناء، بل يقوم الكثير منهم باقتناء هدايا تشجيعا للأبناء، ويحسنون التعامل مع الموقف، وحتى الملاحظات التي يقدمونها تكون بطريقة ذكية، حيث يشعر الطفل بحاجته لتعزيز مجهوداته ومضاعفة قدراته بطريقة لبقة، بل يبقى بمحض إرادته يقتنع بالنقائص الموجودة ويسعى لمعالجتها.
.. وأولياء يسيئون التعامل ويهينون أولادهم
وفي الجهة المقابلة نوع آخر من الأولياء، حيث سرعان ما يصبون جام غضبهم على أولادهم بمجرد الاطلاع على النتائج الناقصة التي كانت من نصيب أبنائهم، ويصل الحد في الكثير من الحالات إلى تسليط أشد العقوبات عليهم، ظنا منهم أنه بذلك ستتحسن النتائج.
ويؤدي هذا التعامل غير التربوي إلى القضاء على معنويات الطفل وإنهاء الثقة بالنفس، ويرى التلميذ نفسه بمثل هذه المعاملة غير قادر على التحسّن مستقبلا، خاصة أن العنف والتوبيخ والعقوبة جاء من أعز الناس إليه.
تلاميذ تحسنت نتائجهم بشيء من الاهتمام
يروى أن تلميذا كان منعزلا في القسم، لا يتحدث مع أحد، وكان لا يتلفظ بأي كلمة، بل وأصبح محل سخرية من طرف زملائه إذا سأله الأستاذ وطلب منه الإجابة عن سؤال. وفي بداية العام الجديد، جاء أستاذ جديد، وفي أول حصة مع القسم طلب منه حل تمرين فعجز التلميذ، وتحوّل كالعادة إلى مبعث السخرية والاستهزاء من طرف زملائه، وفي آخر الحصة طلب منه الأستاذ ألا يغادر القاعة، وبعد أن خرج كل زملائه، قدّم له الأستاذ تمرينا مرفوقا بالحل، وطلب منه أن يحلّ التمرين على السبورة أمام زملائه في الحصة الموالية. وفي اليوم الموالي، سأله الأستاذ في القسم عن حل التمرين، فتمكن من ذلك بفضل الحل المقدّم له من طرف أستاذه، فتعجّب زملاؤه من التغير الحاصل على صديقهم، وتمرّن بنفس الطريقة بمساعدة الأستاذ، إلى أن أصبح بعد وقت قصير من أنجب التلاميذ في القسم، وذلك بفضل الاهتمام وتثمين مجهوداته.
فالتلميذ يحتاج إلى تثمين ما بذله من مجهود مهما كان بسيطا، فذلك سيدفعه إلى التحسّن، ويكون محفزا له على التألّق، فالطرق الحديثة للتدريس والتقويم تقضي بضرورة تثمين كل ما يقوم به الطفل، بل حتى تقويم الإجابة الخاطئة يجب أن تكون بطريقة ذكية، تجعل المتمدرس يشعر أنه أخطأ، لكن دون تجريح ودون المساس بكرامته.
تلاميذ فرّوا من المنازل وآخرون انتحروا
كثيرا ما خلف ردّ الفعل السلبي للأولياء على نتائج أبنائهم عواقب وخيمة، حيث فرّ تلاميذ من الجنسين من المنازل العائلية بسبب ردّ فعل أوليائهم، سواء بتأنيبهم على نتائجهم الناقصة، أو بسبب تهديد تلقوه قبل الإعلان عن النتائج بخصوص ما يتعرضون له من عقاب إن هم أخفقوا.
وتؤكد التجارب أن جميع التلاميذ الذين كانوا يتعرضون لتهديدات وعقوبات بسبب نقص تجاربهم لم يتحسّن مستواهم، ولم يتقدّموا كثيرا في الدراسة، ليس بسبب مستواهم المتدني أو بسبب عدم قابليتهم للتمدرس، بل بسبب ما رافق تمدرسهم من معاناة جرّاء التهديدات، حيث يحسّ هؤلاء أن الدراسة لم تعد تلك العملية التي يذهب إليها بمحض إرادته ليكسب معارف ومهارات، بل يراها على شكل مهمة ثقيلة يشترك فيها معه أولياؤه الذين يراقبون إخفاقه لينهالوا عليه بالعقاب.
قانون التعزيز أفضل طريقة
ينصح علم النفس باللجوء إلى "قانون التعزيز"، وهو الترغيب في شيء بدل العقوبة على عكسه. وينصح علماء النفس بالميل إلى قانون التعزيز، سواء في التحكم في سلوك الأطفال أو في تشجيعهم على التحسّن والتفوق في الدراسة. ويتمثل هذا القانون الذي يأتي بديلا عن العقوبة، في تخصيص هدايا مهما كان نوعها وقيمتها لكل عمل منجز، وهو ما يناسب تحفيز الطفل على الدراسة والنجاح، حيث بإمكان الأولياء تخصيص هدايا ولو رمزية لأطفالهم نظير المجهودات التي يقومون بها في مسارهم الدراسي. فالطفل لا ينظر كثيرا لقيمة الهدية أو الجائزة، لكنه ينظر إليها كمكافأة نظير عما قدّمه.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال