لم يتبق للنازحين الفلسطينيين من أماكن تقيهم برد الشتاء القارس، بعدما جرفت مياه الأمطار الخيام المهترئة التي اتخذوها بديلا لمنازلهم المدمرة من طرف الاحتلال الصهيوني، بينما تتزايد التحذيرات الأممية من أن 96 بالمائة من سكان غزة يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، ورغم كل ذلك مازال جيش الاحتلال يقصف القطاع ويجوع أهله.
أفاد مجمع ناصر الطبي في غزة باستشهاد شخص غرب الخط الأصفر في منطقة قيزان النجار جنوبي خان يونس، كما أفاد بإصابة امرأة وطفلها في قصف مسيرة صهيونية خلف الخط الأصفر ببلدة بني سهيلا شرقي خان يونس، كما شنت قوات الاحتلال، أمس، غارات وراء الخط الأصفر شرقي مدينة غزة وألقت قنابل متفجرة بالتزامن مع قصف مدفعي على حي التفاح شرقي المدينة، وشهدت تلك المناطق تحليقا منخفضا لطائرات مسيرة.
من جهته، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الاحتلال ارتكب 393 خرقا لقرار وقف إطلاق النار، منذ دخوله حيز التنفيذ، مؤكدا أن خروق الاحتلال للاتفاق أسفرت عن استشهاد 279 فلسطينيا.
ويتجاهل الاحتلال الصهيوني باستمرار جميع التحذيرات والنداءات الأممية المتزايدة من خطورة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، متابعا نهجه في التضييق على السكان، ما يفاقم أوضاعهم الكارثية، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن 96 بالمائة من سكان قطاع غزة يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي وقالت إن هناك حاجة ملحة لزيادة المساعدات للقطاع من أجل الوصول إلى المجوعين قبل فوات الأوان.
وأفاد مسؤولون في الأمم المتحدة بأن الأمطار والفيضانات والبرد القارس خلال الأيام الماضية زادت من تفاقم الوضع بالقطاع، وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، إن "الفلسطينيين في غزة يعانون من البرد بعد هطول الأمطار الأخيرة، ويزداد الإحباط مع ارتفاع منسوب الفيضانات وتدمير ما تبقى لهم من ممتلكات شحيحة". وأشار فليتشر إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها يتحركون لتقديم المساعدة، لكن الحاجة أكبر بكثير، داعيا إلى "رفع القيود المتبقية بشكل عاجل لإيصال المزيد من المساعدات".
من جهته، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الأمطار الغزيرة والظروف الشتوية فاقمت الظروف المعيشية الصعبة في غزة، مشيرا إلى أن مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط خصص 18 مليون دولار لدعم العمليات الحيوية في جميع أنحاء غزة.
وأشارت بيانات البنك الدولي إلى أن نسبة الفقر في القطاع اقتربت من 100 بالمائة، مع وصول نسبة البطالة إلى أكثر من 80 بالمائة.
وفي الأيام الماضية، ضرب منخفض جوي مصحوب برياح وأمطار قطاع غزة، ما تسبب بغرق عشرات الآلاف من الخيام التي تؤوي نازحين وأفقدهم آخر ما يملكونه من مأوى وأمتعة، بعدما دمرت إسرائيل منازلهم خلال عامين من الإبادة.
ويبلغ عدد النازحين في قطاع غزة، وفقا لتقديرات المكتب الإعلامي الحكومي، 1.5 مليون فلسطيني يعيشون واقعا مأساويا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الصهيوني، علما أن معظم هؤلاء النازحين يتخذ من الخيام التالفة مأوى لهم، في حين قدر المكتب الحكومي، نهاية سبتمبر الماضي، أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة بلغت نحو 93 بالمائة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفا.
وفي السياق، حذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة مع دخول فصل الشتاء. وقال لازاريني في تصريحات إعلامية إن الأولوية العاجلة الآن تكمن في فتح المعابر بشكل كلي، مشددا على أن ما يدخل من مساعدات لا يناسب حاجة السكان.
وأضاف أن لدى الوكالة آلاف الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة، لكنها بحاجة إلى تصريح دخول، مؤكدا أن ما يهمهم في الوقت الحالي هو تأمين مستلزمات الشتاء لسكان غزة وتوفير الخيام والملابس الدافئة لهم.
وقال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، الذي يقود منذ فترة طويلة ما يعرف بـ"مجموعة المأوى" في غزة، المكونة من نحو 20 منظمة غير حكومية، "سنفقد أرواحا هذا الشتاء، الأطفال والعائلات سيهلكون". وأضاف أنه "من المحبط للغاية أننا خسرنا أسابيع حاسمة منذ إقرار خطة السلام التي طرحها ترامب، التي نصت على تدفق المساعدات الإنسانية وأن الفلسطينيين لن يستمروا في المعاناة بلا داعٍ".
وحسب المجلس النرويجي للاجئين، فإن قرابة 260 ألف عائلة فلسطينية، أي ما يقرب من 1.5 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة طارئة في ما يتعلق بالمأوى ويفتقرون إلى الأساسيات اللازمة لتجاوز فصل الشتاء.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال