العالم

مالي: الإرهاب يتمدّد والجيش يفقد السيطرة

منذ بداية عام 2025 نفذت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين حوالي 120 هجوما مختلفا ضد مواقع عسكرية ومدنية في مالي.

  • 4255
  • 3:19 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

الوضع في مالي مقلق بالنسبة للجزائر وللدول المجاورة، إذ تتصاعد هجمات الجماعات الإرهابية في مناطق مختلفة من البلاد، مع تحرك هذه الجماعات من معاقلها التقليدية في الشمال نحو الوسط والجنوب، ما أدى إلى إرباك الجيش المالي وزيادة المخاطر الأمنية على مستوى البلاد.

نقلت الجماعات الإرهابية في مالي نطاق نشاطها من المعاقل التقليدية في شمال البلاد إلى الوسط والجنوب، في تطور أدى إلى إرباك النظام العسكري القائم في باماكو. وقد يصل التهديد إلى إسقاط النظام القائم مع احتمال سيطرة الجماعات الإرهابية على العاصمة.

وكشفت تقارير إعلامية عن استعمال الجماعات الإرهابية في مالي طائرات بدون طيار 'درونز' في هجماتها ضد أهداف مدنية وعسكرية. وفي الوقت ذاته نشرت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في صفحتها على منصة إكس، صورا وبيانات تؤكد تدهور الوضع وسيطرة هذه الجماعة على مواقع وضرب أهداف عسكرية مهمة للجيش المالي في مناطق كانت آمنة وهادئة حتى في فترة سيطرة الجماعات الإرهابية على إقليم أزواد شمال البلاد.

والأخطر في الموضوع هو الصور المنشورة التي يظهر فيها الإرهابيون علنا في مواقع قريبة من نهر النيجر على بعد مسافات تتراوح ما بين 160 و200 كلم عن العاصمة باماكو.

يتمركز الإرهابيون التابعون لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين حاليا على مسافة لا تتعدى 200 كلم عن العاصمة باماكو، وينشطون بعيداً عن شمال مالي المعقل الرئيسي للجماعات الإرهابية. المسافة الفاصلة بين مناطق نشاط الجماعات الإرهابية الحالية والحدود الجزائرية تتجاوز 1000 كلم في قلب مالي.

ودفع الوضع الخطير وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، للاعتراف بهشاشة الوضع في حديث لقناة الجزيرة عقب هجوم استعمل فيه الإرهابيون طائرات درون للمرة الأولى في منطقة جنوب مالي.

وقالت تقارير صحفية محلية إن إرهابيي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين استهدفوا في الأسابيع الأخيرة خطوط مواصلات مدنية وعسكرية في البلاد. وتكرر ظهور الإرهابيين علنا في مناطق وسط وجنوب مالي في انهيار أمني لم تشهده مالي منذ عام 2012.

وقد نفذ الإرهابيون في الفترة الأخيرة هجمات جريئة ومركزة على أهداف عسكرية حساسة في مناطق تقع في جنوب ووسط البلاد غير بعيد عن نهر النيجر، ولم تنجح القوات الحليفة للجيش المالي في التعامل مع هذه التهديدات.

كل المؤشرات والبيانات العسكرية تكرس حقيقة أن دول الساحل تواجه الآن جماعات إرهابية مختلفة تماما عن تلك التي حاربتها جيوش المنطقة في الفترة بين عامي 2000 و2023، والتي أقامت دول المنطقة على أساسها إستراتيجية مكافحة الإرهاب.

جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية لتنظيم القاعدة لم تعد موجودة في الصحراء المكشوفة في الشمال بل في الوسط والجنوب في مناطق تسمح لها بالتخفي والفرار بسرعة.

تحولت الجماعات الإرهابية الآن إلى مصدر تهديد شديد لدول مالي والنيجر وبوركينافاسو. وظهرت الجماعة منذ نهاية عام 2023 كجماعة إرهابية إفريقية مختلفة في الشكل؛ أغلب الإرهابيين من أبناء مناطق جنوب ووسط مالي، وهذا يلغي الرواية التي كررها النظام المالي حول تورط سكان إقليم أزواد في الإرهاب وتورط دول مجاورة لمالي في ما يسميه نظام باماكو دعم الإرهاب.

الصور المتداولة للإرهابيين الذين نفذوا العمليات في الفترة ما بين عامي 2024 و2025، تكشف عن تفاصيل مهمة جدا، أبرزها أن أغلب الإرهابيين الذين ظهروا في الصور هم من مناطق جنوب ووسط مالي من إثنيات مثل الفولان والماندينغو. وتؤكد أغلب التقارير المتداولة أن جبهة تحرير ماسينا التي يشكل المقاتلون الفولان 90 في المائة من أعضائها والمتعاطفين معها والمتعاونين معها، ملامح أخرى مهمة في المشهد الأمني في مالي غيرت الوضع وأربكت القوات المسلحة وحلفاءها الأجانب.

تغيّرت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين منذ عام 2023 بشكل جذري وخطير؛ فقد أظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة أنها تستخدم الدراجات النارية على نطاق واسع في تنقلاتها وهجماتها للتخفي والاحتماء من طائرات الدرونز. كما حصلت هذه الجماعات على طائرات بدون طيار قتالية من نسخ مشابهة لفئة كواد كابتر التي أثبتت فاعلية كبيرة في حروب غزة وإيران وأوكرانيا. هذا أدى إلى فقدان الجيش المالي للسيطرة وارتباكه الشديد في الأشهر الأخيرة.

ومنذ بداية عام 2025 نفذت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين حوالي 120 هجوما مختلفا ضد مواقع عسكرية ومدنية في مالي، أسفرت عن مقتل أكثر من 300 عسكري وعدد كبير من المدنيين، حسب بيانات الجماعات الإرهابية، وقد اعترف الجيش المالي بأقل من 25 منها فقط.

بغض النظر عن مصداقية الطرفين فإن التدهور بات واضحا ومكشوفا، ويعزز مقاربة الجزائر للوضع الأمني والسياسي في الساحل القائم على وقف التدخلات الأجنبية والتركيز على دعم الجيوش والقوات المسلحة في دول المنطقة وحل المشكلات السياسية من أجل تكريس الاستقرار.

لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع