العالم

من هو صاحب الصوت الذي أرعب الصهاينة؟

امتلك أبو عبيدة إمكانات خطابية عالية، وقدرة على نقل صوت المقاومة للناس.

  • 2557
  • 3:01 دقيقة
الشهيد حذيفة الكحلوت، أبو عبيدة، الصورة: ح.م.
الشهيد حذيفة الكحلوت، أبو عبيدة، الصورة: ح.م.

بعد سنوات طويلة سمع العالم فيها صوته من خلف اللثام، يخرج الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس إلى العلن، ويعرف الناس صورته واسمه وقصته، لكن هذه المرة شهيداً.

حذيفة الكحلوت الذي عرفه الناس لسنوات عدة باسمه في كتائب القسام (أبو عبيدة)، ولد في 1984، في السعودية، حيث كانت عائلته تعيش، وتعود أصولها إلى قرية نعليا قضاء عسقلان، التي دمرها الصهاينة، في 1948. وعاد في طفولته إلى مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، والتحق لاحقاً بالجامعة الإسلامية ليدرس الشريعة وأصول الدين.

أبو عبيدة امتلك إمكانات خطابية عالية، وقدرة على نقل صوت المقاومة للناس، وتحول مع الوقت إلى أحد رموزها العالمية التي رسخت في الوعي الشعبي والجماعي، حتى صار تقليداً لدى مناصري فلسطين وفتيانها تقليد اللثام الذي يلبسه للتعبير عن حبهم للمقاومة، وتحولت الكلمات التي قالها في خطاباتها طوال سنوات إلى أيقونات وشعارات شعبية، وجمع مع الخطاب الحماسي والمعادي للاحتلال الصهيوني في صيغة عسكرية بوصفه الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، مصداقية في تقديم صورة المعركة مع الاحتلال وتفاصيلها، وقدرة على مخاطبة الشعوب العربية والإسلامية، وأصبح في المخيال الجماعي للمستوطنين ومعهم المؤسسة العسكرية والسياسية الصهيونية، أحد الرموز التي سعى للتخلص منها لما له من ثقل في المعركة الإعلامية والحرب النفسية.

وانضم الشهيد إلى كتائب القسام في بدايات شبابه، في الفترة الأولى من انتفاضة الأقصى التي انطلقت، في سبتمبر 2000، وفي معركة "أيام الغضب" التي خاضتها الكتائب مع الفصائل العسكرية للمقاومة، في مواجهة اجتياح جيش الاحتلال لشمال غزة، في 2004، كان الظهور الإعلامي الأول لأبو عبيدة، في مؤتمر صحفي داخل مسجد في غزة، أعلن فيه عن سلسلة عمليات للمقاومة. منذ الإعلان عن أسر الجندي جلعاد شاليط من دبابته، شرقي رفح، في صيف 2006، وأسر الجندي شاؤول أرون، أصبح أبو عبيدة يحمل صوت إنجازات المقاومة الفلسطينية.

في كل المراحل والحروب التي خاضتها المقاومة، في غزة، في العقدين الماضيين، كان أبو عبيدة يواجه رواية الصهاينة، ويفضح جرائمه وجبن جنوده وضباطه أمام المقاتلين وإجرامهم بحق الأطفال والمدنيين، ويحشد الناس حول المقاومة.

وفي الساعات القليلة الأولى من انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر 2023، التي مثلت محطة مفصلية في تاريخ المواجهة مع الاحتلال الصهيوني، أصبح في الواقع ما قبلها ليس كما بعدها، انطلقت البلاغات العسكرية لأبو عبيدة، وأعلن عن نجاح كتائب القسام في تحقيق هزيمة عسكرية واستخباراتية بقوات الاحتلال الصهيونية، وسيطرتها على مساحات من مواقع عسكرية ومستوطنات في المنطقة التي يسميها الاحتلال "غلاف غزة".

ووجه أبو عبيدة في خطاباته، خلال شهور المعركة، التي أصدرها رغم الخطر الشديد والملاحقة المستمرة من قبل أجهزة الاحتلال المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وقوى غربية وعالمية، صوت غزة، وبقي حتى آخر خطاباته يحرض على الانضمام للمعركة لمواجهة إجرام الصهاينة.

ومثل أبو عبيدة (السوط) الذي جلد الأنظمة والنخب والعلماء الذين تقاعسوا عن نصرة غزة، في وجه حرب الإبادة الجماعية، وأثقلت كلماته بالخيبة منهم، رغم الألم والمجزرة المفتوحة التي طالت آلاف الفلسطينيين بينهم عائلته الشخصية، كان يتحدى الصهاينة ويتوعد جنوده بمصير مشؤوم في غزة، ويؤكد على ثباتها في القتال، وتضحياتها دفاعا عن الشعب الفلسطيني والمقدسات، وفي طريق الحرية.

رحل أبو عبيدة شهيداً، وأصبح أيقونة جماعية ارتفعت في مكان خالد من الذاكرة بالعالم كله، وعباراته التي رددها في الخطابات خاصة في معركة "طوفان الأقصى"، وأهم ما قال: "أما وَالّذِي رَفَع السَّماءَ بِلا عمد فَإنَّ نَوَاطِحَ غَزَّة تَنتَظِرُكُم تَحمِلُ المَوتَ الزُؤام وَسَيَرَى العَالَمَ جَمَاجِمَ جُنُودِكُم يَدُوسُها أَطفَالُ غَزَّة بِأَقدامِهُم الحافيَة"، "سلام عليكم يا أبناء شعبنا بما صبرتم ورابطتم في وجه الطغيان"، و"جنائز وجثث جنود العدو ستصبح حدثًا دائمًا ومستمرًا بإذن الله طالما استمر عدوان الاحتلال وحربه المجرمة ضد شعبنا"، و"مقاومة غزة أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر"، "يا حثالة الأمم.. لن تكون غزة إلا كما كانت دومًا، مقبرة لغزاتها… وإنه لجهاد، نصرٌ أو استشهاد"، "يا قادة هذه الأمة الإسلامية والعربية ويا نخبَها وأحزابَها الكبيرة وعلماءَها أنتم خصومنا أمام الله، أنتم خصوم كل طفل يتيم وكل ثكلى، وكلِّ نازح ومشرّد ومكلوم وجريح ومجوَّع".

لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع