الوطن

بوغالي: تجريم الاستعمار وفاءٌ للذاكرة وسيادةٌ للدولة

مقترح القانون يتضمن تحديدا دقيقا لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

  • 798
  • 1:44 دقيقة
الصورة: وزارة العلاقات العامة (فيسبوك)
الصورة: وزارة العلاقات العامة (فيسبوك)

قدّم رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، اليوم السبت، أمام نواب المجلس، مقترح قانون يتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر، مؤكدا أن الخطوة تندرج ضمن فعل سيادي ذي بعد تاريخي، وموقف أخلاقي واضح يعكس تمسّك الدولة بحقها غير القابل للتصرف في صون الذاكرة الوطنية والدفاع عن كرامة الشعب الجزائري.

وأوضح بوغالي أن عرض هذا المقترح يمثل لحظة وعي ووفاء، ومحطة فارقة في مسار الجزائر الحديثة، تُجدّد من خلالها المؤسسة التشريعية التزامها تجاه التاريخ الوطني وضمير الأمة، بعيدا عن أي اعتبارات ظرفية.

وأشار بوغالي إلى أن تجريم الاستعمار الفرنسي قضية وطنية جامعة، تتجاوز الانتماءات السياسية والاختلافات الإيديولوجية، باعتبارها مرتبطة بتضحيات الشهداء وكرامة الأمة الجزائرية، مؤكدًا أن الثقة التي منحها إياه النواب تعكس إدراكا جماعيا لأهمية وحدة الصف في القضايا المصيرية.

وبيّن رئيس المجلس أن مقترح القانون يتضمن تحديدًا دقيقًا لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، مع تحميل الدولة الفرنسية مسؤوليتها القانونية عن ماضيها الاستعماري، وإقرار آليات للمطالبة بالاعتراف الرسمي والاعتذار الصريح، إلى جانب إدراج أحكام جزائية تُجرّم تمجيد الاستعمار أو الترويج له.

وشدد بوغالي على أن هذا التوجه لا يستهدف أي شعب، ولا يرمي إلى الانتقام، بل يستند إلى مبدأ قانوني وأخلاقي راسخ، مفاده أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا يمكن تبريرها أو طمسها.

وتطرق بوغالي إلى الطبيعة الحقيقية للاستعمار الفرنسي، معتبرًا إياه مشروعا متكاملا للاقتلاع والتجريد، قائما على اغتصاب الأرض ونهب الثروات، وإقصاء الجزائريين وتجريدهم من حقوقهم، إلى جانب سياسات ممنهجة للتجويع والتهميش ومحاولات طمس الهوية الوطنية.

كما ذكّر بسياسات التهجير القسري، والمجازر الجماعية، وممارسات التعذيب في السجون والمعتقلات، فضلًا عن التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، التي خلّفت آثارًا صحية وبيئية خطيرة لا تزال مستمرة، مؤكدًا أن هذه الجرائم لا تقبل النسيان ولا تسقط بالتقادم.

واعتبر رئيس المجلس أن مقترح قانون تجريم الاستعمار يمثل وفاءً للشهداء وصونًا لكرامة الأمة، ورسالة واضحة مفادها أن الذاكرة الوطنية الجزائرية ليست محل مساومة، وأن بناء المستقبل لا يمكن أن يتم دون مواجهة الماضي بالحقيقة والإنصاف.

وفي ختام عرضه، أكد بوغالي أن الجزائر تجدد، من خلال هذه المبادرة، التزامها بعلاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل والندية، مع رفضها القاطع لأي محاولات لإنكار الجرائم أو طمس الحقائق، مشددًا على أن المصالحة الحقيقية لا تقوم إلا على الاعتراف والاعتذار وتحمل المسؤولية.