على الطرق الممتدة بين الجزائر العاصمة ومدينة بوسعادة، عاشت الجزائر على إيقاع واحدة من أبرز التظاهرات الرياضية والثقافية لعام 2025، رالي الصداقة، الذي جمع بين روح المغامرة وجمال الطبيعة الجزائرية، في حدث يجسد معاني الصداقة والتآخي بين أبناء الشعب الواحد.
وفي إنجازٍ مميز يعكس روح الفريق والمثابرة، حققت مؤسسة "الخبر" المركز الثالث في الترتيب العام لرالي الصداقة 2025، بعد أداء ثابت ومتألق طيلة المراحل المختلفة من المنافسة. وقد نالت المؤسسة إشادة واسعة من المنظمين والمشاركين على حد سواء، تقديرا لاحترافيتها والتزامها الكبيرين، ما جعل مشاركتها واحدة من أبرز محطات هذا الحدث الرياضي والثقافي الهام.
تنظيم في المستوى المطلوب
وقد حرصت Amas Event على تقديم تنظيم احترافي متكامل بالتنسيق مع الاتحادية الجزائرية لرياضات الميكانيكية، شمل الجوانب التقنية واللوجيستية والإعلامية، لضمان نجاح الحدث على جميع الأصعدة.
كما ساهمت الاتحادية الجزائرية للرياضات الميكانيكية بخبرتها الطويلة في تأطير المنافسة وتوفير الدعم الفني والإشراف على المسارات، بما يضمن التزام المشاركين بالقواعد الرياضية ومعايير السلامة.
ولم يكن هذا التعاون مجرد شراكة تنظيمية فحسب، بل جسّد رؤية وطنية تهدف إلى جعل الراليات الجزائرية منصّة للترويج للسياحة الداخلية والتعريف بجمال المناطق التي يمرّ بها المتسابقون. فالرالي، الذي امتدّ عبر مسافات طويلة بين العاصمة والجنوب، شكّل فرصة لإبراز تنوّع الطبيعة الجزائرية، من الشواطئ الزرقاء إلى الكثبان الرملية والصحارى المبهرة.
هذا الحدث المميّز يعكس الديناميكية الجديدة التي تعرفها الرياضات الميكانيكية في الجزائر، ويؤكد أن التعاون بين القطاعين العمومي والخاص، كما تمثّله شراكة Amas Event والاتحادية الجزائرية لرياضات الميكانيكية، هو السبيل الأمثل للارتقاء بهذا النوع من المنافسات إلى مصاف الأحداث الإقليمية والدولية الكبرى.
انطلاقة أولمبية واستقبال رسمي
انطلقت المرحلة الأولى من الرالي من الجزائر العاصمة، باتجاه بوسعادة، بإشارة انطلاق رسمية أعطاها البطل الأولمبي نور الدين مرسلي، وسط أجواء احتفالية مميزة عكست رمزية الحدث وطابعه الوطني.
وعند نقطة الوصول إلى بوسعادة، كان في استقبال الوفود الوالي المنتدب لبوسعادة، الذي رحّب بالمشاركين وأشاد بالتنظيم المحكم للرالي وبالدور البارز الذي يلعبه في إبراز المؤهلات السياحية والثقافية للمنطقة.
أما المرحلة الثانية، التي ربطت ولاية المسيلة بحمام البيبان، فقد أعطى والي الولاية إشارة انطلاقها، وسط حضور رسمي وشعبي كبير، حيث جددت السلطات دعمها لمثل هذه المبادرات التي تعزز السياحة الداخلية وتنعش الاقتصاد المحلي.
حضور رياضي وإعلامي متنوع
تميزت طبعة هذا العام بحضور عدد من اللاعبين الدوليين السابقين، من بينهم لاعب مولودية الجزائر السابق عزيزان، الذين أضفوا على الحدث بعدا رياضيا خاصا، إلى جانب مشاركين من خلفيات متعددة: رياضيين، إعلاميين، مهندسين، طلبة، وعائلات، ما جعل الرالي فعلا مجتمعيا جامعا يعكس روح التآخي والتنوع في الجزائر.
كما شهد الحدث مشاركة 15 صحفيا من مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة، الذين رافقوا المشاركين في مختلف المراحل وساهموا في نقل أجواء الرالي إلى الجمهور عبر تغطية ميدانية موسّعة.
رالي الانتظامية.. دقة لا سرعة
رالي الصداقة لا يقوم على مبدأ السرعة كما يظن البعض، بل هو رالي انتظامية (TSD Rally) يعتمد على الالتزام بالسرعة القانونية والتوقيت المحدد عبر نقاط مراقبة سرية.
ويُقيَّم المتسابقون بناء على مدى احترامهم للمسار والزمن المبرمج، ما يجعل الانضباط والتركيز والدقة هي مفاتيح النجاح، وليس السرعة والمجازفة.
بوسعادة.. لؤلؤة الصحراء في قلب الحدث
اختيار مدينة بوسعادة كوجهة رئيسية للرالي لم يكن محض صدفة، فهي الملقبة بـ" لؤلؤة الصحراء"، وتجمع بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة.
وقد أُتيح للمشاركين خلال توقفهم فيها اكتشاف أبرز معالمها، مثل مطحنة فيريرو التاريخية ومتحف ناصر الدين ديني، إلى جانب جولات في الواحات التي تعكس جمال الصحراء الجزائرية الأصيلة.
انطباعات المشاركين.. تجربة تتجاوز السباق
أجمع المشاركون في رالي الصداقة 2025 على أن هذه التظاهرة لم تكن مجرد منافسة في عالم الميكانيك، بل تجربة إنسانية وسياحية فريدة جمعت بين متعة المغامرة وروح الفريق الواحد، حيث امتزجت أصوات المحركات بنبض التضامن والفرح في مختلف مراحل السباق.
وقال نور الدين درويش، اللاعب السابق لشبيبة القبائل، وهو أحد الوجوه الرياضية البارزة المشاركة في الرالي: "هذه التجربة أكدت لي أن الجزائر قارة صغيرة، غنية بجمالها الطبيعي وتنوعها الثقافي. كل مرحلة كانت تحمل طابعًا خاصا؛ من خضرة العاصمة إلى دفء بوسعادة. والأجمل هو التلاحم بين المشاركين والجمهور في كل محطة."
وأضاف درويش: "رالي الصداقة تجربة تعلمنا فيها معنى الانضباط، العمل الجماعي، وتحمل المسؤولية. الرياضة ليست دائما كرة قدم أو ملعبا، بل يمكن أن تكون طريقا طويلا مليئا بالتحديات، كما في هذا الرالي."
من جهته، عبر حسين عزيزان، اللاعب السابق لمولودية الجزائر، عن إعجابه بالتنظيم والروح الرياضية السائدة بين المشاركين قائلا: "لم أشعر أنني في منافسة، بل في عائلة كبيرة يجمعها حب الوطن. شاهدنا شبابا وكهولا، رجالا ونساء، كلهم يتحركون بشغف وانضباط. التنظيم كان احترافيا للغاية، وكل مرحلة كانت مغامرة تستحق أن تروى."
وتابع عزيزان حديثه بابتسامة: "أنا من محبي السيارات منذ الصغر، لكن المشاركة في الرالي جعلتني أرى هذا العالم من زاوية أخرى. ليس المهم من يصل أولا، بل من يعيش التجربة بروح رياضية حقيقية."
أما رضا عباس، فقد رافق المتسابقين طيلة المراحل، وقال لنا: "كصحفي رياضي، اعتدت على تغطية البطولات الكبرى، لكن ما رأيته هنا مختلف تماما. رالي الصداقة هو لقاء إنساني قبل أن يكون حدثا رياضيا، فقد جمعتنا الابتسامة في بوسعادة، والكرم في حمام البيبان، والحماس في العاصمة."
وأضاف عباس: "كان من الرائع أن نرى الجزائر تظهر للعالم وجهها الحقيقي: بلد الأمن، والضيافة، والتنوّع. هذا الرالي، بتنظيمه المحكم وبروح التضامن بين المشاركين، يثبت أن الرياضة يمكن أن تكون أداة دبلوماسية ناعمة لنشر السلام والتفاهم."
وختم نور الدين درويش حديثه بالقول: "رالي الصداقة ليس مجرد سباق على الطرقات، بل رسالة حضارية من الجزائر إلى كل العالم. هو دعوة لاكتشاف البلاد من الداخل، والتعرّف على إنسانها الطيب وطبيعتها الأخاذة."
نحو وجهة سياحية واعدة
يشكل رالي الصداقة 2025 أكثر من مجرد تظاهرة رياضية؛ فهو أداة فعالة لتحفيز السياحة في الجزائر، من خلال إبراز التنوع الجغرافي والثقافي الذي تزخر به البلاد.
وقد مكّن المشاركين الأجانب من اكتشاف روعة المناظر الممتدة من العاصمة إلى الصحراء، والتعرّف على ثراء التراث المحلي في مدن مثل بوسعادة والمسيلة وحمام البيبان.
ويرى المنظمون أن هذا الحدث يساهم في الترويج للوجهات الجزائرية كخيار مفضل لعشاق السياحة المغامراتية والثقافية، حيث تمتزج التجربة الرياضية بالاكتشاف والتفاعل الإنساني.
كما يعكس الرالي صورة الجزائر كبلدٍ منفتح وآمن، قادر على احتضان الزوار وتقديم تجربة سياحية أصيلة تنبض بالحياة والتنوع.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال