وضع مهدي عبيد شارف مدير التحكيم بالاتحاد الجزائري لكرة القدم، رئيسه وليد صادي في موقف محرج للغاية، بسبب قراره "الأحادي" بإبعاد ما يقارب أربعين حكما دون سبب مقنع، ما أفضى إلى احتجاج العديد منهم على ما وصفوه بـ "الإجراء الظالم" الذي مسّ بسمعتهم وشخصيتهم.
بالرغم من تصحيح وليد صادي، وهو رئيس لجنة التحكيم أيضا، مسار مهدي عبيد شارف، في بداية الموسم المنصرم، حين أقدم الأخير على نفس الإجراء، المتمثل في إرساء "سياسة الإقصاء المباشر" لمجموعة من الحكام بمنعهم من المشاركة في الاختبار البدني، إلا أن مدير التحكيم أعاد "نفس الخطأ"، واختار إقصاء مجموعة من الحكام، منهم شبان، دون تمكينهم من اجتياز الاختبار البدني، ما ترتّب عنه "احتجاجا" جديدا للحكام، في سيناريو متكرر "مستنسخ" عن الموسم الماضي الذي شهد توجيه وليد صادي، وقتها، لأوامر واضحة وصريحة لمدير التحكيم تقضي بإعادة "إدماج" هؤلاء وتمكينهم من إجراء الاختبار البدني، مؤكدا أيضا أن قرار "المنع" المنتهج من طرفه (عبيد شارف) تتعارض مع سياسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
واللافت للانتباه في "إسقاط" مهدي عبيد شارف لأي معايير واضحة وموضوعية عن قراره، شعور الغضب المتنامي لدى الحكام بسبب "تسويق" دائرة صناعة القرار على مستوى مديرية التحكيم، حسب ما نقلته مصادر "الخبر" من عدة حكام، لمعلومات غير صحيحة إطلاقا، تفيد بأن ثمة "ملفات تأديبية" تدينهم وبأنها موجودة على مستوى لجنة النزاهة، رغم أن رئيس قسم النزاهة نفسه نفى ذلك للحكام المطرودين.
وأمام تحوّل مجرد "قرار أحادي" بالطرد إلى قضية مبدأ تتعلق، ليس بالمطالبة بحق إجراء الاختبار البدني إنما بالدفاع عن الشرف، فقد تنقل عديد من الحكام إلى مقر "الفاف" للاحتجاج على مهدي عبيد شارف، الأمر الذي جعل رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، حسب مصادر "الخبر"، يقرر تنصيب "لجنة إصغاء" للاستماع إلى طرح الحكام الغاضبين، من منطلق أن سياسة "الإقصاء المُريب والمتكرر" من جانب مهدي عبيد شارف، أصبحت تهدد مصداقية الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
واستقبلت لجنة الإصغاء، أمس، حسب ما أوضحته مصادر "الخبر"، تسعة حكام، ما بين حكام فدراليين وحكام ما بين الجهات، منهم حكام مركزيون وآخرون مساعدون، وتم الاستماع إلى كل واحد منهم على حدة، مع التأكيد على مسامعهم بأن توجيهات رئيس "الفاف"، وليد صادي، تندرج في سياق "طرح الانشغال والمآخذ" بكل حرية ودون خوف، حتى وإن كانت الحقائق صادمة.
وما لفت انتباه أعضاء اللجنة أن مطلب أغلب الحكام لم يرتكز على مجرد "شكوى" من الإقصاء غير المبرر، إنما اندرجت المداخلات حول التعبير عن الاستياء والغضب من تداول معلومات غير صحيحة وبطريقة غامضة ومهينة، مفادها أن ثمة "ملفات تأديبية" ضد الحكام المطرودين، بشكل جعلت صورتهم تهتز لدى الرأي العام والمقربين منهم، مؤكدين بأن ما يحدث على مستوى لجنة التحكيم من ممارسات ظالمة وتفضيلية غير مسبوق وغير مقبول.
ولأن الفصل بين قرار عبيد شارف وبين مطالب الحكام تحدده الحجة والدليل، فقد استعرض بعض الحكام لسيرتهم الذاتية في مجال التحكيم خلال العشرين سنة الأخيرة، والتي تخلو من أي عقوبة أو مساءلة أو أخطاء تحكيمية أو شبهات فساد، حتى أن أحدهم، حسب ما ذكره لأعضاء لجنة الإصغاء، كان مرشحا الموسم الماضي لنيل الشارة الدولية، ليجد نفسه، في الموسم الحالي، مطرودا، ليضيف آخر بأنه لم يتوقع إطلاقا أن يمارس عليهم مدير التحكيم، حسب مصدر "الخبر" دائما، أبشع صور الحقرة وهو (عبيد شارف) الذي عانى من نفس الممارسات حين كان حكما.
وأمام الضمانات التي قدمها رئيس "الفاف" للحكام، عن طريق أعضاء لجنة الإصغاء، بالتعبير بكل حرية ودون تحفظات، فقد صبّت "مآخذهم" على عبيد شارف وعلى أعضاء هيئته، في سياق "الكيل بمكيالين"، مؤكدين أن "قراراته الظالمة"، حسبهم، تستثني من يملك "نفوذا"، وتحمي "الحكام المؤثرين" عليه، بما يفسر اليوم هذا "الانزلاق" الذي تتحمل "الفاف"، قسرا، تبعاته.
وأمام تأكيد الحكام التسع على أن "مسؤولهم المباشر، مهدي عبيد شارف، يميل إلى "العصبية" حين يهم أحدهم بفتح باب النقاش معه على ما يعتبره "إجحافا" في حقه، وبأن طريقة تعامله مع حكام آخرين من مقربيه تكون مختلفة، فقد جعلهم ذلك يقتنعون بأن مدير التحكيم الفاقد حتما للحجة، يميل إلى الانفعال غير المبرر لتفادي المواجهة، وهو بذلك، حسب ما نقلته مصادر "الخبر" عن مقربين من الحكام، يصرّ على السير في نهج قرارات "تعسفية" تقضي بإقصاء من يريد إقصاءه والإبقاء على من يريد الإبقاء عليه وترقية من يختار ترقيته.
وبرغم تأكيد الحكام على أنهم فهموا رسالة عبيد شارف وتقبلوها على مضض، إلا أن إلحاق الطرد بالضرر المعنوي دون وجه حق، جعلهم يصرون على تقديم الاحتجاج وبصفة رسمية للاتحاد الجزائري لكرة القدم، حتى أن حرص رئيس "الفاف" على الاستماع إليهم اعتبروه نوعا من إعادة الاعتبار، حسب ما ذكره البعض منهم أمام أعضاء لجنة الإصغاء، كون ذلك، حسب مصدر "الخبر"، قادهم إلى الاقتناع أكثر بأن ممارسات عبيد شارف لا تعكس على الإطلاق سياسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
وقد رفع أعضاء "لجنة الإصغاء" تقريرا مفصلا عما دار من نقاش مع الحكام إلى الرئيس وليد صادي للاطلاع عليه قبل اتخاذ القرار "المناسب والعادل"، وهو قرار وجَب أن يقطع الشك باليقين بأن "الفاف"، بسياستها وفلسفتها، لا تسير في نفس نهج مدير تحكيمها، مثلما سبق للرئيس وليد صادي التأكيد عليه، الموسم المنصرم، مع حكام آخرين تعرضوا للطرد غير المبرر من مدير التحكيم وتدخل وقتها شخصيا لتصحيح المسار الفضيحة الجديدة لسلك التحكيم ستدفع رئيس "الفاف"، قطعا، إلى إعادة النظر في "الثقة" التي وضعها في شخص عبيد شارف، بل وفي القرارات التي يتخذها وتثير على الدوام جدلا
وترفع كل يوم أصوات تعبّر عن الظلم والتمييز، حيث ستشكل قائمة الحكام الدوليين المقرر اعتمادها وإرسالها إلى الفيفا يوم 5 أكتوبر المقبل، محور نقاش بين الرئيس صادي ومدير التحكيم عبيد شارف، خاصة بعد تداول أخبار على نطاق واسع بأن "المحاباة" قد تكون حاضرة بقوة في بعض الاختيارات.
وقد استدل الحكام الغاضبون من ممارسات مدير التحكيم بإصرار الأخير على "تغييب" المعايير الموضوعية في أي قرار يتخذه ويرفض تحمّل تبعاته ثم يلقي باللوم، خفية، على "الفاف" للتنصل من المسؤولية، ما قادهم إلى قناعة راسخة أن ثمة "نية مبيّتة" من جانب مدير التحكيم في تجريد بعض الحكام من الشارة الدولية لعام 2026 لمنحها لآخرين، بما سيُحوّل أي "قرار ظالم" جديد محتمل إلى قطرة ستفيض، قطعا، كأس غيظ الحكام.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال