بالمستوى المميز الذي قدّمه المنتخب الوطني الجزائري، أمس، أمام المنتخب السعودي، وبالفوز المستحق بثنائية رياض محرز ورفيق بلغالي، عاد "الخضر" من جديد لارتداء ثوب المرشّح للتتويج في نهائيات كأس أمم إفريقيا القادمة بالمغرب.
أداء جماعي مُقنع، انسجام واضح بين الخطوط، فرديات لامعة، وتنظيم محكم… كلها مؤشرات أعادت تشكيل صورة منتخب تعافى من كبواته الماضية وبات قادرا على المنافسة بقوة، وهو ما ذهبت إليه تصريحات القائد رياض محرز بعد مباراة أمس، والذي أكد أن المنتخب يسير في الطريق الصحيح، وأن الهدف واضح: الذهاب إلى المغرب من أجل المنافسة على التاج القاري، وهو التوجه ذاته الذي ذهبت إليه تصريحات بقية زملائه، ريان آيت نوري وجوان حجام، التي شددت على أن الثقة صارت كاملة بالقدرة على تحقيق "النجمة الثالثة".
وبالعودة إلى مواجهة السعودية، وبعد دقائق أولى معقدة، شهد نسق "الخضر" أداء متصاعدا امتد لغاية صافرة النهاية، المنتخب الوطني أبان عن هوية لعب متوازنة تجمع بين الجرأة الهجومية حتى في حالة التفوق في النتيجة (البحث عن هدف ثالث رغم تسجيل هدفين) والانضباط الدفاعي.
وكان لافتا قدرة اللاعبين على خلق الفرص والوصول المتكرر إلى مرمى السعودية، بالتوازي مع تضييق المساحات على المنافس الذي لم يشكل خطورة حقيقية إلا في حالات نادرة، عكست عملا تكتيكيا واضحا من الناخب الوطني، فلاديمير بيتكوفيتش، وطريقة مميزة في تسيير وإدارة المباراة.
المخاوف التي كانت تثار كل مرة بخصوص أداء الخط الخلفي تبددت أمس أمام منافس محترم، حيث خطف زين الدين بلعيد الأضواء للمرة الثانية تواليا، بقدرته على افتكاك الكرات وقراءة اللعب تحت الضغط، ليمنح "الخضر" ثباتا كبيرا.
وإلى جانب زين الدين بلعيد، أكد مدافع نادي أف سي باريس، سمير شرقي، مجددا أنه مكسب مهم للمنظومة الدفاعية، سواء بصلابته أو بقدرته على إخراج الكرة بسلاسة وحتى في التحولات الهجومية، ما أعطى نفسا إضافيا لدفاع المنتخب الذي قاده، دون خطأ، عميد المنتخب عيسى مندي.
هذا التماسك الدفاعي تبقى تشوبه بعض النقائص على أداء الحارس ڤندوز، خصوصا في طريقته اللعب بالقدم.
كما أظهر المنتخب جودة في الفرديات لم تكن متاحة منذ سنوات، بفضل مزيج من الخبرة والموهبة. وجود لاعبين مخضرمين مثل محرز وعوار وبونجاح، إلى جانب مواهب شابة مثل حاج موسى وقبال ومازة، دون أن ننسى الهداف عمورة، منح المنتخب تنوعا في الحلول ومرونة أكبر في الأداء.
وهذا الثراء في التعداد والخيارات، بيتكوفيتش يدركه جيدا، وهو الذي تحدث، خلال الندوة الصحفية، التي أعقبت المباراة، عن القائمة الموسعة التي تضم 55 لاعبا والتي سيتم تقليصها إلى 23 لاعبا قبل النهائيات، إلا إذا سمحت "الكاف" بزيادة العدد إلى 26 أو 27 لاعبا.
وقد أقر بيتكوفيتش، بالمناسبة، بصعوبة الاختيار، مؤكدا أن معيار الجدارة هو الوحيد المعتمد، وأنه لا يخضع للضغوط أو لإملاءات أي جهة (بدا تلميحا للانتقادات التي رافقت استدعاءه زروقي)، مشددا على أن وديتي زيمبابوي والسعودية قدمتا له معطيات مهمة، رغم أنه لم يحسم القائمة النهائية بعد بسبب احتمال الإصابات والطوارئ.
وأوضح الناخب الوطني، بالمناسبة، أن لاعبيه الناشطين في البطولات الخليجية سيخضعون لتحضيرات خاصة، بحكم توقف المنافسة هناك، متمنيا أن تبتعد الإصابات عن أشباله قبل نهائيات "الكان" التي سيحضّر لها بمباراة ودية أخيرة، قبل السفر إلى المغرب.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال