تجد إدارة شباب بلوزداد نفسها في قلب أزمة معقدة، بعد أن تحوّل ملف المدرب البوسني سيد راموفيتش إلى قنبلة موقوتة تهدد استقرار النادي على المستويين: المالي والرياضي.
فالهزيمة القاسية أمام أوتوهو الكونغولي أمس السبت برباعية كاملة لم تفضح فقط محدودية المدرب فنيًا، بل أعادت إلى الواجهة سلسلة من الأخطاء التسييرية التي تورطت فيها الإدارة السابقة بقيادة مهدي رابحي، حين منحت راموفيتش عقدًا طويل الأمد يمتد لثلاثة مواسم وبراتب ضخم يبلغ 40 ألف يورو شهريًا، والأدهى أنه لم يحمل أي أهداف محددة أو ضمانات تحمي النادي.
هذا العقد المبالغ فيه من حيث المدة والمقابل المادي جعل مستقبل الفريق معلقًا، لأن فسخه من طرف واحد، وهو مطلب الجمهور والمحبين حاليا، سيُلزم النادي بدفع تعويضات مالية قياسية بالعملة الصعبة على امتداد الفترة والسنوات المتبقية بغض النظر عن النتائج المسجلة.
ما يزيد الوضع تعقيدًا أن مساعدي راموفيتش، من المساعد الأول البوسني إلى المحضر البدني التونسي ومحلل الأداء الجنوب إفريقي، مرتبطون بدورهم بعقود طويلة المدى، ما يعني أن الاستغناء عن الطاقم الفني كاملًا سيكلف مبالغ إضافية معتبرة.
وقد استغل راموفيتش، بحسب مصادر داخلية، هشاشة التسيير وغياب الرقابة والرؤية حتى لا نقول سذاجة الإدارة، خلال نهاية الموسم الماضي، حيث روّج بمعية لاعبين من الفريق وأحد الإداريين إشاعات مفادها أنه مطلوب في أندية محلية على غرار اتحاد العاصمة، مع إمكانية أن يرافقه لاعبون في حال تم ذلك، هذه الضغوط المفتعلة دفعت الإدارة ومعها رئيس المجمع السابق، شرف الدين عمارة، إلى التجديد له ورفع راتبه دون دراسة متأنية رغم أن عقد راموفيتش آنذاك كان يمتد لموسم إضافي دون أي ضرورة لإقحام الفريق في التزامات جديدة.
ورغم الإخفاقات الرياضية التي رافقت نهاية الموسم الماضي وفشل راموفيتش في قيادة الفريق نحو المشاركة رابطة أبطال إفريقيا ومعها خسارته نهائي كأس الجزائر، تمكن المدرب البوسني من فرض سيطرته على ملف الانتدابات الصيفية، فسرح لاعبين واستقدم آخرين وفق رؤية أثارت الكثير من الشكوك، خاصة أن عددًا من اللاعبين الجدد يتعاملون مع نفس وكيل أعماله. ومنه اللاعب محمد علي بن حمودة، الذي كلف انتدابه من نادي غزل المحلة المصري 550 ألف يورو (تدفع على 3 أجزاء) وفريقه يطالب حاليا بالجزء الثاني، وهو مبلغ اعتبره غير معقول ولا منطقي بالنظر إلى المستوى الفني المتواضع للاعب، بدليل أنه فقد مكانته الأساسية سريعا لصالح المهاجم بوصوار القادم من الرديف.
وشباب بلوزداد متورط حاليا مع المدرب راموفيتش وطاقمه ومع المهاجم التونسي بن حمودة ونفقاته وأيضا مع الصفقات "الألبانية" المثيرة للجدل، اللاعبان رودون غيجا وإيريك تشكيشي مرتبطان بعقود تمتد لموسمين وبراتب سنوي ضخم يفوق 9.2 مليارات سنتيم للأول و8.9 مليارات للثاني، رغم أن الأول الذي ضغط راموفيتس بقوة على الإدارة لأجل انتدابه، أثبت في كل ظهور أنه بعيد عن مستوى المنافسة ولا يملك مستوى الأقسام الدنيا في الجزائر.
يضاف إلى كل هذا صفقة المدافع يونس واسع، الذي طلبه المدرب تحديدًا من أقبو، فقد أصبح خارج الحسابات تمامًا بعد أسابيع قليلة فقط من التحاقه بالفريق، ما يعكس حالة من الاختلال في القراءة الفنية للمدرب على غرار الاختلال الذي ظهر على تحضيره وإدارته الفنية في المباريات.
وتشكّل الهزيمة الأخيرة أمام فريق أوتوهو، فريق غير مصنف لم يبدأ الموسم الكوري في بلاده، وفي مباراة كانت محسوبة على الورق لصالح الشباب، آخر حلقات سلسلة الانهيار، إذ تحولت المطالب بإقالة المدرب إلى إجماع جماهيري، في وقت يدرك فيه الجميع أن التخلص من راموفيتش لن يكون بالسهولة المطلوبة بسبب العقد الثقيل الذي وقعه رابحي وكبل به النادي.
وبين رغبة الأنصار وإكراهات الواقع المالي والقانوني، يبدو أن شباب بلوزداد غارق في ورطة صنعتها قرارات متسرعة وتسيير عشوائي، فيما يبقى السؤال المطروح: كيف سيجد الفريق الطريق للخروج من هذا النفق دون دفع ثمن قياسي؟

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال