+ -

باشرت مصالح الأمن، أمس، حملة ضد تجار العملة في السوق السوداء على مستوى ساحة بور سعيد “السكوار”، ولجأت الشرطة بصفة فجائية إلى توقيف مجموعة من الشباب الممارسين لهذا النشاط وحجز الأموال التي كانت بحوزتهم، بينما تمكن آخرون من “الفرار”. تفاجأ “تجار” العملة الصعبة بسوق “السكوار” بقوات الأمن الوطني وهي تباشر عمليات التوقيف، لتؤكد على إطلاق الحكومة عملية لتطهير السوق الوطنية من هذه الممارسات غير القانونية، لاسيما وأن النشاط الموازي لبيع العملة الصعبة استمر لعدة سنوات على مرأى من السلطات العمومية، على الرغم من سعي الحكومة لوضع برنامج للقضاء على التجارة الموازية.وتؤكد هذه العملية على مساعي الحكومة لتطبيق توجيهات الوزير الأول، عبد المالك سلال، في حين أشار إلى تداول ما معدله 3700 مليار دينار في القنوات غير الرسمية، وهي الكتلة النقدية التي تفوق ضعف الأموال المتداولة بصفة قانونية، على أن الأزمة المالية التي تفرضها معطيات انهيار أسعار المحروقات في السوق العالمية، أدت إلى “إعلان” حكومة سلال “الحرب” على التجار الفوضويين للعملة الصعبة، بصرف النظر عمن يقف وراءهم، على اعتبار أن الحكومات المتعاقبة عجزت عن مواجهة هذه الظاهرة، على الرغم من أن الخبراء شددوا مرارا وتكرارا على خطورتها على الاقتصاد الوطني.وتمثل الخطوة الجديدة للحكومة على الانطلاق في تطبيق الإجراءات الرامية لاسترجاع الأموال، ومحاربة التعاملات النقدية بفرض استعمال الصكوك أو التحويلات البنكية في كل المعاملات التي تفوق أو تساوي 100 مليون سنيتم، الذي كانت “الخبر” السبّاقة في الكشف عنها، على أساس مواجهة كل ممارسات “الشكارة” وكل ما تعلق بها من ضرر للاقتصاد الوطني، أو التصدي لتهريب وتبييض الأموال.  وتجدر الإشارة إلى أن القضاء على السوق السوداء للعملة من شأنه التأثير في أسعار الصرف بشكل محسوس، بالنظر إلى حجم الكتل النقدية المتداولة على مستواها من جهة، ومن جهة أخرى بسبب لجوء غالبية المواطنين إليها لشراء مختلف أنواع العملات العالمية، وفقا لبورصة وأسعار متفق عليها من قبل كل التجار بطريقة “عرفية”، في وقت يستدعي إجراء القضاء على السوق الموازية للعملة إيجاد الحكومة لتدابير بديلة، كما هو الشأن بالنسبة لمكاتب وشبابيك الصيرفة على مستوى البنوك المعتمدة.  ويمثل سوق العملة الصعبة بساحة “السكوار” أكبر الفضاءات التي يتم على مستواها تداول العملات الأجنبية بيعا وشراء مقابل الدينار، على الرغم من التدابير المعتمدة من قبل السلطات العمومية في مواجهة أن الأسواق الفوضوية للألبسة والمواد الغذائية كثيرا ما شنت عليها مصالح الأمن حملات لطرد الباعة الفوضويين.              تشكل بديلا للبنوك واعتمدت مقاييس البورصاتسوق العملة الموازية تتراوح ما بين 1.5 و2 مليار دولار قدّر مصدر مالي لـ”الخبر” قيمة العملة الصعبة المتداولة في مختلف الأسواق الموازية، بما في ذلك سوق العملة “السكوار” بالعاصمة، ما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار سنويا، مشيرا إلى أن الأسواق الموازية شكلت بديلا  للمواطنين والمتعاملين في غياب سياسة صرف مضبوطة وتتسم بالليونة وبضعف كبير لعلاوة السفر المقدرة بـ130 أورو سنويا.وأضاف نفس المصدر أن هنالك صعوبة كبيرة لتقدير دقيق للأموال التي يتم تداولها في هذه الأسواق، حيث تستخدم موارد مالية متأتية من تحويلات المغتربين الجزائريين والمتعاملين الأجانب والجزائريين ومن عدة أطراف أخرى، وهي تشكل بذلك بديلا عمليا في الواقع، في غياب دور للبنوك وفي ظل الجمود الذي يعتري سياسة الصرف المنتهجة من قبل بنك الجزائر، إضافة إلى حجم الاقتصاد الموازي الذي يمثل نصيبا معتبرا من  النشاط الاقتصادي في البلاد.وقد عرف سوق العملة الموازية تطورا في ظل عجز السلطات العمومية على إيجاد البديل وتقديمه، فضلا عن عدم الثقة في البنوك وعدم اعتماد مكاتب الصرف منذ اعتماد القوانين التي تسمح بذلك منتصف سنوات التسعينات، استنادا إلى التعليمة رقم 08/96 الصادرة بتاريخ 18 ديسمبر 1996 التي تحدد شروط وآليات فتح مكاتب الصرف وسيرها، ولكن ضعف الهوامش المعتمدة والتي تقدر بـ1 في المائة لا تستقطب اهتمام المتعاملين في سوق العملة والذين يجنون هوامش ما بين 5 و8 في المائة كمعدل، وهو متوسط بعيد جدا عن الهامش الرسمي، ويعد سوق “السكوار” أحد الأسواق الرائجة في الجزائر، ولكنه ليس الوحيد المنتشر في العاصمة وفي المدن الأخرى، والتي تعمل بوظائف بورصة العملات شراء وبيعا، بقيمة تقترب من سعر الصرف الفعلي وقيمة الدينار مقابل العملات الرئيسية، ورغم تصريحات متكررة لوزراء المالية، فإن سوق العملة يظل واقعا في غياب البدائل الأخرى المقترحة وعدم قابلية تحويل الدينار باستثناء التعاملات التجارية، يضاف إليها تواضع قيمة علاوة السفر التي لا تسد حاجيات المسافر الجزائري ليوم واحد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات