الأزمة حطت والحكومة لم تمسك بقرون الثور

+ -

بين حكومة تحاول اللعب بالألفاظ بين استعمال مصطلح “ترشيد النفقات”، عوض الاعتراف صراحة بتنفيذ سياسة “التقشف” في مواجهة تهاوي أسعار المحروقات، وبين مؤشرات حول الاقتصاد الوطني تأخذ من يوم لآخر اللون الأحمر، هناك سؤال يدفعك دفعا لطرحه، هل بإمكان حكومة سيرت سنوات البحبوحة المالية أن تنجح في تسيير الأزمة؟على الحكومة أن تقول الحقيقة للشعب ؟ سؤال في صيغة جواب كان قد طرحه الأمين العام بالنيابة للأرندي، أحمد أويحيى، في سياق الإجراءات المتولدة عن تراجع مداخيل الدولة جراء تراجع أسعار النفط وتداعياتها على مطالب المواطنين، ورد الوزير الأول ضمنيا على ذلك بالقول: “إننا نقول الحقيقة للشعب الجزائري”، ويفهم من ذلك أن خطاب الحكومة يجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى المواطنين، ليس لأنه لم يصدر من مكبر الصوت أو لكون آذان الجزائريين لا تتلقف جيدا ما يتلى عليهم، وإنما لكون خطاب الحكومة غير مفهوم وغير مستقر على رأي. فتارة يحذر محافظ بنك الجزائر بأن الوضعية خطيرة والاحتياطيات تتآكل بفقدان 30 مليار دولار في ظرف سداسي، وتارة يخرج وزير المالية ليعلن أن الجزائر بمنأى عن الأزمة، ومرات أخرى يتحدث عبد المالك سلال أن ما تقوم به الحكومة هو “ترشيد نفقات” وليس “تقشفا”، بينما تدعو تعليمة للخزينة العمومية إلى وقف كل المشاريع التي لم تنطلق بعد وتم تجميد التوظيف وعدم تعويض المحالين على التقاعد.فمن يكذب على الآخر ؟ هل تكذب الحكومة على الشعب ؟ أم أن المعارضة هي التي تشوه خصومها في السلطة ؟ أم أن صدمة تهاوي أسعار النفط وتآكل مخزون احتياطي الصرف أخلطت الأمور ولم يعد غياب الحلول يغني عن الحديث عن بلوغ الأزمة مداها المخيف ؟ تكشف الأرقام أن كل المؤشرات الاقتصادية للبلاد أخذت من بين كل الألوان، اللون الأحمر، بعد تسجيل أكبر عجز في الميزان التجاري منذ 1963، وبعد تحول الدينار إلى “عملة قردة”. ولم يتوقف الأمر عند تراجع مداخيل المحروقات بنسبة 50 بالمائة، بعد ملامسة برميل النفط حدود ثلاثين دولارا، بل أيضا في عدم قدرة الحكومة على تخفيض نفقات تسيير الدولة المرتفعة جدا، على غرار فاتورة الاستيراد، والمراهنة على استرجاع أموال السوق الموازية التي ينظر إليها على أنها جزء من الحل، رغم أنها جزء من المشكلة الاقتصادية للجزائر.رئيس الحكومة سابقا، سيد أحمد غزالي، يرفض اتهام أسعار البترول بأنها وراء الأزمة، ويحمل المسؤولية للسلطة التي لم تنجح في بناء اقتصاد بديل للمحروقات، لكنه كلام ردده قبله وبعده كل من صعد إلى سدة الحكم، لكن ظلت الجزائر لا تصدر أي شيء خارج برميل النفط والغاز. وحتى وإن كان غزالي يتوقع الأسوأ في الأشهر الثلاثة المقبلة، فإن كل المؤشرات تقول إن الجزائر توجد في قلب الأزمة، خصوصا أن الحكومة لم تمسك لا بقرون الثور ولا برأس الخيط فيها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: