الثلوج تعيد الأمل لهواة التزحلق وعشاق أعالي تيكجدة

+ -

بعدما تأخرت عن موعدها المعتاد، عادت، مع بداية الأسبوع الجاري، الثلوج لتكسوا جبال جرجرة وتعيد إلى تيكجدة لونها الأبيض الناصع، ما جعل الزوار يأتون إليها من مختلف أرجاء الوطن لقضاء ساعات من الراحة والاستجمام بهذه المنطقة السياحية ذات الشهرة العالمية. رغم التساقط الكثيف للثلوج التي سدت حركة المرور في مختلف نقاط الطريق المؤدي إلى هذه المنطقة، الواقعة بأعالي مرتفعات جبال جرجرة على بعد 33 كيلومترا شرقي ولاية البويرة، غير أن حركة الوافدين إليها لم تتوقف منذ بداية الأسبوع الجاري، فقد تعذر على بعض العائلات التي زارت تيكجدة، يوم السبت الماضي، الوصول إلى المركب السياحي بسبب كثافة الحركة والتساقط المتواصل للثلوج، ما كاد يتسبب في غلق الطريق، فقد كانت تفتح بواسطة الكاسحات التي ظلت تعمل باستمرار.أما الوصول إلى غاية منطقة “آسوال” أين يوجد ملعب كرة القدم، فقد أضحى إلى غاية الساعة أمرا مستحيلا بعدما فاق سمك الثلوج المترين، حسب مصادر عاملة في المنطقة. والملاحظ هو أنه رغم تعدد الولايات التي قدم منها الزوار، غير أن العاصميين هم الأكثر تواجدا في المكان، حتى أن بعضهم استأجروا غرفا بمجرد علمهم مسبقا بقدوم الاضطراب الجوي ومكثوا في المكان إلى أن اكتست المنطقة بالثلوج، كالسيد أحمد الذي قصد المكان رفقة أفراد عائلته، الذي أكد لنا بأنه قضى نهاية الأسبوع ليلتين جد ممتعة، وهو يتابع تساقط الثلوج حتى خيّل له وكأنه كان في سيبيريا، وبذلك عاش رفقة أفراد عائلته الصغيرة تجربة وصفها بالفريدة من نوعها.أمّا محمد القادم من حي بلوزداد بالعاصمة، فقال إنه يعرف تيكجدة مثلما يعرف حيّه، فهو من هواة التزحلق على الثلج، وأشار إلى أنه سيعود ثانية ليمارس هوايته المفضلة رفقة مجموعة من أصدقائه. وفي الساحة المقابلة لفندق تيكجدة، صادفنا عشرات العائلات وهي تلعب بالثلج.المشهد نفسه وقفنا عنده في الطريق قرب الحنفية المحاذية للطريق المؤدي إلى المركب السياحي، أين انتشرت العائلات تحت أشجار الأرز التي اعتلتها قردة “الماقو”، فأضفت على المكان نكهة خاصة جلبت إليها انتباه الكبار والصغار. وأثناء حديثنا إلى بعضهم، لم يخفوا إعجابهم بالمكان الذي يعتبر من أجمل المناطق السياحية الجبلية في البلاد.الإرهاب عاث في تيكجدة فسادا والسلطات همشتهاخلال فترة الاحتلال الفرنسي وإلى غاية بداية التسعينات، كانت تعتبر منطقة تيكجدة من أهم المعالم السياحية العالمية، فقد كان يقصدها السيّاح من مختلف أرجاء العالم، لاسيما هواة التزحلق على الثلوج الذين كانوا يأتونها من أوروبا. وما كان يجذبهم إليها، هو كثافة أشجار “الأرز” التي تتخذ أغصانها شكل مظلات، وانتشار “الشاليهات” الخشبية الملائمة لتضاريس المنطقة، ووجود المصاعد الميكانيكية، وفندق حديث يتوفر على غرف راقية ومسبح، وهي المرافق التي لا يمكن أن يستغني عنها هواة السياحة الجبلية، إذ لا يمكن أن نتحدث عن ممارسة رياضة التزحلق على الثلج، في ظل عدم وجود المصاعد الميكانيكية. وللأسف، فقد انقطعت زيارات السياح الأجانب إلى المنطقة بعدما اقتحمتها العصابات الإرهابية مع بداية تدهور الأوضاع الأمنية في بداية التسعينات، فأحرقت الفندق وخربت المصاعد الميكانيكية واغتالت بعض العمال. وأدت تلك الأوضاع إلى إحراق نسبة كبيرة من الغطاء النباتي واختفت مساحات معتبرة من غابات الأرز، من بينها أشجار تعدى سنها المائة سنة، ففقدت بذلك تيكجدة جمالها ورونقها. وبعدما عاد الأمن إليها، سجلت بها عدّة مشاريع تنموية، فقد تم إعادة ترميم الفندق المحترق الذي أصبح يتسع لـ150 سريرا، وأعيد فتح دار الشباب التي تضم 40 سريرا وبعض الشاليهات، بها هي الأخرى 40 سريرا، وكذا المركز الوطني للتسلية والرياضة الذي يتسع لـ200 سرير ويتوفر على عدة مرافق رياضية.وحسب مدير المركز، مزياني إسماعيل، فإن هذا الأخير مفتوح للرياضيين والمواطنين، لاسيما العائلات. وحول أسعار الإقامة في المركز والمؤسسات الأخرى، فهي معقولة، وتتراوح بين 1500 و1800 دينار. أما بالنسبة للرياضيين، فالسعر هو 3500 دينار، مع الاستفادة من كل المرافق الرياضية.وحول إقبال الزوار على تيكجدة، أشار المصدر ذاته إلى أن الإقبال يكون كبيرا خلال عطلة نهاية الأسبوع، وكل الغرف تحجز خلال احتفالات رأس السنة. كما استفادت المنطقة خلال السنوات الأخيرة من مرافق أخرى، فقد تم بناء مركز للحماية المدنية ومسجد.  غير أن سكان المنطقة عبّروا لنا عن استيائهم من سياسة التهميش التي انتهجتها السلطات المركزية تجاه لؤلؤة جبال جرجرة، فهم يتساءلون كيف أمكن تزويد بعض المدن بوسيلة “التريفيريك”، في حين لم تفكر هذه السلطات في إعادة الاعتبار لهذه المنطقة بإعادة المصاعد الميكانيكية التي لا يمكن الاستغناء عنها في المناطق السياحية الجبلي، علما بأن وزير الشباب والرياضة السابق الهاشمي جيار، ومن بعده محمد تهمي، كانا قد وعدا بإنشاء هذا النوع من المصاعد، غير أن وعودهما لا تزال مجرد كلام وقد لا تتجسد مع انتهاء فترة البحبوحة المالية.إيرادات مالية ضخمة ضائعةيؤكد الخبراء الاقتصاديون بأن ولاية البويرة على وجه الخصوص، تضيّع إيرادات مالية ضخمة بسبب إهمالها لمنطقة تيكجدة وعدم استثمارها فيها، رغم مؤهلاتها السياحية الضخمة التي لو استغلت بطريقة صحيحة، يمكنها أن تنشط كل الولاية سياحيا وتجاريا.فتيكجدة ليست جبالا وثلوجا فقط، فهي تنتمي إلى الحظيرة الوطنية لجرجرة التي تعيش فيها أنواع مختلفة من الحيوانات، كالقردة والذئاب وابن آوى والثعالب والضباع والقطط الوحشية والنمس... والطيور كالنسر الملكي الذي يبلغ طول جناحه مترا و20 سم، وأنواع مختلفة من النباتات، وهي غير بعيدة عن مرتفعات آغبالو وآكفادو التي لا تختلف عنها جمالا، وفي أسفلها يوجد حوض سد “تلسديت”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات