أقلام الخبر

الأمّة الجزائرية.. جذور راسخة في عمق التاريخ

أمة تعلمت من الصحراء الصبر، ومن البحر الانفتاح ومن الجبال الصمود.

  • 936
  • 1:23 دقيقة

إن الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت.. بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد.. في لغتها وفي أخلاقها وفي دينها.. بهذه الكلمات لخص العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، رحمه الله، جغرافيا وتاريخ الجزائر الأبية المقاومة.

الأمة الجزائرية ليست كيانا ولد بالأمس، ولا رقعةً استحدثت على هامش الجغرافيا.. بل هي جذور ضاربة في عمق الأرض وأغصان سامقة تلامس صفحات المجد.

من طاسيلي ناجر التي نقشت الإنسان الأول، إلى مملكة نوميديا التي أنجبت يوغرطة وماسينيسا، ومن مقاومة الأمير عبد القادر إلى ثورة أول نوفمبر التي زلزلت أركان الاستعمار.. كانت الجزائر دائما أمة لا تشترى ولا تُستأصل، لأن ترابها مشبع بالتاريخ، وذاكرتها محفورة في الحجر والزيتون والبندقية.

ليست الأمة الجزائرية مجموعة قبائل عابرة، ولا تركيبة عرقية ظرفية، بل نسيج حضاري امتد لآلاف السنين، تعاقبت عليه الحضارات، لكنها لم تذب فيه الهوية، بل زادته ثراء وتماسكا.

هي أمة تعلمت من الصحراء الصبر، ومن البحر الانفتاح ومن الجبال الصمود. أمة تكتب تاريخها بمداد الدم واللغة والكرامة، وتحتفظ بذاكرتها في كل أغنية شعبية، وفي كل قصبة، وفي كل مئذنة ترتفع شاهدة على البقاء.

فالجزائر لم تكن يوما وليدة الصدفة، بل ابنة الإرادة.. إرادة شعبٍ يزرع في كل موسم بذرة حرية، ويقطف في كل جيل ثمرة كرامة.

والجزائر لم تكن، ولن تكون، يوما طارئة، بل ضاربة في عمق التاريخ كاتبة فصوله بتضحيات جسام لا يمكن أن يفهمها من لم يشهدها أو يتذوق مرّها، فكانت قبلة للثوار والأحرار، تصنع الانتصار للقضايا العادلة في العالم وممانعة للظلم والطغيان زارعة للشهامة والكرامة في زمن قلّت فيه الرجولة والنخوة، مسالمة من يسالمها ومغالبة لمن يغالبها والجزائر ستبقى الجزائر.. قبلة للثوار، ويبقى السؤال على من ليس بقبلة وبلا قبلة.