أقلام الخبر

المخزن وفشله الأمريكي

تضمّن نص القانون - حسب بيان أصدره رئيس مجلس الشيوخ السيناتور باتريك ليهي - تشبّث الكونغرس الأمريكي، مثله مثل الأمم المتحدة، بعدم الاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربي.

  • 1549
  • 4:05 دقيقة

رغم محاولات نظام المخزن التأثير على الموقف الأمريكي بشأن الاحتلال غير الشرعي لأراضي الصحراء الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي منذ انسحاب إسبانيا قبل نصف قرن، يُراكم المغرب الإخفاقات المتتالية التي تهدف إلى توظيف دعايته الاستعمارية لفرض مخططه الاستعماري على حساب القانون الدولي الذي يقتضي اللجوء إلى استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي.


وبعد أن تم استدراجه بتغريدة دونالد ترامب الشهيرة في ديسمبر 2020، قبل أيام قليلة من مغادرته البيت الأبيض، بهدف الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، ثم التحول إلى مستعمرة صهيونية، كما يتضح اليوم من تورط الرباط في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، من خلال إرسال مقاتلين وإمدادات وقود للسفن التي تحمل أسلحة للجيش الصهيوني، كان المغرب يعتزم التأثير على موقف واشنطن ودفع إدارة ترامب إلى اتخاذ إجراء، من خلال الاعتراف باستعمار أراضي الصحراء الغربية، مع إعلان الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، جبهة البوليساريو "منظمة إرهابية" مرتبطة بإيران.


لكن دون جدوى، وكان أن كذّبت سوريا، عبر إعلامها الرسمي، وجود مقاتلين صحراويين على أراضيها. وهذا ما كذّبه أيضا الدبلوماسي الأمريكي جون بولتون، الممثل الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة والمستشار الأمني السابق خلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى.
وأكد بولتون في حوار له مع صحيفة "الأندبندنتي" اليوم الأحد 6 جويلية، أن الادعاءات القائلة بأن الصحراويين عرضة للدعاية الشيعية التي مقرها طهران، يُكذّبها الوجود الطويل للمنظمات الدينية وغير الحكومية الأميركية في المعسكرات والتي تقدم الخدمات التعليمية والطبية.


كما لا يعتقد الدبلوماسي الأمريكي أن المحتل المغربي سينجح في فرض مقترحه المتمثل في استعمار الأراضي الصحراوية على الكونغرس، قائلاً: "لا أعتقد أنه سيتم إقراره. إنه خطأ. حتى لو اعتمده مجلس النواب، فلن يعتمده مجلس الشيوخ. إنه مبني على أكاذيب مفادها أن البوليساريو تحالفت مع إيران وحزب الله وحماس، وهو أمر عارٍ عن الصحة تمامًا".
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الكونغرس الأمريكي لم يُدرج الصحراء الغربية تحت البند المتعلق بالمغرب في قانون المالية لسنة 2022 الذي وقّع عليه الرئيس جو بايدن، وهو ما يُفسر رفض الكونغرس الصريح للمحاولات الهادفة إلى انتهاك القانون الدولي في الصحراء الغربية.


وتضمّن نص القانون - حسب بيان أصدره رئيس مجلس الشيوخ السيناتور باتريك ليهي - تشبّث الكونغرس الأمريكي، مثله مثل الأمم المتحدة، بعدم الاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية، حيث تم تضمين المساعدة للصحراء الغربية في مكان آخر في القانون، في إطار مبادرة الشراكة الشرق أوسطية.


وأكد السيناتور باتريك ليهي - في البيان- أن الوضع السياسي للصحراء الغربية هو قضية يجب حلها بين الطرفين، وليس من قبل الكونغرس.


بعد المقال المنشور يوم الأربعاء 28 ماي في صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية، والمقابلة التي أجراها جون بولتون مع صحيفة "أوتراليكتورا" الإسبانية، والتي نُشرت يوم السبت 28 جوان، يعود جون بولتون هذا الأحد على صفحات الوسيلة الإعلامية الأيبيرية إلى فشل حل صراع إنهاء الاستعمار الوحيد المتبقي في القارة الإفريقية، ويعزو ذلك إلى نظام المخزن وسياساته التوسعية والضمّية والعدائية تجاه جيرانه مثل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والجزائر وموريتانيا. وأوضح بولتون قائلا "أعتقد أنه كان معرقلاً منذ البداية، بعد إنشائها عام 1991 كانت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) استثنائية لأنها كانت أول قوة حفظ سلام تُنشئها الأمم المتحدة منذ فترة طويلة وتضم عسكريين أمريكيين. ولسنوات عديدة خلال الحرب الباردة، لم يشارك أي عسكري أمريكي في عمليات حفظ السلام، كنا نعتقد أنها فكرة جيدة، كنا سنشارك، لكننا لم نرد أن يشارك الروس والصينيون في ذلك، ولكن مع نهاية الحرب الباردة اتُخذ قرار المشاركة". وأضاف بولتون أنه منذ 1991 وحتى نهاية إدارة بوش، اتفق الجميع على أن المغاربة لم يكونوا متعاونين، كما كان هذا هو الحال خلال السنوات الأربع الأولى من إدارة كلينتون.


ملخصا نوايا الاستعمار المغربي جيدًا، راح بولتون يقول "لهذا السبب ذهب عنان إلى بيكر أواخر عام 1996 وقال: "هذا الوضع لن يتغير"، وفكر في شخص مثل بيكر الذي كان معروفًا جيدًا لملك المغرب الحسن الثاني، لكنه استمر في محاولة التوسط وتوصل إلى اتفاق عام 1997 لإجراء الاستفتاء، لكن المغاربة عرقلوا ذلك أيضًا بعد موافقتهم عليه". وأضاف "إحدى طرق الحد من هذا الصراع المحتمل هي حل قضية الصحراء الغربية، أتذكر وجودي مع بيكر عام 1997 في أحد مكاتب الملك، كان مكتبًا كبيرًا جدًا. كانت لديه خريطة معلقة على الحائط وأبوابها تُغلق عادةً، لكنها كانت مفتوحة. أظهرت الخريطة ما يعتقدون أنه ينبغي أن يكون عليه المغرب. فلم يقتصر الأمر على المغرب فحسب، بل شمل أيضًا نصف الجزائر والصحراء الغربية وجزء كبير من شمال موريتانيا. هذا هو جوهر المسألة. إذا أمكن حل نزاع الصحراء الغربية ومسألة السيطرة على مواردها التعدينية والصيدية والسياحية، فقد يُسهم ذلك في تقليص، أو على الأقل تخفيف، النزاعات بين المغرب والجزائر.


الجدير بالذكر أن السيناتور الأمريكي السابق جيم إينهوف، العضو الجمهوري في لجنة الشؤون الخارجية، كان الأكثر دراية بالصحراء الغربية من أي عضو في مجلس الشيوخ. وقد أثار القضية مع ترامب في مناسبات عدة ودعّم بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) في تنظيم الاستفتاء.


فهل سيُنهي الرئيس ترامب أحد أطول النزاعات المستمرة في العالم، وبالتالي إنهاء الاحتلال المغربي غير الشرعي للصحراء الغربية؟. سؤال بات يطرحه عديد المراقبين الدوليين والمتابعين للملف الصحراوي، مع العلم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما ترشّح للرئاسة لأول مرة في عام 2016، غرّد عدة مرات منتقداً ما وصفه بفساد هيلاري كلينتون ومؤسستها، ودعا إلى "تجفيف المستنقع"، حينها اتُّهم ملك المغرب بـ "شراء" دعم كلينتون لاحتلال المغرب للصحراء الغربية.