أقلام الخبر

اللاعب كدّاد.. الخاسر الأكبر

تصرفه اعتبره متابعون للشأن الرياضي خرقا صريحا لقيم الروح الرياضية وأخلاقيات المنافسة.

  • 9142
  • 1:57 دقيقة

انتهت مباراة نهائي كأس الجمهورية، التي جمعت بين اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد، والشعب الجزائري يحتفل بعيد الاستقلال، بمشهد مؤسف، "خطف" الأضواء من فرحة التتويج، إذ أقدم لاعب شباب بلوزداد، شعيب كداد، على رفض مصافحة لاعبي ومسيري الفريق المتوج، في تصرف اعتبره متابعون للشأن الرياضي خرقا صريحا لقيم الروح الرياضية وأخلاقيات المنافسة.

 بعيدًا عن "قساوة" الهزيمة ومشاعر الإحباط التي ترافق الخاسر، فإن الروح الرياضية لا تعني فقط تقبّل الفوز والخسارة، بل احترام الخصم وتقدير المجهود المشترك الذي صنع لحظة رياضية راقية في أعين عشاق الكرة الساحرة، والتصرف الفردي الذي بدر عن اللاعب لا يُعبّر بالضرورة عن موقف الفريق ككل، لكنه يضرب في العمق الصورة التي نسعى لبنائها حول رياضة نظيفة وناضجة وراقية في الجزائر، في زمن باتت فيه الملاعب مرآة للقيم والمبادئ، يصبح كل سلوك فردي محل متابعة ومحاسبة، خاصة حين يكون على مرأى من ملايين المتابعين.

 والإعلام الرياضي لا يمكنه أن يمر مرور الكرام على مشاهد كهذه، لأنها تزرع ثقافة الانفعال بدل الانضباط، وتغذي عقلية الهروب من المسؤولية بدل تقبّل نتائج المنافسة بروح عالية. لقد قدم اللاعبون على أرض الملعب مباراة حماسية، لكن مثل هذه التصرفات تسحب من رصيد ما تم بناؤه، وتوجه رسالة سلبية للأجيال القادمة من الرياضيين. إنّ ما جرى أمام عدسات الكاميرا، لا يمكن أن يمرّ بصمت، لأنه يُشكّل إساءة إلى صورة اللاعب والرياضي الجزائري، في بادئ الأمر، ثم للروح الرياضية التي يفترض أن تسود ملاعبنا، إذ لا يُعقل أن تُختزل المنافسة في لحظة غضب أو خيبة، ولا يجوز أن نُبرر رفض المصافحة والانغلاق على الذات بانفعال الهزيمة.

 في مثل هذه المناسبات الوطنية التي تُتابَع من قبل جماهير عريضة داخل الوطن وخارجه، وبحضور أعلى سلطات البلاد، يتقدمهم رئيس الجمهورية، ينبغي أن يكون اللاعب قدوة في الخُلق قبل المهارة، وفي التواضع قبل الاحتراف.

 وما قام به كداد، سواء بدافع شخصي أو لحظة توتر، يُسيء إلى صورة النادي العريق، وإلى آلاف مناصريه الذين كانوا يتوقعون نهاية رياضية تُعبّر عن روح التنافس النظيف. إن الرياضة، خصوصا كرة القدم، ليست مجرّد صراع على الألقاب، بل هي ساحة لصقل القيم، وتعليم الأجيال معنى الفوز بشرف، والخسارة بكرامة. ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نطلب من إدارة شباب بلوزداد والهيئات الكروية المعنية التعامل الجاد والمسؤول مع مثل هذه التصرفات، سواء من خلال التوضيح، أو الاعتذار، أو التوجيه، بما يليق بتاريخ النادي وسمعة الكرة الجزائرية.

 نحن بحاجة إلى كرة نظيفة، ليس فقط من التلاعب، بل من الغرور، واللاعب الذي يرفض مدّ يده بعد المباراة، يخسر احترام الجميع، قبل أن يخسر اللقاء نفسه.