ثقافة

من أجل البقاء.. المخطوطات تنتقل من الرفوف إلى الشاشات

دعوة لحماية الهوية الثقافية من الضياع بلمسة الذكاء الاصطناعي.

  • 113
  • 2:20 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

اختتمت، مساء اليوم، فعاليات "الملتقى الوطني الثالث حول دور المكتبات في توثيق ورقمنة التراث الثقافي والترويج له"، الذي احتضنته المكتبة العمومية للمطالعة "مصطفى نطور" بقسنطينة، والذي جمع نخبة من الأكاديميين والخبراء، سلطوا الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المكتبات ومؤسسات الأرشيف في صون الذاكرة الوطنية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.

 بين المشاركون في هذا الملتقى، بوضوح، على أن المكتبات اليوم لم تعد مجرد مستودعات للكتب، بل أضحت بوابات رقمية ذكية تحمي التراث وتضيء به دروب الأجيال القادمة.

 وأكد القائمون على الملتقى أن: "التراث الثقافي هو ذاكرة الأمة وهو من يميزها عن غيرها"، مشددين على أن رقمنة هذا الإرث أصبحت ضرورة قصوى للحفاظ عليه من الضياع وضمان نشره بين الأجيال القادمة. وقد تركزت محاور الملتقى وأهدافه حول تسليط الضوء على أهمية المكتبات في توثيق ورقمنة التراث، وعرض التجارب المؤسساتية، ومناقشة آليات واستراتيجيات الترويج الرقمي الفعالة.

 وشهد الملتقى، برئاسة الجلسة العلمية للأستاذ إبراهيم بوداوة، سلسلة من المداخلات الثرية التي تناولت مختلف جوانب الرقمنة والترويج، واحتواء الذكاء الاصطناعي كشريك جديد في الحماية، حيث تناولت الدكتورة بوعناقة سعاد من جامعة قسنطينة 2، مداخلة بعنوان "الذكاء الاصطناعي أنموذجا، حماية التراث في العصر الرقمي".

وأوضحت أن التقاطع بين الذكاء الاصطناعي وحماية التراث يمثل "قفزة نوعية" في توثيق وتحليل وصيانة ونشر الإرث الإنساني، مشيرة إلى دوره في فهرسة الأعمال الفنية وتحويل المخطوطات إلى مواد رقمية قابلة للبحث.

 من جهتها أكدت الدكتورة بيلاك يمينة، رئيسة مصلحة الأرشيف الولائي، في مداخلتها "الأرشيف الرقمي والتراث الثقافي، تكامل الأدوار"، على أن العلاقة بين مؤسسات الأرشيف والمكتبات هي "علاقة تكافلية وضرورية" لضمان صون ونشر التراث، حيث يركز الأرشيف على أصالة الوثيقة، بينما تركز المكتبات على الإتاحة الواسعة للمعرفة.

 من جانبه، شدد الدكتور موفق عبد المالك من جامعة محمد بوضياف بالمسيلة على دور "الوساطة الرقمية" في إتاحة التراث الثقافي على مستوى المكتبات العمومية، مبيناً أن تبني هذه التوجهات الحديثة لم يعد خياراً بل ضرورة لإشباع حاجات "الجيل الجديد الذي لديه هوس بالتكنولوجيات".

 كما استعرض كل من السيد هيثم جودي والسيدة خولة العربي تطبيق "أرتيفيف" كـ "آلية لرقمنة التراث الثقافي والترويج له في مكتبات المطالعة العمومية"، وخلصت الدراسة إلى أن تقنيات الواقع المعزز يمكن توظيفها بسهولة لتعزيز الإتاحة والتفاعل مع المحتوى التراثي.

 وقدم الدكتور الزبير بلهوشات والدكتور عبد الكريم بن عميرة دراسة حالة حول "المخطوطات من الحفظ الرقمي إلى الإتاحة"، متخذين من مخطوطات مكتبة أحمد عروة بجامعة الأمير عبد القادر قسنطينة نموذجا، حيث سلطا الضوء على المسار العلمي والتقني الدقيق الذي يمر به المخطوط بدءا من المعالجة المادية ثم الرقمنة عالية الدقة وصولا إلى الفهرسة وفق المعايير الدولية لضمان الإتاحة.

 وقد اختتم الملتقى أعماله بجملة من التوصيات الهامة التي دعت إلى تبني استراتيجيات وطنية مشتركة بين المكتبات ومؤسسات الأرشيف والمؤسسات الثقافية لتوحيد معايير الرقمنة والحفظ الرقمي.

 وكذا إدماج التقنيات المبتكرة كالذكاء الاصطناعي والواقع المعزز في جهود توثيق وترويج التراث، إلى جانب تأهيل الكوادر البشرية بالمهارات اللازمة لإدارة البيئة الرقمية وضمان الوصول المفتوح للتراث الثقافي. بالإضافة إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين جميع الفاعلين لضمان الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية.