اقتصاد

الجزائر تضع ضوابط صارمة لعمليات نقل الملكية في القطاعات الإستراتيجية للأجانب

في مرسوم تنفيذي يحمل رقم (25-304).

  • 3112
  • 3:51 دقيقة
الصورة: م.ح
الصورة: م.ح

في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة على الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الحيوية، صدر في العدد 78 من الجريدة الرسمية، المؤرخ في 23 نوفمبر 2025 المرسوم التنفيذي رقم 25-304 الذي يحدد الشروط والإجراءات اللازمة لمنح الترخيص المسبق للتنازل لفائدة أشخاص طبيعيين أو معنويين أجانب عن الأسهم أو الحصص الاجتماعية في رأسمال الشركات الخاضعة للقانون الجزائري، والناشطة في المجالات الإستراتيجية.

يعود أصل هذا المرسوم إلى قانون المالية التكميلي لسنة 2020، والذي استبدل نظام "حق الأولوية" للدولة – المنصوص عليه في قوانين سابقة – بضرورة الحصول على "ترخيص مسبق" من الحكومة لأي عملية تنازل عن حصص في الشركات الناشطة في القطاعات الاستراتيجية.

وقد جاء هذا التعديل ليعكس توجها أكثر تشددا في مراقبة التدفقات الاستثمارية الأجنبية، خاصة في ظل الحساسية المتزايدة للقطاعات المعنية. بينما لم يبتدع المرسوم مبدأ الترخيص المسبق، فإنه يضفي تفصيلا عمليا عليه، ويوسع نطاق تطبيقه.

فبموجب المادة 2 من المرسوم، لم يعد الترخيص مقتصرا على عمليات التنازل بين الأطراف الأجنبية فقط، بل شمل أيضا الشركات الجزائرية التي يسيطر عليها الأجانب بالكامل أو بأغلبية الأسهم، إذا ما كانت تعمل في أحد القطاعات الاستراتيجية.

ويحدد المرسوم التنفيذي رقم 25-304 الإجراءات التفصيلية لكيفيات منح الترخيص المسبق للتنازل لفائدة أشخاص طبيعيين أو معنويين أجانب من أسهم أو حصص اجتماعية في رأسمال شركة خاضعة للقانون الجزائري تمارس في أحد القطاعات الاستراتيجية، ومن ثم فقد عمقت الحكومة الجزائرية الإطار القانوني المنظم لعمليات نقل ملكية الأسهم والحصص الاجتماعية في الشركات الناشطة في القطاعات الاستراتيجية إلى الأجانب، من خلال إصدار المرسوم التنفيذي رقم 25-304 الذي تم نشره في الجريدة الرسمية.

ويعرّف المرسوم في مادته الثالثة الأطراف الأجنبية المستهدفة بأنها تشمل "الشخص الطبيعي الأجنبي" وهو كل شخص لا يحمل الجنسية الجزائرية، و"الشخص المعنوي الأجنبي" وهو كل شركة أجنبية لا يسيطر عليها القانون الجزائري.

أما المادة الرابعة فتلزم الشركة الخاضعة للقانون الجزائري والناشطة في قطاع استراتيجي بتقديم طلب ترخيص مسبق قبل أي عملية تنازل، مع ضرورة أن يتضمن الطلب معلومات مفصلة عن هوية الأطراف المتعاملة (البائع والمشتري)، وعدد الأسهم أو الحصص المتنازل عنها ونسبتها من رأس المال، والقيمة الاسمية والسوقية لهذه الأسهم، والسياق الكلي للعملية وهيكل رأس المال بعد إتمامها، مع التأكيد على أن إيصال تقديم الطلب لا يعتبر ترخيصا مسبقا.

وتشترط المادة الخامسة موافقة مجلس مساهمات الدولة بالنسبة للمؤسسات العمومية الاقتصادية قبل تقديم الطلب، بينما تحدد المادة السادسة الوثائق المطلوبة ومنها نسخ من السجل التجاري والنظام الأساسي للشركة، ووثائق هوية الأطراف الأجنبية، ومستخرج من السجل القضائي للشخص الطبيعي أو المعنوي الأجنبي.

ويلزم المرسوم في مادته السابعة الوزارة الوصية باستطلاع آراء عدة وزارات وهيئات قبل البت في الطلب، منها وزارات الدفاع، والداخلية، والخارجية، والعدل، والمالية، والبنك المركزي الجزائري.

وتحدد المادة التاسعة حالات الرفض الإلزامية، ومنها وجود مخاطر على الأمن العام أو الصحة العمومية أو المصلحة الاقتصادية، أو تورط الطرف الأجنبي في قضايا فساد أو جرائم مالية.

أما المادة العاشرة فتُحدد آجال البت في الطلب بستين يوما كحد أقصى، مع إخطار صاحب الطلب كتابيا في حال القبول أو الرفض.

يأتي هذا المرسوم في إطار سياسة الدولة الرامية إلى تعزيز الرقابة على الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الحيوية، مثل الطاقة والمناجم والاتصالات، وحماية المصالح الاستراتيجية للبلاد، كما يعكس توجها عالميا متزايدا نحو تشديد الرقابة على عمليات الاستحواذ الأجنبية في القطاعات الحساسة.

كما يأتي هذا المرسوم في إطار سياسة جزائرية أوسع تهدف إلى حماية القطاعات الاستراتيجية من أي سيطرة أجنبية غير مرغوب فيها، مع الحفاظ على جاذبية البيئة الاستثمارية في نفس الوقت. وهو يعكس إرادة الدولة في توخي الحذر الشديد في عمليات نقل الملكية التي تمس القطاعات الحيوية، تماشيا مع التوجهات العالمية المماثلة في عدد من الدول التي تشدد رقابتها على الاستثمارات الأجنبية.

القطاعات المستهدفة والإجراءات المطلوبة

تشمل القطاعات الاستراتيجية – وفقا للتشريعات السابقة – مجالات مثل الطاقة والمناجم والبنى التحتية الحيوية والاتصالات. ويتعين على الشركة الراغبة في إتمام عملية التنازل أن تقدم طلبا إلى الوزارة الوصية على النشاط الذي تمارسه، مرفقا بمجموعة من الوثائق الإلزامية، من بينها معلومات مفصلة عن هوية الأطراف المتعاملة (البائع والمشتري)، وعدد الأسهم أو الحصص المعنية ونسبتها من رأس المال، والقيمة الاسمية والسوقية لهذه الأسهم، والسياق الكلي للعملية وهيكل رأس المال بعد إتمامها. ويشدد المرسوم على أن إيصال تقديم الطلب لا يعتبر بأي حال من الأحوال ترخيصا ضمنيا، بل يبقى الأمر خاضعا لتقييم الجهات المعنية.

دور الجهات الحكومية والرقابة الأمنية

يلزم المرسوم الوزارة الوصية باستطلاع آراء عدة جهات حكومية قبل البت في الطلب، ومن بينها وزارات الدفاع، والداخلية، والخارجية، والعدل، والمالية والبنك المركزي الجزائري. وذلك لضمان عدم تعارض العملية مع الأمن القومي، والصحة العمومية، أو المصلحة الاقتصادية للبلاد، كما يحق للسلطات رفض الطلب إذا تبين أن الطرف الأجنبي متورط في قضايا فساد أو جرائم مالية، أو إذا كانت العملية تشكل تهديدا للمصلحة العامة.

آجال البت في الطلبات وضمانات الشفافية

حدد المرسوم مهلة أقصاها 60 يوما للبت في الطلب، مع وجوب إخطار صاحب الطلب كتابيا في حال القبول أو الرفض. وفي حالة الموافقة، يتم منح الترخيص وفق الشروط والضوابط المحددة، بينما يُرفض الطلب دون إبداء الأسباب تفصيليا في حال وجود مخاطر.