اقتصاد

"الكابة" تحت حماية القانون

تم الاعتراف بهؤلاء التجار رسميا كفئة اقتصادية.

  • 3114
  • 1:52 دقيقة
الصورة: م.ح
الصورة: م.ح

اتخذ الرئيس عبد المجيد تبون قرارا بالغ الأهمية يخص فئة كبيرة من المواطنين، خاصة الشباب الذين كانوا ينشطون خارج الإطار القانوني فيما يعرف بتجارة "الكابة"، أي استيراد سلع من الخارج بطريقة فردية وبيعها داخل البلاد دون القيد في السجل التجاري وبعيدا عن أعين الرقابة الجبائية وأعوان التجارة.

اليوم، وبموجب مرسوم تنفيذي جديد، أصبح بإمكان هؤلاء التجار ممارسة نشاطهم في إطار قانوني ومنظم. فقد تم الاعتراف بهم رسميا كفئة اقتصادية، ومنحهم الحق في التسجيل كمستوردين للتجزئة، مع إمكانية التصريح بالنشاط والحصول على سجل تجاري والاستفادة من تغطية الضمان الاجتماعي والحماية القانونية.

ولم يأت هذا القرار من فراغ، بل هو ثمرة عدة اجتماعات وزارية ترأسها الرئيس تبون بنفسه، شدد خلالها على ضرورة إدماج هذا النشاط في الدورة الاقتصادية الرسمية، لما له من دور في تنشيط السوق المحلية ومساعدة آلاف الشباب على تأمين قوتهم بكرامة.

وقد أكد تبون أكثر من مرة أن الهدف ليس معاقبة من يعملون في السوق غير الرسمي، بل مرافقتهم وتحويلهم إلى فاعلين في إطار اقتصاد منظم، من أجل مكافحة التهرب الضريبي وتعزيز الشفافية وتوسيع القاعدة الجبائية، دون إقصاء أي فئة.

فمنذ توليه الحكم في أواخر 2019، لم يتوقف الرئيس تبون عن التأكيد على هدف واضح وهو جعل الاقتصاد ركيزة أساسية لعهده. بالنسبة له، النهضة الاقتصادية ليست مجرد شعار، بل حجر الزاوية للتنمية والسيادة الوطنية. لكن، كيف يمكن بناء اقتصاد قوي وتنافسي في وقت لا تزال نسبة معتبرة من المبادلات التجارية خارج أي رقابة رسمية؟

ولسنوات طويلة، ظل السوق الموازي، بما فيه هؤلاء المستوردون الصغار (الذين يسافرون إلى الخارج ويجلبون السلع في أمتعتهم ويغامرون بحياتهم وبسلعهم وأموالهم)، سوقا مزدهرا في الظل، يغذي مسارا اقتصاديا موازيا يضعف الجباية ويؤثر سلبيا على التجارة المنظمة ويحرم الدولة من موارد مالية ثمينة. وقد تم التساهل مع هذا الواقع، بل وتحمله، بسبب غياب آليات فعالة للإدماج، إلى أن جاء تدخل الرئيس تبون باتخاذ قراره بتنظيم النشاط واستقطاب آلاف الشبان المزاولين له.
ويشكل هذا القرار جزءا من سياسة شاملة تبنتها الدولة لمحاربة السوق الموازية وتحقيق العدالة الاقتصادية وتثبيت الاستقرار الاجتماعي، خاصة أن تجارة "الكابة" تعتبر مصدر رزق لآلاف العائلات في مختلف ولايات الوطن.
هذه الخطوة تعكس بوضوح إرادة سياسية قوية لبناء اقتصاد وطني منتج، عادل ومنفتح على الجميع، مع الاعتماد على الشباب كمحرك أساسي للتنمية، كما تؤكد أن السلطات العمومية ماضية في إصلاحاتها، خطوة بخطوة، عبر تنظيم السوق واحترام القانون وحماية كل مواطن يسعى للعمل الشريف في إطار من الشفافية والمسؤولية.