اقتصاد

المجوهرات والنفائس تحت رقابة شديدة

القرار يندرج ضمن الجهود الرامية إلى الخروج من "القائمة الرمادية" للدول الأقل التزاما بمحاربة تبييض الأموال.

  • 4918
  • 2:19 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

أصدر وزير المالية عبد الكريم بوالزرد قرارا مؤرخا في 3 جويلية 2025، يضع نظاما رقابيا جديدا يهدف إلى مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل في قطاع تجارة الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة.

ويأتي هذا القرار، الذي نُشر في العدد الأخير للجريدة الرسمية (57) ، ليعزز الإطار القانوني للبلاد في مكافحة الجرائم المالية.

ويهدف النظام، حسبما جاء في النص، إلى تحديد التدابير الوقائية والإجراءات اللازمة التي يتعين على جميع العاملين في هذا القطاع تطبيقها، سواء كانوا تجار جملة أو تجزئة، صناعًا، حرفيين، مستوردين، أو حتى بائعين بالمزاد العلني. وتُعتبر المديرية العامة للضرائب هي سلطة الرقابة والإشراف على تطبيق هذا النظام.

ويشمل القرار عدة نقاط رئيسية، في مقدمتها "النهج القائم على المخاطر"، الذي يفرض على التجار يقظة مستمرة تجاه زبائنهم، مع تقييم دقيق وتحديث سنوي لمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. إضافة إلى ذلك، يشدد النظام على ضرورة التحقق من الهوية، حيث يلزم الخاضعين باتخاذ تدابير صارمة للتعرف على الزبائن وتحديد المستفيد الحقيقي من كل معاملة، ويمنع منعا باتا التعامل مع الأشخاص مجهولي الهوية.

ويفرض القرار التزاما أساسيا هو "التبليغ عن الشبهات"، إذ يلزم جميع العاملين في القطاع بالإخطار الفوري لخلية معالجة الاستعلام المالي عن أي عملية مشبوهة، مع إمكانية تأجيل تنفيذها.

 وقد حدد النظام مجموعة من مؤشرات الشبهة مثل شراء سلع بمبالغ ضخمة دون تفاصيل كافية أو الدفع نقدًا بمبالغ كبيرة. ومن أجل ضمان الشفافية والمساءلة، يشدد القرار على حفظ الوثائق، إذ يجب على جميع المعنيين الاحتفاظ بسجلات ووثائق العمليات لمدة لا تقل عن خمس سنوات.

أما في الجانب الدولي، فيلزم النظام بمتابعة قوائم العقوبات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتطبيق الإجراءات اللازمة بحق الأشخاص والكيانات المدرجة فيها. ولضمان فعالية هذه الإجراءات، يفرض على المؤسسات تعيين مسؤول عن المطابقة، وتنظيم برامج تكوينية مستمرة للموظفين لتعزيز وعيهم بقضايا مكافحة الجرائم المالية.

ويأتي هذا القرار في سياق تشديد الجزائر إجراءاتها الرقابية على قطاعات مصنفة "حساسة"، بهدف تعزيز الشفافية ومكافحة الجرائم المالية وفقا للمعايير الدولية، حسب واضعي النص، الذين يشددون على أن هذا النظام الجديد يعكس تعهد الدولة بوضع تدابير صارمة للوقاية من تحول قطاع تجارة الأحجار الكريمة، والمعادن الثمينة إلى وسيلة لتمويل الأنشطة غير المشروعة.

وكانت "مجموعة العمل المالي" (غافي)، وهي هيئة دولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، أدرجت الجزائر في "قائمتها الرمادية" في أكتوبر 2024، بما يعني أنها تعاني من نقائص استراتيجية في أنظمتها لمكافحة الجرائم المالية. وقد تعهدت الحكومة الجزائرية بالعمل مع المجموعة لتصحيح هذه النقائص ضمن خطة زمنية محددة.

وتعود أسباب هذا التصنيف إلى ضعف الرقابة على القطاعات الحساسة مثل تجارة الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة، ونقص الشفافية في تحديد المستفيدين الحقيقيين من المعاملات المالية، بالإضافة إلى وجود قصور في الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة.

وعلى أساس هذه الملاحظات السلبية، أطلقت الجزائر خطة عمل وطنية بالتعاون "غافي" بهدف مغادرة "القائمة الرمادية" في نهاية عام 2025. وتتركز الجهود على تحديث التشريعات، وتعزيز الرقابة على المؤسسات المالية وغير المالية، إضافة إلى تنظيم برامج تكوينية مكثفة للموظفين لرفع الوعي والإلمام بقضايا الجرائم المالية.