اقتصاد

انهيار أسعار اللحوم المستوردة

بعد أن سارعت السلطات إلى استيراد كميات كبيرة من اللحوم من عدة دول.

  • 15945
  • 2:48 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

شهدت الأسواق ومحلات القصابة، هذه الأيام، انخفاضا في أسعار اللحوم الحمراء المستوردة، حيث سجل سعر الكيلوغرام الواحد في بعض الولايات مستويات غير مسبوقة، بلغ ببعضها 500 دينار، وسط تباين في آراء المستهلكين والمختصين حول هذه الظاهرة.

يرجع مختصون هذا الانخفاض اللافت إلى جملة من العوامل، أبرزها القرارات الحكومية الرامية إلى تدعيم السوق الوطنية بكميات معتبرة من اللحوم المستوردة، ووصول شحنات من اللحوم في وقت متأخر، بعد أن سارعت السلطات إلى استيراد كميات كبيرة من اللحوم من عدة دول، أبرزها إسبانيا والبرازيل، بهدف كسر المضاربة وخفض الأسعار خلال شهر رمضان الماضي.

كما ساهم تخفيض الرسوم الجمركية على واردات اللحوم من 30 في المائة إلى 5 في المائة في تعزيز هذا التراجع، بالإضافة إلى تحركات أمنية مكثفة لضبط الأسواق وردع المضاربين الذين ساهموا سابقا في رفع الأسعار بشكل قياسي.

وفي جولة استطلاعية قامت بها "الخبر" عبر عدد من أسواق العاصمة، وأيضا استنادا إلى تقارير مراسلينا من عدة ولايات، لمسنا ارتياحا كبيرا لدى المواطنين الذين وجدوا في هذه الأسعار متنفسا، خاصة بالنسبة للطبقات المتوسطة والضعيفة. وقال أحد المواطنين: "أخيرا نستطيع شراء اللحم مرة أخرى بعد أن كان في الماضي القريب حلما بسبب الأسعار المرتفعة". في المقابل، أبدى آخرون تخوفهم من التهاون في مراقبة النوعية، مطالبين بتشديد الرقابة أكثر، مع الحفاظ على هذا المكسب الذي انتظره الجزائريون طويلا.

ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يستمر استقرار الأسعار أو حتى انخفاضها أكثر مع تواصل عمليات الاستيراد وتنظيم السوق، خصوصا مع اقتراب موسم الأعياد الذي يعرف عادة طلبا مرتفعا على اللحوم.

من جهته، أكد رئيس الفدرالية الوطنية لمستوردي اللحوم ومشتقاتها، سفيان بحبو، في تصريح لـ "الخبر"، أن تهاوي أسعار اللحوم المستوردة بهذا الشكل يرجع أساسا إلى وصول شحنات من اللحوم في وقت متأخر، خلال شهر رمضان وبعد انقضائه. ويرى بحبو أن استمرار ضخ كميات إضافية من اللحوم المستوردة دون تنظيم قد يؤدي إلى إغراق السوق أكثر، ما يؤدي إلى ارتفاع العرض على الطلب المحلي.

واقترح المتحدث أن يتم السماح ببيع اللحوم المستوردة للمؤسسات الحكومية والمطاعم، وليس فقط للأفراد، لتفادي تكبد المستوردين خسائر فادحة، خاصة مع تسجيل أسعار أدنى من السقف الحكومي المحدد بـ1200 دينار، وأضاف: "مثلما وقف المتعاملون مع الدولة وساهموا في استقرار السوق، لا بد أن تقف الدولة معهم اليوم".

كما دعا المصدر ذاته إلى عقد لقاء استعجالي يضم مستوردي اللحوم وممثلي وزارتي الفلاحة والتجارة، للبحث عن حلول عملية، معتبرا أن الأسعار الحالية "غير منطقية" وأنه "من غير المعقول أن يصبح سعر الدجاجة أغلى من سعر اللحم الأحمر المستورد".

وفي رده على سؤال حول مشكلة قرب انتهاء صلاحية بعض الشحنات، قال بحبو: "هذا الأمر مستبعد، لكن في حال ما تواصل الأمر على حاله ربما سيواجه المستوردون هذه المشكلة في غضون شهر".

وبخصوص قرار استيراد مليون رأس أضحية بمناسبة عيد الأضحى، رحب المتحدث بالمبادرة، معتبرا إياها "مبادرة شجاعة من طرف رئيس الجمهورية"، مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة دعم الموالين الوطنيين وعدم الوقوف ضدهم، قائلا: "نفتخر بالموالين، وعلينا العمل معا للحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية، ولم لا نتحول في سنوات قادمة من مستوردين إلى مصدرين للأغنام".

وتابع بحبو: "وزارة التجارة أكدت أن عمليات دعم السوق باللحوم المستوردة لا تزال متواصلة، بالتعاون مع المتعاملين الاقتصاديين الذين توحدوا من أجل استقرار الأسعار، بعد اقتناعهم أن هذه الخطوة تندرج في سياق تضامن الجزائريين فيما بينهم خدمة للوطن ووقوفا ضد كل المتآمرين عليه".

وكشف المتحدث عن مراسلة الفدرالية لكل من وزارتي التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، ووزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات، وطلبت عقد لقاء استعجالي بين المستوردين وممثلين عن وزارتي الفلاحة والتجارة، لدراسة الوضعية وتفادي تكبد المستوردين خسائر مالية، من شأنها أن تؤثر سلبا على عملية استيراد اللحوم الحمراء في المستقبل.