اقتصاد

هذا أهم ما ورد في مشروع قانون المالية لسنة 2026

إجراءات صارمة لتشديد الرقابة الجبائية والجمركية ومكافحة الجريمة المالية.

  • 32086
  • 3:32 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

يتجه مشروع قانون المالية لسنة 2026 نحو تعزيز الرقابة الجبائية والجمركية، من خلال حزمة من الإجراءات القانونية والتنظيمية التي ترمي إلى تقليص الثغرات واستحداث آليات جديدة لمواجهة التهرب الضريبي، وتكثيف أدوات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

في هذا الإطار، يقترح المشروع، الذي اطلعت "الخبر" على نسخة منه، مراجعة الرسم المطبق على استهلاك الوقود عند عبور الحدود، فقد رُفعت التعريفة الخاصة بالسيارات النفعية والشاحنات التي يقل وزنها عن عشرة أطنان من 3500 دج إلى 5000 دج لكل عملية عبور. أما الحافلات والشاحنات التي يفوق وزنها عشرة أطنان، فقد تم الإبقاء على الرسم السابق المقدر بـ12000 دج.

كما أدرج المشروع تعريفة تصاعدية جديدة تخص السيارات السياحية حسب عدد مرات الخروج في اليوم. فبعد أن كانت التعريفة موحدة بـ500 دج ستصبح 1000 دج في حالة الخروج مرة واحدة، على أن تُطبّق رسوم أعلى في حال تكرار الخروج خلال اليوم، رغم عدم تحديدها بدقة في النص المعروض.

وفي ما يتعلّق بالتصرف في العقارات، أقر المشروع تعديلا على نظام "حق الشفعة" لصالح الدولة، عند التنازل عن العقارات أو الحقوق العقارية. يشمل التعديل تقليص الأجل الممنوح لممارسة هذا الحق، وإلغاء الزيادة المقررة في السعر المصرح به، والتي كانت تُقدر بـ10%، بالإضافة إلى تحديد دقيق لحالات الاستثناء التي لا يُمكن فيها تفعيل هذا الحق، في مسعى لتعزيز الشفافية ومنع التلاعب في السوق العقارية.

وفي المجال الجبائي، يقترح المشروع رفع قيمة الغرامات المرتبطة بالمخالفات الضريبية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالرسم على القيمة المضافة، من أجل تشديد الردع وتحسين الامتثال الجبائي. كما سيتم تطبيق آلية جديدة للرقابة الجبائية، تستهدف دافعي الضرائب الذين يستعملون أنظمة محاسبة رقمية وصناديق تسجيل إلكترونية، على أن تدخل حيز التنفيذ ابتداء من الفاتح جانفي 2027.

من جانب آخر، نص المشروع على توحيد عتبة التصريح الجمركي عند دخول أو مغادرة البلاد بـ1000 يورو أو ما يعادله من العملات الأخرى، ويشمل هذا الإجراء كافة المسافرين، سواء كانوا مقيمين أو غير مقيمين. وتخضع لهذا التصريح الأوراق النقدية، ووسائل الدفع للحامل، والأوراق التجارية، والسندات، بالإضافة إلى المعادن الثمينة والأحجار الكريمة.

ولتدعيم جهود التحصيل والرقابة، تقترح الحكومة رفع معدل الاقتطاع من حصيلة الغرامات وتعويضات التأخير من 1% إلى 2%، والموجهة لتمويل مصاريف المتابعة والتحصيل. وسيتم تخصيص 30% من هذا الاقتطاع لتمويل عمليات الرقابة الجبائية، خصوصا تلك التي تم تسوية جداولها نهائيا.

ويمنع المشروع إرسال وسائل الدفع عبر البريد أو الشحن أو النقل السريع، ضمن إجراءات تستهدف سدّ الثغرات التي تستغل في تحويل الأموال بطرق غير شرعية. كما يمنح مصالح الجمارك صلاحية الحجز الوقائي المؤقت لوسائل الدفع أو المعادن الثمينة أو الأحجار الكريمة، في حال وجود مؤشرات على ارتباطها بتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب أو انتشار أسلحة الدمار الشامل، مع إلزامها بإخطار الجهات القضائية فورا.

وتتوسع هذه الصلاحيات بمنح أعوان الجمارك الحق في طلب جميع المعلومات والوثائق المتعلقة بمصدر ووجهة الأموال التي يحملها المسافرون، مع استحداث قاعدة بيانات وطنية تُعنى بجمع هذه المعطيات وتبادلها في إطار التعاون الداخلي والدولي. ويلزم المشروع أيضا بنقل جميع المعلومات المتعلقة بالتصريحات القانونية، أو الكاذبة، أو تلك التي لم تُصرّح، إلى الهيئة الوطنية المختصة بمكافحة تبييض الأموال.

كما يتضمن النص توسيع الإعفاءات الجمركية، حيث سيُعفى من دفع الحقوق والرسوم الجمركية، وكذلك الغرامات المرتبطة بالتأخر في التسوية، كل ما تمت مصادرته لصالح الدولة بموجب أحكام قضائية نهائية، شريطة أن يكون الاستيراد قد تم وفق القانون.

أما في ما يخص نشاط المتاجرة في المعادن النفيسة، فقد شدد مشروع القانون على ضرورة خضوع جميع الحرفيين، الصناع، المصدرين، وتجار الذهب، الفضة، والبلاتين لنظام الترخيص المسبق الذي تصدره الإدارة الجبائية. كما يمكن سحب هذا الترخيص في حال عدم الالتزام بالشروط القانونية المنظمة للمهنة.

ويُفرض على التجار إمساك سجل خاص بالزبائن، مرقّم ومؤشر عليه من قبل المصالح الجبائية، في خطوة تهدف إلى تتبع حركة البيع والشراء والحد من المعاملات المشبوهة. وفي حال مخالفة الالتزامات القانونية المتعلقة بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يُعاقب المخالف بغرامة مالية تتراوح بين 10000 و50000 دج.

كما يُلزم التجار بضرورة إثبات الكفاءة المهنية وحسن السيرة للحصول على الترخيص المسبق لمزاولة نشاط تصنيع وبيع المصنوعات من المعادن الثمينة، سواء في إطار البيع بالجملة أو بالتجزئة.

ومنح المشروع مهلة إضافية لتسوية أوضاع المخزونات من المصنوعات محلية الصنع أو مجهولة المصدر، شريطة مطابقتها للعيارات القانونية، مما يمنح المهنيين فرصة لترتيب وضعيتهم القانونية دون المساس بضوابط السوق.

وتُعبر هذه التعديلات الجبائية والجمركية المقترحة في مشروع قانون المالية لسنة 2026 عن توجه واضح نحو تقنين التعاملات المالية والتجارية، وتقوية آليات الرقابة، إلى جانب إدماج أدوات رقمية وتكنولوجية لتعزيز الشفافية والامتثال، في إطار مسعى وطني متواصل لمكافحة الاقتصاد الموازي والجريمة المالية والامتثال للمعايير الدولية ذات الصلة.