تختتم، اليوم، فعاليات المعرض الدولي للمنسوجات والأقمشة والملابس، الذي احتضنه قصر المعارض بالصنوبر البحري في العاصمة، وسط حضور دولي لافت يقابله تمثيل محلي محتشم، يعكس واقعا مقلقا لقطاع النسيج في البلاد.
الحدث، الذي نظمته شركة "ميريديان" للمعارض الدولية، استقطب حوالي 50 مؤسسة دولية قدمت من دول رائدة في هذا المجال، على غرار تركيا، والصين، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية، فيما اقتصرت المشاركة الجزائرية على 3 شركات تنشط في مجال الصناعة الخفيفة للنسيج، وهو ما سلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين السوق المحلية والعالمية.
وخلال زيارة ميدانية قامت بها "الخبر" إلى المعرض في يومه الثاني، وقفت على الهوة الواسعة بين الإمكانيات المتوفرة والتحديات الواقعية التي تواجه المستثمر الجزائري في هذا القطاع؛ فقد عبر ممثلو الشركات الجزائرية الذين فضلوا تسجيل حضورهم كـ "زوار" للمعرض، عن امتعاضهم من ضعف الدعم والتسهيلات الإدارية والمالية، مؤكدين أن المنافسة "غير متكافئة" مع الشركات الأجنبية، خصوصا التركية والصينية.
ومن جهتها، أوضحت مروى مراح، المتحدثة باسم شركة "إليبسيس" المتخصصة في النسيج الصناعي، ومقرها بودواو ببومرداس، أن الشركة التي تأسست سنة 2018، قد أصبحت رائدة في السوق الجزائري في مجال النسيج الصناعي بحصة سوقية تبلغ 40%.
وفي الوقت الذي نجحت الشركة في تقديم حلول نسيجية مبتكرة، موثوقة وبأسعار تنافسية لزبائنها تتناسب مع احتياجات المهنيين في مختلف القطاعات، إلا أنها، توضح محدثة "الخبر"، لا تزال تعاني من التعثر الدائم في سلسلة الإنتاج بسبب تأخر توفير المادة الأولية التي يتم استيرادها من تركيا، التي غالبا ما تتطلب الكثير من التراخيص والإجراءات في كل مرة تباشر فيها عملية الاستيراد.
ويعاب على الصناعة النسيجية في الجزائر افتقارها لسياسة وطنية واضحة للنهوض بالقطاع، رغم ما يوفره من مناصب شغل وإمكانيات للتصدير وتنمية الاقتصاد المحلي. كما أن غياب منظومة متكاملة للبحث والتطوير والتكوين المهني في المجال، يفاقم الوضع ويزيد من اعتماد السوق على المنتجات الأجنبية.
في المقابل، أبدى عدد من الزوار والمهنيين إعجابهم بجودة المنتجات المعروضة من طرف الشركات الأجنبية، التي أظهرت تنوعا وتطورا تكنولوجيا لافتا، خاصة فيما يتعلق بالآلات والمعدات، ما يزيد من ضغط المنافسة على المنتجات الوطنية التي لا تزال محدودة في الجودة والتنوع، وحتى الترويج.
من جهتها، سجلت شركة "جيمسي" حضورها في المعرض من خلال وكيلها الرسمي في الجزائر، وهي علامة تجارية متخصصة في تصنيع ماكينات الخياطة عالية الجودة، التي تعرف بدقتها وكفاءتها وتنوعها لتلبية احتياجات المحترفين والهواة في عالم الخياطة.
وحسب الموزع الرسمي للشركة، جاءت "جيمسي" لتعرض على الزوار مجموعة من الماكينات الصناعية والمنزلية بتقنيات متطورة وتصميمات عصرية، وهي التي تتمتع بسمعة عالمية مرتبطة بالجودة الألمانية.
ورغم الطابع الدولي للمعرض، إلا أن الرسالة الأهم التي خرج بها المتابعون هي أن الصناعة النسيجية في الجزائر بحاجة ماسة إلى إصلاحات جذرية، تشمل الجوانب التمويلية، والإدارية، والتكوينية، من أجل كسر التبعية للاستيراد، واستعادة مكانتها في السوق الإقليمية والدولية.
وفي انتظار ذلك، تبقى آفاق الصناعة النسيجية الجزائرية مرهونة بقرارات سياسية جريئة وإرادة حقيقية للنهوض بهذا القطاع الحيوي، الذي كان يوما ما أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال