إننا نرى ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة من حصار وقصف وتدمير شامل وتقتيل بالجملة، وهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة من اليهود المجرمين، ونرى من إخواننا الصبر والثبات والعزة، قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}. وإن صمود غزة في وجه عدو غاشم عديم القيم في معركة غير متكافئة في ميزان القوى المادية أثمر دروسا، ندعو عقلاء أمتنا أن يستثمروها بمواقف فكرية وعملية على كافة المستويات.
إن ما يتعرض له إخواننا في غزة لا يجوز أبدا سكوت المسلمـين عليه ولا بقاؤهم سلبيين تجاهه، بل الواجب وفريضة الوقت أن يهبّوا هبّة رجل واحد لنصرة إخوانهم ونجدتهم وإسعافهم، جيوشا وشعوبا وحكومات. فمن الضروري الوقوف إلى جانب شعبنا الفلسطيني المظلوم المعتدى عليه، وعدم خذلان المجاهدين الذين يدافعون عن الأمة وكرامتها، ويردون العدوان الغاشم الذي لا تقف أطماعه عند حدود فلسطين بل تتعداه إلى غيرها من الدول العربية المجاورة.
إن الواجب الشرعي يحتم على الجميع السعي لدعم الغزويين بكافة أنواع الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لذلك، والحيلولة دون أي إجراء يترتب عليه إضعافها أو حصارها أو تهميش دورها، مع التأكيد على أن إغلاق المعابر أو هدم الأنفاق أو منع إمداد المقاومة بالسلاح هو من كبائر الذنوب وعظائم الموبقات.
ففلسطين قضية شعب وأمة، والوقت وقت نجدة ومناصرة، لا وقت لوم وتصفية حسابات، ولنحذر الوقوع فيما حكاه الله عن المنافقين في قوله سبحانه: {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}. وكل التحية والإجلال لإخواننا في غزة الذين استطاعوا بعددهم المحدود وبأسلحتهم المتواضعة أن يقاوموا جيش إسرائيل المكون من مئات الآلاف من الجنود، وتصدوا له وجها لوجه وقاوموا عدوانه المتواصل منذ أكثر من سنة ونصف. فأهالي قطاع غزة يعانون من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من مليوني إنسان في مخيّمات داخلية دون علاج أو غذاء أو كساء.. لذا، ندعو للمسارعة لنجدة إخواننا الجوعى والمرضى والجرحى بفك الحصار الظالم وفتح المعابر، خاصة معبر رفح الذي يمثل شريان الحياة لأهل غزة، بشكل دائم غير مشروط، التزاما بالواجب الشرعي والأخلاقي، ووفاء بحق الأخوة والجوار، واتساقا مع الشرائع السماوية، ومبادئ القانون الدولي التي تحرم محاصرة المدنيين وتعتبره جريمة ضد الإنسانية.
ويجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم، والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقا لأخوة الإسلام ورابطة الإيمان، قال الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، وقال عز وجل: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه”، وقال عليه الصلاة والسلام: ”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر”، وقال عليه الصلاة والسلام: ”المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره”.
ومن ترك نصرة أخيه المسلم فسيخذله الله في موطن يحب فيه نصرته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تُنتهَك فيه حرمته، ويُنتَقص فيِهم من عِرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصُر مسلما في موضع يُنتَقص فيه من عرضه، ويُنتَهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته”.
والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال، سواء كانت مادية أو معنوية، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله سبحانه وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}.
وندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه القضية بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد. ونتوجه إلى أمتنا الإسلامية شعوبا وحكاما ونقول لهم: هبّوا لنصرة إخوانكم ولا تخشوا في الله لومة لائم، انصروهم بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم وأقلامكم، وإياكم وخذلانهم فمن يخذلهم اليوم يخذله الله يوم القيامة، ومن أمسك يده ولم ينفق في سبيل نصرتهم أمسك الله عليه وقتر عليه رزقه، وتوجهوا إلى الله بالدعاء خاصة في أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل؛ وساعة نزول الغيث؛ وبين الأذان والإقامة؛ وأيام الجمع، وارفعوا إليه أكف الضراعة أن يرفع عن غزة وعن كل المظلومين هذا البلاء، وأن ينزل بأسه على القوم المجرمين، كما نسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.
الخبر
16/06/2025 - 00:33
الخبر
16/06/2025 - 00:33
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال