اسلاميات

66 % من مسلمي فرنسا تعرّضوا للعنصرية

المسلمين في فرنسا يعيشون واقعا مقلقا، حيث يواجهون التمييز والعنصرية

  • 144
  • 3:29 دقيقة

كشف استطلاع أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام ”إيفوب”، الثلاثاء الماضي، أن المسلمين في فرنسا يعيشون واقعا مقلقا، حيث يواجهون التمييز والعنصرية، والنتيجة كانت صادمة، حيث أكدت أن الإسلاموفوبيا في تصاعد مطرد.
وجاء في الاستطلاع الذي أعده معهد ”إيفوب” لصالح مسجد باريس الكبير، والذي شمل أزيد من 1000 شخص، أن 66% من المسلمين في فرنسا صرّحوا بأنهم تعرّضوا لسلوك عنصري خلال السنوات الخمس الأخيرة، أي ما يعادل أزيد من ثلاثة أضعاف المعدل في فرنسا، حيث تمّ تحديد الدّين في نصف الحالات كعامل أساسي وراء هذه الممارسات.
وتبرز معاملات التمييز بشكل خاص في مجال التوظيف والسكن والتفتيشات الأمنية، فمسلم من بين كل اثنين يقول إنه تعرض للتمييز أثناء البحث عن عمل، و46% خلال محاولات الحصول على سكن. كما برزت كذلك هذه المعاملات المعادية للمسلمين في الإدارات العامة الفرنسية، فأشار 36% من المستجوبين إلى تعرضهم للتمييز داخل الإدارات، و51% في تفتيشات الشرطة، و29% في قطاع الصحة، و38% في قطاع التعليم. ويؤكد 66% فقط من المستجوبين أنهم سيتقدمون بشكوى إذا تعرضوا للتمييز، وتنخفض النسبة إلى 58% بين من سبق أن واجهوا تمييزا بسبب الدّين.
ويسلط معهد ”إيفوب” الضوء على منطق التقاطع، إذ تزداد احتمالية التعرض للتمييز مع زيادة الظهور الديني (الحجاب، اللباس، والدلالات الثقافية) وبعض علامات الهُوية (85% لديهم لهجة ”قوية جدا”؛ و84% لديهم أصول جنوب الصحراء الكبرى من بين الذين أبلغوا عن العنصرية لأسباب مختلفة).
واستنكر عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، تفاقم حالات العنصرية ومعاداة المسلمين والإسلام في فرنسا، من خلال الاستطلاع الذي أجراه معهد ”إيفوب” لصالح مسجد باريس الكبير تحت اسم ”مرصد التمييز ضد المسلمين في فرنسا”، مشيرا إلى أن اثنان من كل ثلاثة مسلمين يقولون إنهم عانوا من التمييز في السنوات الخمس الماضية، مؤكدا أن ”في نصف الحالات، كان انتماؤهم الديني كافيا لإثارة الإقصاء أو الرفض أو الشك”. مشيرا إلى أن نتائج هذا الاستطلاع ”من شأنها أن تهز أي روح جمهورية”، معتبرا أن ”ما يقوّض اليوم وعد الجمهورية بالمساواة ليس فقط الفجوات الاجتماعية أو الاقتصادية، بل هو جرح عميق في صميم هُوية المواطن: دينه، أصله ومظهره”. وأوضح شمس الدين حفيز أن ”هذا الانقسام ليس مجرد إحصائية، بل هو مُختبر ومتكرر ومُتأصل”، مشيرا إلى أنه ”يتفاقم بسبب مناخ انعدام الثقة، حيث يعتقد غالبية المسلمين في فرنسا أن الكراهية ضد دينهم منتشرة على نطاق واسع، وقد تفاقمت خلال العقد الماضي”، مؤكدا أن هذا المناخ ”يُفسد علاقة الثقة بالمؤسسات؛ فهو يُغذي الخوف الدائم من التعرض للاعتداء أو الرفض أو الاشتباه في وجود خطر مُتخيّل”.
وشدّد حفيز على ضرورة دراسة هذه الظاهرة ”من منظور أعمق”، وأضاف ”فما نسمّيه ”رُهاب المسلمين” ليس مجرد خلاف حول المفردات، بل هو ترجمة معاصرة لآلية قديمة سبق أن حللها العديد من المفكرين: اختلاق ”الآخر” الذي تُبنى عليه هوية وطنية مُقلقة”. وحذّر العميد من أنه ”لا يمكن اختزال هذه القضية في ”مسألة مسلمين” بل ”تشمل الجمهورية بأكملها”، مشيرا إلى أن ”الجمهورية التي تتسامح مع تهميش جزء من مواطنيها، تحكم على نفسها بالتفكك”.
وأشار عميد مسجد باريس إلى أن ”الاعتراف بحقيقة رُهاب المسلمين لا يعني تجاهل المخاطر الأخرى”، مستنكرا الأعمال المعادية للإسلام التي ارتكبت الليلة بين 8 و9 سبتمبر الجاري ضدّ عدد من المساجد في باريس ومنطقة إيل دو فرانس، حيث وُضعت رؤوس الخنازير أمام أبواب هذه المساجد، مؤكدا أن التحقيق أثبت أن الجناة المزعومين كانوا يتصرفون بتأثير خارجي، بنيّة واضحة لإثارة الاضطرابات داخل البلاد.
واختتم عميد مسجد باريس الكبير تنديده بقوله ”لا يجب أن تنضم هذه الأرقام إلى القائمة الطويلة للتقارير المنسية”، مشددا على أنه ”يجب أن تصبح أساسا لصحوة جماعية”، مشيرا إلى أن ”مكافحة التمييز ضد المسلمين لا تعني فقط الاستجابة لحالة طوارئ اجتماعية، بل تعني أيضا إعادة بناء العقد الجمهوري، إنها تعني منح كل مواطن، مهما كانت ديانته، ضمانا للاحترام والحماية والاعتراف بكرامته”.
وكان مسجد باريس الكبير أدان في بيان له يوم الثلاثاء 16 سبتمبر الجاري، بـ«أشد العبارات” التعليقات التي صدرت في اليوم السابق على قناة ”بي آف آم”، حيث تم وصف اللغة العربية بأنها لغة ”إسلامية” وحتى ”إسلاموية”.
يشار إلى أن السلطات الفرنسية أعلنت، في جويلية الماضي، أن الأعمال المعادية للمسلمين المسجلة حتى منتصف 2025 زادت بنسبة 75% مقارنة بالعام السابق، مع تضاعف الهجمات على الأفراد 3 مرات. كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزارة الداخلية قولها إن 145 عملا معاديا للمسلمين تم تسجيلها في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، مقارنة بـ83 خلال الفترة نفسها من عام 2024.
جدير بالذكر أن عدد الاعتداءات على الأفراد ارتفع بنسبة 209% ليصل إلى 99 إجمالا، مقارنة بـ32 اعتداء خلال الفترة نفسها من العام 2024، وهي ”تمثل أكثر من ثلثي الأعمال المعادية للمسلمين”، بحسب المصدر نفسه.