شهدت بلادنا، خلال الأيام القليلة الماضية، حوادث مرورية كثيرة أدت إلى سقوط العشرات من الضحايا لأسباب يعرفها الجميع، ولعل أهمها الطرق المهترئة والسيارات القديمة التي لا تصلح للسير أو النقل الجماعي المتهالك وتهور السائقين وبعضهم يقود مركبته تحت تأثير المهلوسات، وكذا إهمال السلطات المعنية بالمراقبة والمتابعة للمركبات وللسائقين، خاصة الحافلات.
إن آثار الحوادث المرورية ما زالت تتعاظم وتهدد مستقبل شبابنا واقتصاد بلدنا العزيز، وإن عامة أسباب الحوادث يمكن تلافيها لو أخذنا بأسباب السلامة. وإن وضع خطة إستراتيجية متكاملة في مجال السلامة المرورية يتطلب، من دون شك، الاستعانة بأصحاب الخبرة وفي مجالات متعددة، باعتبار أن هذا الأمر قد وصل إلى حد خطير، ما يستدعي تسخير جميع الإمكانات اللازمة لإنقاذ المواطنين من براثن هذا الفخ المميت.
تهيئة الطرق الآمنة
على الحكومة والجهات المعنية ضمان تأمين الطرق وبنية النقل التحتية لمستخدمي الطريق والمشاة وذلك بسبل، منها اتخاذ تدابير كإنشاء الأرصفة وتوفير الممرات المخصصة للدراجات، كما يجب إجراء عملية تدقيق للسلامة على الطرق، والتي تتمثل في تقييم مشاريع الطرق الرئيسية في كل من مرحلتي التصميم المبدئي والنهائي، وقبيل وبعد افتتاح المشروع بعام للتأكد من صلاحيته. وقد أشارت الآيات القرآنية الكريمة إلى الطرق، وبيّنت أنها نعمة من نعم الله تعالى، حيث قال الله في كتابه العزيز: “الذي جعل لكم الأرض مهادا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون”.
ومن باب تحمل المسؤولية في تسهيل الطرق ما فهمه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الحاكم مسؤول عن تسهيل الطرق، وأنها من مهماته الأساسية التي يجب أن يعطيها اهتمامه، يقول: “لو عثرت ناقة بالفرات لخشيت أن أسأل عنها يوم القيامة إذ لم أسو لها الطريق”. فالطرق والجسور بناء وإصلاحا، وكل المرافق إنشاء وصيانة، وتسهيل الطرق والمواصلات من المصالح العامة التي يعود نفعها على كافة المسلمين، والحاجة الماسة تدعو إلى تحقيقها حفظا لراحة المسلمين وسدا لحوائجهم وتحقيقا لمنافعهم، ومن هنا أجاز الفقهاء الوقف على المصالح العامة كبناء الطرق والجسور. وإن الأصل أن تكون الطرق واسعة يسير فيها الناس بحرية كاملة، وبأمان كامل على أنفسهم وأموالهم، ولهذا لا ينبغي لأصحاب السيارات قطع طريق نافذ لأغراض شخصية ولا تضييقه على المارة ولا منع أحد من التصرف فيه؛ بل يضمن شرعا إن تعمد إيذاء أحد من أصحاب الطريق.
التأكد من صلاحية المركبة
يجب على السائقين تنظيم صيانة دورية للسيارة والتأكد من سلامتها وصلاحيتها للقيادة، بما في ذلك فحص الإطارات والفرامل وأضواء السيارة. إن الصيانة الدورية للسيارات تكمن أهميتها في الحفاظ على أرواح سائقي المركبات، وإن التأكد من صلاحية الإطارات أو الفرامل قد يؤدي إلى عدم وقوع حوادث.
الالتزام بقوانين السير
لقد تم تصميم قواعد المرور، مثل حدود السرعة وإشارات المرور وعلامات الطرق، للحفاظ على ظروف القيادة الآمنة وظروف المرور السلسة، وإن الالتزام بتلك الأنظمة التي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية واجب شرعا، لأنه من المصالح المرسلة، لما في الالتزام من إجراءاتها من حفظ لمقصود الشرع في الأنفس والأموال والأوقات.
تجنّب تشتّت الانتباه أثناء قيادة السيارة
القيادة المشتتة هي أحد الأسباب الرئيسية لحوادث السيارات، ومع انتشار استخدام الهواتف الذكية، نمت هذه المشكلة في السنوات الأخيرة، فقائدو المركبات الذين يستخدمون الهواتف المحمولة أكثر عرضة، بمقدار أربع مرات تقريبا، للوقوع ضحايا لتصادمات. فيجب مضاعفة مسافة الأمان بين سيارتك والسيارة التي أمامك حتى تتمكن من الوقوف بأمان، وتفادي الاستخدام المفاجئ والضغط الشديد على جهاز الفرامل.
إن عدم السرعة والحذر وعدم التفريط في الأمور اتكالا على القدر أمر مطلوب في الدين، فإذا كان لكل قدر سبب، فإن من أسباب النجاح في العمل هو الأخذ بالأسباب، وكذا فإن سبب الخيبة والفشل هو التفريط وترك العمل.
وضع حلّ نهائي لمسألة “الشاحنات»، خصوصا من حيث توقيت سيرها على الطرقات، الحمولة الزائدة، لأن غالبية الشاحنات لا تتقيّد مطلقا بالوزن المحدد، وهذا ما يؤدي عند حصول حوادث إلى التسبّب بحالات وفاة بشكل كبير، نتيجة عدم القدرة على السيطرة على الشاحنة، هذا فضلا عما تسبّبه هذه الشاحنات من أضرار في الطرقات لجهة زيادة عدد الحفر وعمقها وحجمها، ما يؤدي بدوره إلى حصول العديد من الحوادث المرورية. كذلك تشديد الرقابة على الدراجات النارية ومدى تقيّد سائقيها بمبادئ السلامة، منع وتجريم ومعاقبة السائقين تحت تأثير المهلوسات والمخدرات، فقد حرم الإسلام كل ما يضرّ بالصحة العامة أو يؤدي إلى الضرر، ومن ذلك حرمة الحشيش والأفيون والهيروين والمسكرات، لأن ذلك من أسباب الحوادث المرورية، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وقد نص الفقهاء على حرمة أكل السموم وكل ما فيه ضرر على الصحة.
الخبر
24/08/2025 - 22:43
الخبر
24/08/2025 - 22:43
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال