العالم

المغرب أمام سيناريو مدغشقر ونيبال

خطاب الملك محمد السادس زاد من حدة التوتر.

  • 3277
  • 3:28 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

تتجه الأوضاع في المغرب إلى المزيد من التعفن في ظل تشبث حركة "جيل زد" بمطالبها بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية ومحاربة الفساد وقرارها العودة إلى الشارع بعد خطاب مخيب للآمال للملك محمد السادس، مقابل ذلك استبق النظام المغربي مظاهرات السبت المقبل بإنزال عقوبات قاسية ضد المعتقلين ما بين 3 و15 سنة، تتزامن هذه التطورات وسيناريوهات دراماتيكية في مدغشقر وقبلها نيبال، حيث أدى غضب شباب "جيل زد" لإسقاط نظام الحكم القائم في هذه البلدان.

أصدرت محكمة الاستئناف بأغادير، مساء الثلاثاء، أحكاما قاسية تراوحت بين 3 و15 سنة سجنا نافذا في حق 16 شابا من المعتقلين على خلفية ما عُرف بـ"أحداث القليعة" وإنزكان، خلال موجة احتجاجات "جيل زد" التي تشهدها مدن مغربية منذ نهاية سبتمبر الماضي.

وقالت مصادر من هيئة الدفاع إن المحكمة قضت بالسجن 15 سنة في حق ثلاثة متهمين و12 سنة في حق واحد و10 سنوات في حق تسعة آخرين، بينما نال اثنان أحكاما بخمس وأربع سنوات نافذة على التوالي، وثلاثة آخرون ثلاث سنوات لكل واحد منهم.

وتوبع المتهمون أمام محكمة أكادير بتهم وُصفت بـ"الثقيلة"، من بينها "تخريب مبان ومنقولات في جماعات أو عصابات باستعمال القوة" و"إضرام النار في منقول غير مملوك لهم" و"العنف في حق رجال القوة العمومية باستعمال السلاح" و"العصيان وعرقلة الطريق العمومية".

وكانت المحكمة نفسها قد أصدرت في 7 أكتوبر الماضي حكما بالسجن عشر سنوات نافذة في حق شاب أدين بالمشاركة في الهجوم على مركز للدرك الملكي بمدينة القليعة، في إطار الملف ذاته.

وتأتي هذه الأحكام في سياق سلسلة من المحاكمات التي تشهدها عدة محاكم مغربية ضد أكثر من 400 شاب يتابعون على خلفية احتجاجات "جيل زد"، من بينهم من يحاكمون في حالة سراح وآخرون صدرت بحقهم أحكام وُصفت بـ"القاسية"، مثل تلك الصادرة مؤخرا عن محكمة الاستئناف بسلا في ملفات مشابهة.

وانفلتت الأوضاع بعد موجة عنف وقمع واعتقالات واسعة واجهت بها قوات النظام المغربي المحتجين الشباب الذين خرجوا إلى الشارع في وقفات سلمية للمطالبة بتحسين ظروف الحياة في المغرب، هذا العنف الذي فتح الباب أمام تفجر غضب كبير في وسط الشباب.

وكان الفرع الكندي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد نظّم الجمعة الماضي تجمّعا أمام قنصلية المغرب في مونتريال للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين الذين تمّ توقيفهم على إثر الاحتجاجات التي دعت إليها حركة "جيل زد".

وفي بيان قُرء أمام المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، ندّدت الجمعية "بشدة بالاعتقالات التعسفية والعنف ضد المتظاهرين السلميين" وطالبت "بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين على خلفية هذه الأحداث".

وكانت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سعاد براهمة قد أكدت، في تصريحات صحفية، أن "التوقيفات كانت كبيرة ومورس عنف كبير على المحتجين" من الشباب الذين تظاهروا في عدة مدن، "من أجل مطالب عادلة وبسيطة، كان من الممكن للدولة أن تجد حلا لها، كالصحة والشغل". وشددت البراهمة على أن المحتجين "ووجهوا بعنف كبير، واعتقل عشرات الشباب في مختلف مدن المملكة".

كما استنكر المحامون الشباب في بلاغ لهم ما خلفته الوقفات السلمية الاحتجاجية من ردة فعل عنيفة وطرق قمعية، إثر مطالبة الشباب بأبسط الحقوق المجمع على أحقيتها دوليا ودستوريا، التي رافقتها اعتقالات متعددة في صفوف الشباب والنساء.

وفي السياق تتواصل المطالب بالإفراج عن قادة حراك الريف المعتقلين، وهي المطالب التي زادت حدتها مع احتجاجات حركة شباب "جيل زد"، التي جعلت من حريتهم وحرية كل معتقلي الحراكات الاجتماعية مطلبا أساسيا، وهو ذات المطلب الذي أعادت مجموعة من الهيئات تسليط الضوء عليه مؤخرا لإحداث انفراج سياسي وحقوقي.

وأصدر ناصر الزفزافي، أحد معتقلي حراك الريف، الثلاثاء، رسالة يشير فيها إلى أن هناك من يربط حريته ورفاقه بركونهم إلى الصمت، وعبر عن الرفض المطلق لهذا الشرط.

ونقل طارق الزفزافي عن شقيقه رسالة مقتضبة للرأي العام، قال فيها "حريتنا مرهونة في قاموسهم بالصمت والارتماء والخضوع، وهذه خيانة للوطن المقدس، لا يمكننا أن نقبلها حتى ولو فصِّلت أطراف أجسادنا عن بعضها، الوطن أولا وأخيرا".

يشار إلى أن ستة من معتقلي حراك الريف لا يزالون خلف القضبان، ويتعلق الأمر بكل من ناصر الزفزافي، المحكوم بـ20 سنة، إلى جانب نبيل أحمجيق وسمير إغيذ، إضافة إلى كل من زكرياء أضهشور ومحمد الحاكي المحكومين بـ15 سنة، ثم محمد جلول المدان بـ10 سنوات.

وزاد خطاب الملك محمد السادس الأخير أمام البرلمان المخيب للآمال وكذا العنف والقمع والأحكام القاسية في حق المعتقلين من حدة الغضب في أوساط الشباب الناقم على النظام المغربي، وهو ما يفتح الباب أمام كل السيناريوهات. ويتساءل الكثيرون حول مآلات هذا الغضب الذي يحرك الشباب المغربي الناقم؟ وهل سيعيد إنتاج سيناريوهات مشابهة لتلك التي عاشها العالم في كل من نيبال وحاليا في مدغشقر، حيث أسقط الشباب الغاضب الأنظمة هناك؟