العالم

غزة تدفن أطفالها تحت أنقاض الإبادة والحصار والتجويع

دعت حماس المجتمع الدولي إلى التدخل والضغط على الكيان لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني

  • 219
  • 4:14 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

في مشهد يتكرر يوميا بفظاعة لا تطاق، تواصل آلة الحرب الصهيونية إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة بالقصف المباشر والتجويع الجائر، إذ تتكشف فصول أحد أبشع جرائم الإبادة الجماعية في تاريخ الإنسانية بعدما بلغت حصيلتها 52 ألفا و567 شهيدا و118 ألفا و610 مصابا وأكثر من 70 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد، بينما العالم يكتفي بدور المتفرج. ومع إقرار الحكومة الصهيونية خططا لاحتلال دائم لغزة وترحيل قسري لسكانها، جددت المقاومة تمسكها بخيار الصمود ومواصلة مواجهة الاحتلال.

وفي غارات صهيونية متواصلة على قطاع غزة منذ فجر أمس، استشهد 32 فلسطينيا، بينهم أطفال، وفق مصادر طبية. وشملت الغارات قصف شقق سكنية في منطقة الكرامة شمال غزة، ارتقى خلالها 15 شهيدا، ومنزل في السلاطين تسبب في ارتقاء 4 شهداء وآخر في حي التفاح (6 شهداء)، إضافة إلى قصف مسيّرة في خان يونس (شهيدان)، كما نقلت وسائل إعلام استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة وفقد عدد آخر في قصف جوي لمنزل بمنطقة معن شرقي خان يونس.

وارتفعت حصيلة ضحايا حرب الإبادة الجماعية والعدوان الذي تشنه قوات الاحتلال على قطاع غزة إلى أكثر من 52 ألفا و567 شهيدا و118 ألفا و610 مصابين منذ 7 أكتوبر 2023.

وأفادت وزراة الصحة الفلسطينية، أمس، بأن من بين الحصيلة 2459 شهيدا و6569 مصابا منذ 18 مارس الماضي، أي منذ استئناف الاحتلال عدوانه على القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار.

وأشارت الوزارة إلى أنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض والركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وفي سياق متصل، يسعى الكيان إلى توسيع نطاق عملياته العسكرية واحتلال كل قطاع غزة، حيث نقلت وسائل إعلام عبرية أن الحكومة الصهيونية صادقت على خطة شاملة لاحتلال كامل قطاع غزة، تتضمن تغييرا في الاستراتيجية العسكرية من الاقتحامات المؤقتة إلى الاحتلال الدائم للأراضي، من خلال خطة عسكرية تشمل اجتياحا بريا واسعا واحتلالا طويل الأمد، مع نية ترحيل السكان من شمال القطاع إلى جنوبه.

جاء القرار بالتزامن مع استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط من أجل تعزيز القوات البرية والجوية، حيث زعم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أن هذه الخطة تهدف إلى هزيمة حماس وإعادة الأسرى، بينما صرح وزير المالية سموتريتش بأن الاحتلال سيكون نهائيا "دون انسحاب حتى مقابل الأسرى". يأتي هذا التصعيد في وقت قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، إن واشنطن تواصل العمل على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

من جهتها، عبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن رفضها لأي تسوية لا تضمن إنهاء العدوان الصهيوني بشكل دائم والانسحاب الكامل من غزة وإعادة الإعمار والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وأكدت الحركة على تمسكها بخيار المقاومة والتصعيد العسكري لمواجهة التقدم الصعيوني، معتمدة على صمود الشعب الفلسطيني واستمرار العمليات العسكرية لاستنزاف قوات الاحتلال.

ودعت حماس المجتمع الدولي إلى التدخل والضغط على الكيان لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، مشددة على أن أي حل يجب أن يكون شاملا ويضمن حقوق الفلسطينيين كاملة دون تنازلات.

إنسانيا، دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، أمس، جميع الجهات الدولية الفاعلة، في مقدمتها الاتحاد الأوروبي، إلى اتخاذ خطوات جادة لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، سواء باستخدام الأسلحة العسكرية أو سياسات التجويع التي جعلت القطاع "خاليا تماما من الطعام".

ودعت كالامار، في تصريح صحفي، هذه الجهات إلى الضغط على الكيان، من أجل إدخال المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى قطاع غزة والعمل على محاسبة المسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.

وتحدثت كالامار عن الوضع الإنساني المتدهور في غزة بناء على ملاحظاتها ومتابعتها الميدانية لحرب الإبادة المستمرة منذ 19 شهرا، وتفاقمت حدتها مع فرض الكيان حصارا مطبقا على القطاع الفلسطيني منذ 2 مارس الماضي.

وفي السياق، أشارت كالامار إلى "دق ناقوس الخطر" في قطاع غزة بسبب نفاد الغذاء وكافة مقومات الحياة، لاسيما بعد استئناف حرب الإبادة في مارس الماضي، قائلة: "نعلم أن الناس يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، منظمة الأغذية العالمية ومنظمة الصحة العالمية وجميع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى تدق ناقوس الخطر، فلم يعد هناك طعام في غزة". وشددت على خطورة الوضع بتكرارها عبارة "لم يعد هناك طعام في غزة"، واصفة الأوضاع في عموم القطاع الفلسطيني بأنها "مرعبة للغاية"، مؤكدة أن ما يجري في غزة هو "إبادة جماعية على مسمع ومرأى الجميع".

ولا شك أن أكبر ضحايا المأساة الإنسانية في القطاع هم الأطفال باعتبارهم أضعف حلقة في وجه المجاعة التي تجتاح غزة، إذ توثق الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة أجسادا نحيلة وشعرا متساقطا وأطفالا عاجزين عن المشي بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشير الأرقام الرسمية إلى دخول أكثر من 70 ألف طفل إلى المستشفيات جراء الجوع، بينما يقف 290 ألف طفل على حافة الموت، في ظل حصار خانق يمنع دخول الغذاء والدواء منذ أشهر.

هذه المشاهد المؤلمة تفضح صمت العالم تجاه سياسة التجويع الصهيونية التي أودت بحياة 57 شخصا حتى الآن، بينما يصرخ 1.1 مليون طفل يوميا طلبا لأبسط مقومات البقاء.

وهكذا تحولت معاناة أطفال غزة إلى شهادة حية على إبادة جماعية بطيئة، حيث تكافح العائلات للحصول على لقمة تسد رمق أطفالها وسط طوابير ومطابخ خيرية أصبحت مخازنها خاوية من الطعام ولا تملك ما تقدمه للعائلات التي تصطف في الطوابير الطويلة.

التعليقات على منصات التواصل تنقل صورا مروعة: بطون منتفخة، عيون غائرة وأجساد أطفال تشبه الأطياف. هذا، ويحذر المكتب الإعلامي الحكومي من كارثة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار إغلاق المعابر ومنع حليب الأطفال والمكملات الغذائية منذ 64 يوما، ما يطرح تساؤلات مريرة عن مصير إنسانية العالم الذي يقف متفرجا بينما يموت الأطفال جوعا في القرن الحادي والعشرين تحت حصار مدعوم دوليا.

لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع