في مقال نشر يوم الثلاثاء 26 أوت تحت عنوان "وزارة الصحة تحشد المستشفيات للحرب"، أشارت الوسيلة الإعلامية الفرنسية " لو كنار أونشينيه" إلى أن الحكومة الفرنسية أمرت المستشفيات بالاستعداد لتدفق أعداد كبيرة من الجرحى نتيجة صراع مسلح.
وينص هذا التوجيه، الذي يهدف إلى التنفيذ الكامل بحلول مارس 2026، على إنشاء مراكز طبية لاستيعاب مئات الجنود، بما في ذلك الأجانب، في إطار تحدده التزامات حلف شمال الأطلسي.
وتسلط وثائق داخلية لوزارة الصحة الفرنسية، كشف عنها المصدر نفسه، الضوء على أن المستشفيات المدنية يجب أن تستعد لاستقبال عدد كبير من جرحى الحرب بحلول مارس 2026.
ويأتي هذا التوجيه بناء على تفويض من الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني، التي تعمل تحت وصاية "ماتينيون".
وتتضمن الخطة افتتاح مراكز طبية تقع بالقرب من طرق النقل الرئيسية - المحطات أو الموانئ أو المطارات - لتسهيل نقل الجرحى من مناطق القتال.
وسيتعين على المستشفيات المدنية أن تكون قادرة على علاج أكثر من 100 ألف جريح على مدى فترة تتراوح بين عشرة أيام ومائة وثمانين يومًا. ويهتم هذا النظام بشكل رئيسي بالجنود الأجانب الذين يتلقون العلاج على الأراضي الفرنسية في إطار الاتفاقيات الدولية.
كما قد يُطلب من جميع القطاعات الاستعانة بالكوادر الطبية لتعزيز قوة جهاز الصحة العسكري البالغ عدده 14 ألف فرد. أي تعبئة صحية عسكرية كاملة.
وتُوصي إرسالية صادرة عن وزارة الصحة، ذكرها موقع "لو كنار أونشينيه"، بإعلام الممرضين بالحقائق المتعلقة بسياق الحرب: نقص الموارد، وتدفق الجرحى، والصدمات النفسية والرعاية طويلة الأمد.
وتنص "المذكرة السرية" أيضاً على أن المستشفيات العسكرية سوف يتعين أن تصبح خالية تماماً لاستقبال الجنود الجرحى، الأمر الذي سيضطر المرضى المدنيين الذين يتلقون العلاج حالياً في هذه المؤسسات ــ وخاصة مرضى السرطان ــ إلى نقلهم للمستشفيات المدنية.
وتُظهر هذه الاستعدادات أن فرنسا تُرسّخ مكانتها كقاعدة خلفية لوجستية وطبية لحلف الناتو. كما تُشدد المراجعة الاستراتيجية الوطنية لعام 2025 على هذا الدور، إذ تنص على أن فرنسا يجب أن "تتولى دوراً محورياً في الدفاع عن أوروبا". وتشير الوثيقة إلى احتمال نشوب صراع مسلح كبير بحلول عام 2030.
وحاولت وزيرة الصحة الفرنسية كاثرين فوتران اليوم الأربعاء 27 أوت التقليل من تأثير هذه الإجراءات على قناة "بي أف أم"، من خلال التطرق إلى نهج "الاستباق" البسيط، الذي يُمكن مقارنته بالنهج المستخدم في التعامل مع الأوبئة.
وأكدت أن "على البلاد أن تكون مستعدة لأي أزمة". وفي الوقت نفسه، سيُوزّع على المواطنين ابتداءً من الخريف كتيب بعنوان "الجميع صامدون"، يتضمن قسمًا مخصصًا للحرب. هذا النوع من التواصل يُسهم تدريجيًا في إرساء منطق التعبئة الوطنية.
وتأتي "استعدادات" الحرب هذه، في وقت أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية في فرنسا، تتسم بسحب ثقة محتمل للحكومة التي يقودها فرانسوا بايرو، ودعوات إلى استقالة إيمانويل ماكرون، وأخرى إلى إغلاق وطني في 10 سبتمبر، كدليل على الإدانة الشعبية للإجراءات غير الديمقراطية التي اتخذتها الحكومة غير المنتخبة، والتي تهدف إلى إفقار الفرنسيين للتعامل مع الأزمة المالية والإفراط في المديونية.
وتجري هذه "التحضيرات" للحرب في خضم تهميش باريس في تسوية الصراع في أوكرانيا، والذي فرضه دونالد ترامب، وهو ما تجلى بوضوح في اجتماعه في القمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، وطريقة استقباله لمضيفيه الأوروبيين المحرضين على الحرب، مثل إيمانويل ماكرون في واشنطن.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال