خصص قانون المالية لسنة 2026 ميزانية تفوق 3 مليارات دينار للسلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
حسب مشروع ميزانية الدولة، خُصص مبلغ 3.110.000.000 لتحضير وتنظيم وتسيير والإشراف على مجموع العمليات الانتخابية والاستفتائية، وتتكفل السلطة بكل الإجراءات اللازمة لتحضير العملية الانتخابية وعمليات التصويت والفرز، حسب المادتين 7 و8 من الدستور، ابتداءً من استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية إعلان النتائج بكل نزاهة وشفافية.
ولكن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، كشف خلال آخر لقاء دوري مع الإعلام عن منح جزء من صلاحيات السلطة إلى وزارة الداخلية والجماعات المحلية. وأوضح الرئيس تبون أن التجربة الماضية أظهرت بعض الصعوبات التي واجهتها السلطة المستقلة، ولذلك تقرر إسناد جانب التحضير المادي إلى وزارة الداخلية، على غرار توفير صناديق الاقتراع وتوصيل محاضر الفرز. وأضاف أن أغلب أعضاء السلطة من المحامين وإطارات ليست لديهم خبرة في التسيير اللوجستي، مؤكدًا في الوقت نفسه أن صلاحياتها الجوهرية في ضمان الشفافية والمتابعة الدقيقة للعملية الانتخابية لا نقاش فيها.
وبخصوص موعد الانتخابات المحلية والتشريعية، أكد رئيس الجمهورية أنها ستُجرى في وقتها المحدد، مع التشديد على مواصلة محاربة المال الفاسد وشراء التوقيعات.
دستوريًا، يُفترض تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة خلال الستين يومًا التي تسبق نهاية العهدة البرلمانية الحالية. ووفقًا لحسابات قانونية مستندة إلى أحكام الدستور، يمكن تنظيم هذه الاستحقاقات ما بين 21 أفريل و21 جوان 2026.
ومع الحديث عن نقل الصلاحيات، عاد ملفا قانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية إلى الواجهة، باعتبارهما من المرتكزات الضرورية لضمان انتخابات شفافة ونزيهة. ومن المرتقب أن يُعرض المشروعان على المجلس الشعبي الوطني خلال الدورة التشريعية الحالية.
ويُنتظر أن تشمل التعديلات المرتقبة في قانون الانتخابات جوانب دقيقة تتعلق بضبط تمويل الحملات الانتخابية، وإبعاد المال السياسي الفاسد، إلى جانب تشديد المعايير المتعلقة بالترشح، وتوسيع العقوبات على المخالفات الانتخابية المحتملة.
وفي إطار الاستعدادات، أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، في بيان رسمي، عن انطلاق فترة المراجعة الدورية للقوائم الانتخابية التي تمتد من يوم الاثنين 20 أكتوبر 2025 إلى غاية الثلاثاء 18 نوفمبر من نفس السنة.
وقد خُصصت هذه المرحلة لتسجيل المواطنين غير المسجلين مسبقًا في القوائم الانتخابية، خاصة من بلغوا سن الثامنة عشرة بحلول 31 ديسمبر 2025. ودعت السلطة هؤلاء المواطنين إلى التقدّم بطلبات تسجيلهم لدى بلديات إقامتهم، شريطة استيفاء الشروط القانونية المطلوبة، مع إرفاق وثائق إثبات الهوية والإقامة.
كما شمل النداء فئة المواطنين الذين غيّروا محل إقامتهم، حيث طُلب منهم إعادة التسجيل في القوائم الانتخابية للبلديات الجديدة، في حين دُعي المواطنون المسجّلون سلفًا إلى تحديث بياناتهم الشخصية في حال طرأ أي تغيير على عناوينهم أو وُجدت أخطاء في المعلومات المدونة.
ولضمان سلاسة العملية، طالبت السلطة الراغبين في التسجيل أو التحديث بالتقرب من مندوبياتها على مستوى البلديات، خلال أيام الأسبوع، من الساعة التاسعة صباحًا إلى الرابعة مساءً، باستثناء يومي الجمعة والسبت. كما وضعت تحت تصرف المواطنين منصة إلكترونية تتيح التسجيل والتحقق من صحة البيانات وتقديم طلبات الشطب، في خطوة تعكس انخراطها في رقمنة الإدارة الانتخابية.
وفي إطار شمول العملية لكافة المواطنين، دعت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أفراد الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج إلى التوجه نحو الممثليات الدبلوماسية أو القنصلية المعنية للقيام بالإجراءات ذاتها، المتعلقة بالتسجيل أو تحديث البيانات الانتخابية.
تُعد هذه المراجعة محطة محورية تهدف إلى تدقيق القوائم الانتخابية، ضمان مصداقيتها من خلال تحديث بيانات الناخبين، شطب الوفيات، واستبعاد الأسماء المكررة، ما يسهم في توفير قاعدة انتخابية نزيهة وشفافة. وفي هذا الإطار، تضطلع البلديات بدور تنفيذي مباشر، يشمل فتح باب تسجيل الناخبين الجدد، خاصة من بلغوا السن القانونية، إضافة إلى استقبال الطعون ومراجعة السجلات الانتخابية ميدانيًا.
على المستوى السياسي، تشهد الساحة الوطنية حركية متزايدة مع بداية العدّ التنازلي للاستحقاقات المقبلة، فقد باشرت الأحزاب السياسية تحضيراتها الميدانية، عبر تنظيم تجمعات شعبية محلية، ولقاءات قاعدية في مختلف الولايات، في محاولة لتوسيع قواعدها، واستقطاب منخرطين جدد وتحقيق جاهزية تنظيمية على مستوى البلديات والمدن والقرى.
وتتنوع أنشطة الأحزاب بين تنصيب مكاتب انتخابية، تحديث بيانات مناضليها واستقطاب كفاءات جديدة، في محاولة لبناء خريطة انتخابية متماسكة وتفادي الوقوع في نفس أخطاء الاستحقاقات الماضية.
ومن اللافت أن الخطاب السياسي لدى عدد من التشكيلات الحزبية يركّز هذه المرة على الشباب والمرأة، في انسجام مع متطلبات القانون الانتخابي الذي يشجّع على توسيع التمثيل السياسي لهاتين الفئتين. كما تُظهر بعض الأحزاب توجهًا نحو اعتماد خطاب تجديدي يهدف إلى محاربة العزوف الانتخابي وإعادة بناء جسور الثقة مع الناخب، خاصة في المناطق الداخلية التي لطالما اشتكت من التهميش التنموي.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال