الوطن

إعادة رسم الخارطة السياسية والتمثيلية للولايات

من شأن التوزيع الجديد تعزيز حضور أبناء هذه المناطق في المجلس الشعبي الوطني.

  • 7684
  • 2:36 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

لا يعتبر التقسيم الإقليمي الجديد، مجرد تعديل جغرافي أو إداري، بل ستكون له انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة، إذ سيؤثر حتما في الخارطة السياسية والاقتصادية للبلاد خلال السنوات المقبلة، خصوصا في مناطق الهضاب العليا التي عانت تاريخيا من التهميش والغياب النسبي عن مركز القرار.

ومن شأن هذا التوزيع الجديد تعزيز حضور أبناء هذه المناطق في المجلس الشعبي الوطني بواقع ثلاثة أعضاء على الأقل عن كل ولاية، بغض النظر عن عدد السكان، كما ستضاف للولايات الجديدة اثنان وعشرون مقعدا في مجلس الأمة خلال العهدة 2028–2031، ما يسمح لها بإسماع صوتها والعمل على تلبية مطالب السكان في حدود ما هو متاح من صلاحيات لعضو البرلمان. ووفق أرضية حصلت عليها اللجنة القانونية بمجلس الأمة حول توزيع مقاعد البرلمان بعد التقسيم الإداري الجديد، يتم تخصيص مقعد واحد لكل 120 ألف نسمة، مع إضافة مقعد آخر إذا تجاوزت الحصة المتبقية من السكان 60 ألف نسمة، على ألا يقل تمثيل الولايات التي يقل عدد سكانها عن 200 ألف نسمة عن ثلاثة مقاعد في المجلس الشعبي الوطني.

وعلى المستوى المحلي، من شأن هذا التوجه تفكيك الهيمنة السياسية لنخب الولايات الأم، من خلال خلق أكثر من 400 مقعد جديد في المجالس الشعبية الولائية للولايات المستحدثة، حيث يأخذ توزيع المقاعد بعين الاعتبار عدد سكان الولاية، ابتداء من 35 عضوا للولايات التي يقل عدد سكانها عن 250 ألف نسمة، و39 مقعدا للولايات التي يتراوح عدد سكانها بين 250 ألفا و650 ألف نسمة، و43 مقعدا للولايات التي يتراوح عدد سكانها بين 650 ألفا و950 ألف نسمة، وصولا إلى 55 عضوا كحد أقصى للولايات التي يفوق عدد سكانها مليونا و250 ألف نسمة.

وتبعا لذلك لا تقل أفلو وبريكة عن 35 مقعدا، في حين ستتراجع عدد مقاعد ولاية باتنة من 47 إلى 43 مقعدا، والجلفة من 47 إلى 39 مقعدا.

ووفق هذا النظام، ستتمكن ولايات مثل بريكة من حيازة مجلس ولائي خاص بها، يضم بدل التنافس الشاق سابقا ضمن ولاية باتنة ذات الثقل السكاني الأكبر، وينسحب هذا السيناريو على ولايات بوسعادة المنبثقة عن المسيلة، وأفلو المتفرعة عن الأغواط، والعريشة والقنطرة المنبثقتين عن ولايتي تلمسان وبسكرة على التوالي. وفي اتجاه عكسي، يسمح هذا التقسيم بتحرر نخب الولايات الأم من ضغط المناطق المستحدثة التي كانت تشكل مراكز ثقل وتأثير حقيقي داخل ولاياتها الأم، كما هو الحال بالنسبة لأفلو في ولاية الأغواط، حيث كانت النخب المحلية تمارس نفوذا سياسيا واضحا.

وعلى المستوى الاقتصادي والإداري، يضمن المشروع توزيعا أكثر عدالة للموارد وتقاسم الريع، كما سينبثق عن التقسيم الإداري استحداث ما لا يقل عن 17 مديرية وإدارة متخصصة في كل ولاية جديدة، ما يفتح مئات المناصب أمام الإطارات المحلية.

وحسب الحكومة، فإن هذا القانون يندرج في إطار تجسيد مخطط عملها الهادف إلى تعزيز الحوكمة الإقليمية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنصاف الإقليمي، تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية. وأوضحت أن هذا القرار يجسد إرادة الدولة في تمكين السلطات المحلية من القيام بمهامها وصلاحياتها الكاملة لدفع التنمية على نحو جاد وتحسين الإطار المعيشي للسكان.

إلى جانب تطوير التنظيم الإداري بما يتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال العقد الأخير، ما سيتيح نمطا جديدا ومقاربة فعالة لتنمية هذه الأقاليم وإدماجها على المدى المتوسط والبعيد، محققا أهدافا وطنية تشمل أساسا تحسين الخدمة العمومية وتقريب الإدارة من المواطن، وتهيئة مناخ جاذب وتحفيز الشروط الضرورية للتنمية الاقتصادية، وإنجاز مشاريع استثمارية وتنموية في المناطق وترقية جاذبية الأقاليم، بما يسهم في إلغاء الاستثمارات غير المنتجة وخلق الثروة.