كشفت مسودة مشروع قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية الجديد عن أحكام ردعية وصارمة، تصل إلى حد الإعدام ضد مروجي السموم داخل أو بالقرب من المؤسسات التربوية أو التعليمية أو التكوينية، كما يقترح المشروع إجراء فحوصات دورية للتلاميذ للكشف المبكر عن المخدرات والمؤثرات العقلية، بعد موافقة ممثليهم الشرعيين أو عند الاقتضاء موافقة قاضي الأحداث المختص.
لم توقف صرامة أحكام القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2004، ظاهرة ترويج السموم التي تعرف تزايدا مقلقا، خاصة بالمؤسسات التربوية، وفقا لإحصائيات المصالح الأمنية، ولعل هذا ما جعل المشرّع يعيد النظر في النصوص القانونية من خلال تحديد عناصر مقاربة وطنية للوقاية من الآفة، توازن بين الوقاية وعلاج المدمنين وقمع الجرائم ذات الصلة، مع إشراك مؤسسات الدولة ومختلف مكونات المجتمع المدني في الوقاية من هذه الظاهرة، التي أصبحت تهدد الأمن القومي والصحة العمومية وطالت جميع فئات المجتمع بمن في ذلك الأطفال.
أبرز ما جاء به المشروع تحديد آليات جديدة من شأنها تحصين الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والمؤسسات ذات النفع العام وتلك المفتوحة للجمهور، وكذا المؤسسات والهيئات التابعة للقطاع الخاص، حيث يجب أن تتضمن ملفات المترشحين لمسابقات التوظيف تحاليل طبية سلبية لعدم تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية.
ويمكن، حسب المشروع، أن تشمل الفحوصات الصحية التلاميذ بالمؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية تحاليل للكشف عن المؤشرات المبكرة لتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية، حسب المشروع، وذلك بعد موافقة ممثليهم الشرعيين أو عند الاقتضاء، قاضي الأحداث المختص.
وفي حالة ما أظهرت النتائج وجود تعاط للمخدرات، يخضع المعني للتدابير العلاجية المنصوص عليها في هذا القانون، ولا يمكن أن يكون محل متابعة قضائية بسبب نتائج هذه التحاليل، ولا أن تستعمل هذه النتائج لغير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون.
كما يحدد المشروع كيفية إجراء علاج إزالة التسمم الذي يتم تحت إشراف القضاء، إما داخل مؤسسة متخصصة، أو خارجيا تحت المراقبة الطبية، ويتم إحالة القرار إلى الوزير المكلف بالصحة لتحديد كيفيات تكفل المؤسسات المختصة للصحة بهذا العلاج.
وعندما لا تستدعي حالة الشخص المعني دخوله إلى مؤسسة استشفائية، يتم وضعه تحت المراقبة الطبية بموجب أمر صادر عن القاضي المختص، ويبلّغ بذلك فورا الشخص المعني أو ممثله الشرعي إذا تعلق الأمر بطفل.
وقد انطوى المشروع على عقوبات جديدة لتعزيز حماية القصّر والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن يعالجون بسبب إدمانهم على المخدرات والمؤثرات العقلية من هذه الآفة، حيث تسلط عقوبة السجن المؤقت من عشرين إلى 30 سنة، ضد كل من يحرّض هذه الفئة أو يقوم بتوظيفهم أو استخدامهم في نقل المخدرات أو المؤثرات العقلية أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع أو التصرف فيها أو استخدامها بشكل غير مشروع.
وتصل العقوبة إلى الإعدام إذا ارتكبت الجريمة داخل أو بالقرب من المؤسسات التربوية أو التعليمية أو التكوينية، وتكون العقوبة بالسجن المؤبد في حالة ارتكابها داخل أو بالقرب من المؤسسات الصحية أو الاجتماعية أو داخل هيئات عمومية أو مؤسسات مفتوحة للجمهور.
من جانب آخر، يقترح المشروع تقديم تحفيزات مالية أو غيرها للأشخاص الذين يقدمون للسلطات المختصة معلومات من شأنها أن تفضي إلى الكشف عن مرتكبي جرائم المخدرات ومروجيها، ومراجعة أحكام العود عن طريق الأخذ بعين الاعتبار سلّم العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، والأحكام المتعلقة بظروف التخفيف، لا سيما الحالات التي تؤدي فيها المخدرات إلى الوفاة أو التي يكون من شأنها إحداث أضرار جسيمة بالصحة العمومية.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال