الوطن

الجزائر - باريس .. نحو القطيعة

الوضع السائد بين البلدين يؤشر على أن العلاقة مع باريس، تتجه نحو مرحلة القطيعة الفعلية، بعد انفراجة جزئية، أحدثتها تفاهمات بين رئيسي البلدين.

  • 18978
  • 2:25 دقيقة
ح.م
ح.م

تتجه العلاقات بين الجزائر وفرنسا نحو بداية مرحلة القطيعة، بطرد 24 عضوا من البعثتين الدبلوماسيتين سابقا، ثم طرد دفعة جديدة، أمس واليوم، من الجانبين، بالإضافة إلى الإجراءات والمواقف والقرارات غير المعلنة، التي تكون قد اُتخذت في مفاصل إداراتي البلدين على عدة مستويات تشاركية.

وبإعلان وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، اليوم، استدعاء القائم بالأعمال الجزائري في باريس، لإبلاغه بأن فرنسا "ستطرد" دبلوماسيين جزائريين، ردا على رفض الجزائر دخول 15 موظفا دبلوماسيا، أمس، وفق ما جاء في الإعلام الرسمي، تكون حالة التوتر بين العاصمتين قد ارتمت في حلقة لا متناهية من القرارات والقرارات المضادة، ثم الرد والرد على الرد، على نحو تصاعدي غير مسبوق في إدارة العلاقات الدبلوماسية بين الدول.

هذا الوضع يؤشر على أن العلاقة مع باريس، دخلت فعليا مرحلة القطيعة، بعد انفراجة جزئية، أحدثتها تفاهمات بين رئيسي البلدين، اُريد لها الوأد في المهد، بسجن موظف قنصلي جزائري في فرنسا، بشكل يخالف الأعراف والقوانين ذات الاختصاص.

ومن الملاحظ، أن باريس تريد فصل مسألة طرد الدبلوماسيين عن قضية ملاحقة الموظف القنصلي الجزائري وسجنه خارج الأعراف الدولية، والاشتباه بدبلوماسي آخر، تمهيدا لتوجيه له الاتهام، في قضية ادعاءات باختطاف المدعو "أمير دي زد"، في حين أن قرارات الطرد بالنسبة للجزائر كلية ومترابطة في نسق واحد، وتنطلق من ملاحقة وسجن الموظف القنصلي خارج الأعراف والقوانين المعمول بها.

وكانت الأزمة بين البلدين قد تشكلت إثر خروج فرنسا عن الشرعية الدولية في مسألة الصحراء الغربية، وتجاهلها بأن القضية مدرجة في جدول أعمال هيئة الأمم المتحدة كتصفية استعمار، بالرغم من أنها (فرنسا) عضو دائم في مجلسها للأمن، وبالتالي يقتضي على باريس التزام الحياد في كل المسارات التحررية المطروحة على مستوى الهيئة الأممية.

وتطورت الأوضاع وتشعبت، بوصفها نتيجة طبيعية للعبة الأدوار التي اعتمدتها باريس في إدارة الأزمة، وترك الهامش الكبير لوزير الداخلية، برونو روتايو، ليتصرف وفقا لقناعاته وطموحاته الحزبية والشخصية تجاه الجزائر والجزائريين، فأضفى على الأحداث بعدا أمنيا، عن طريق إسداء تعليمات صارمة بوقف أو تضييق معالجة طلبات الإقامة للمهاجرين، ثم الترخيص بمباشرة تحقيقات أمنية مع موظف قنصلي في ادعاءات مرت عليها سنة كاملة من دون إشعار بلاده، مستفيدا من ظروف سياسية مواتية، توازنت فيها التيارات المتناقضة وتعايشت ضمنها الأضداد.

وواصلت باريس على نفس النسق الذي حدده روتايو، عبر مديرية الأمن الداخلي، التي تحت سلطته، فأعلنت الاشتباه بمسؤول سابق رفيع المستوى بالسفارة الجزائرية في باريس بـ"الضلوع في اختطاف أمير بوخرص، بمعية ثلاثة أشخاص، من بينهم موظف قنصلي جزائري، متواجدين في الحبس المؤقت على ذمة التحقيق في الادعاءات".

وبدأت تظهر ملامح تغوّل النزعة اليمينية المتطرفة على الخطاب الرسمي للدولة الفرنسية، في حشر وزير الداخلية أنفه في الشؤون الخارجية لبلده من دون حدود وبروتوكول، رغم ملاحظات أصدرها زميله وزير الخارجية، من جهة، والقضاء من جهة ثانية، تبين فيما بعد أنها مجرد صيحة في واد سحيق، وديكور لتأثيث المشهد السياسي على نحو يبعث الانطباع بوجود استقلالية بين السلطات وعدم تداخل في الأدوار.