أفضت الأيام الدراسية التي احتضنها مجلس، قضاء تيبازة إلى الدعوة للإسراع في إصدار المراسيم التنظيمية المتعلقة بتطبيق أحكام التدابير الوقائية والعلاجية من آفة المخدرات.
أكد رئيس مجلس قضاء تيبازة، عبد الوافي خليفي، أن القانون الجديد رقم 25-03 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية ومحاربة الاستعمال والاتجار غير الشرعي بها يرسم استراتيجية وطنية شاملة لحماية المجتمع من مخاطر هذه الآفة، وتعزيز الوعي المجتمعي، وضمان التكفل الطبي والنفسي بالمدمنين وإعادة إدماجهم، مع التركيز على حماية الشباب والمؤسسات التعليمية والصحية.
وأوضح خليفي أن العدالة ليست مجرد رادع، بل حجر أساس في تعزيز الوقاية والحس الوطني، من خلال إشراك جميع المؤسسات والأطراف المعنية، بما فيها القضاء، والصحة، والتربية، والمساجد، والمجتمع المدني وأولياء التلاميذ، في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية.
وجاءت تصريحات خليفي خلال اليوم الدراسي المنظم من طرف مجلس قضاء تيبازة، بالتنسيق مع مديريتي الصحة والتربية الوطنية بتيبازة، مشيراً إلى أن هذا اليوم يأتي في إطار سلسلة الأيام العلمية المبرمجة من طرف وزارة العدل، خاصة المتعلقة بالمستجدات التشريعية المرتبطة بالأداء الوظيفي لقطاع العدالة التي تمس الشأن العام مباشرة، بهدف التعريف بما هو مستجد في القانون وانفتاح العدالة على محيطها، والمساهمة في ترقية الوعي الاجتماعي ونشر الثقافة القانونية والقضائية، وتنمية الحس الوطني من أجل مساهمة الجميع، أفراداً وأسراً وهيئات ومؤسسات، في حماية المجتمع من كل الآفات والظواهر الإجرامية التي تهدد مستقبل الأبناء.
وأوضح خليفي أن القانون 25-03 الصادر في 01 جويلية 2025، المعدل والمتمم للقانون 04-18، يرسم استراتيجية وطنية جديدة للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمعها، ويهدف إلى حماية الأمن القومي من مخاطر الاستعمال والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، ومعالجة الاختلالات المجتمعية الناتجة عنها، وحماية الصحة العمومية من خلال ضمان التكفل الطبي والنفسي بالمدمنين وإعادة إدماجهم مجتمعياً، مع اعتماد آلية التصدي للإدمان، خاصة بين الشباب، وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية وتأثيراتها السلبية، عبر آليات الوقاية والتحسيس التي تشارك فيها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها.
وأشار رئيس مجلس القضاء إلى أن القانون وضع تدابير وقائية وعلاجية تهدف إلى حماية جميع فئات المجتمع، وتحصين المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية، وتحسين التنسيق بين القطاعات في مجالي الوقاية وقمع جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، وتحديد الجرائم والعقوبات المطبقة عليها حسب خطورتها، ووضع قواعد لمتابعتها وقمعها، وتطوير آليات التعامل الدولي في مجال الوقاية ومكافحة هذه الظاهرة.
وأضاف أن القانون عزز آلية الكشف المبكر عن المخدرات والمؤثرات العقلية في الوسط المدرسي والمؤسسات التعليمية عامة، وحماية قطاع الشغل والوظيفة العمومية عبر إلزامية تقديم شهادة سلبية عند التوظيف أو المسابقات، كما وضع آليات لمتابعة المدمنين الذين توبعوا وسجنوا بسبب جرائم المخدرات، بهدف إعادة إدماجهم اجتماعياً.
وأكد خليفي أن القانون تبنى مقاربة شاملة ترتكز على الوقاية والعلاج والردع والتنسيق المؤسساتي لمعالجة مختلف الظواهر المرتبطة بالإجرام، حيث عزز التنسيق بين مؤسسات الدولة، من القضاء والمؤسسات العمومية والتعليمية والصحية والمؤسسات المعنية بالشباب، لرسم استراتيجية وطنية تهدف إلى الوقاية ثم تطبيق أساليب الردع، مع تشديد العقوبات لتصل إلى حد الإعدام والسجن المؤبد في الجرائم الخطيرة التي تؤدي إلى وفاة الأشخاص أو تقع في الوسط المدرسي أو التعليمي أو تمس بالنظام والأمن العام، إلى جانب تعزيز إجراءات تطبيق حالة العود وغيرها من التدابير.
من جهته، أشار النائب العام لدى مجلس قضاء تيبازة، محمد كربوب، إلى أن القانون الجديد يعكس ديناميكية الدولة في التصدي لآفة المخدرات والمؤثرات العقلية ويولي أهمية كبيرة للجانب الوقائي والعلاجي.
وأكد كربوب أن انتشار الظاهرة لفت انتباه السلطات العمومية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، الذي أصدر التعليمات التي تلقتها وزارة العدل وسارعت إلى اقتراح هذا القانون الذي حظي بمصادقة البرلمان بغرفتيه، ليعكس عزم السلطات العليا في البلاد على مكافحة هذه الآفة الخطيرة التي ألحقت ضرراً جسيماً بصحة أبناء الوطن.
وقد جاءت أحكام القانون لتحقيق موازنة أكبر بين الأحكام الوقائية والعلاجية والإجراءات الردعية. وأضاف أن القانون عزز فكرة الوقاية باعتبارها مسؤولية اجتماعية تشمل الأسرة والمسجد والمجتمع المدني وأجهزة الدولة ووسائل الإعلام، وحماية الإدارات والمؤسسات العامة والخاصة عبر اشتراط تقديم تحاليل طبية تثبت عدم تعاطي المخدرات، إلى جانب عدة أحكام إجرائية جديدة تشمل التحقق من مشروعية مصادر الأموال المشبوهة، وتمكين النيابة من نشر صور المشتبه فيهم، وتحفيز المبلغين، وحماية القصر وذوي الاحتياجات الخاصة، ومعاقبة من يحرض أو يستخدم هؤلاء الأشخاص، مع تشديد العقوبات إذا ارتكب الجرم داخل أو بالقرب من المؤسسات التربوية أو التعليمية أو الصحية أو الهيئات العمومية.
وأوصى المشاركون في أشغال اليوم الدراسي بالإسراع في إصدار المراسيم التنظيمية المتعلقة بتطبيق أحكام التدابير الوقائية والعلاجية الواردة في القانون 25-03، وتسهيل الوصول إلى المؤسسات المعنية بعلاج الإدمان، وتوفير العنصر البشري المؤهل، وزيادة عدد المؤسسات الاستشفائية المتخصصة، وإنشاء مراكز جهوية مجهزة بكافة الإمكانيات، إلى جانب بلورة آليات عمل مشتركة بين مختلف المؤسسات والفاعلين لضمان معالجة الظاهرة من جذورها، والتكثيف من برامج التوعية والتحسيس في مختلف الهيئات ووسائل الإعلام، مع الانتباه أيضاً لظاهرة الإدمان الرقمي وضرورة استشراف الظاهرة لوضع الإطار القانوني والتنظيمي للحد من آثارها ومخاطرها على المجتمع.
وشهد اليوم الدراسي تقديم مداخلات من قضاة وأطباء ناقشت الأحكام المستجدة في القانون وآليات مكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع بها، وتفعيل دور المؤسسات الصحية في علاج وتأهيل المتعاطين ضمن إطار قانوني يحترم السرية ويدعم إعادة الإدماج، وتقديم الدعم الطبي للقضاء لاتخاذ قرارات حازمة ورادعة ضد شبكات المتاجرة، وتعزيز الوعي الصحي والقانوني في أوساط الشباب.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال