الوطن

سوابق باريس في استسهال التوقيف وإثارة القضايا مع الجزائر

ليست المرة الأولى التي تندفع فيها فرنسا إلى توجيه اتهامات تخص قضايا أمنية إلى موظف في سلك ذي صلة بوزارة الخارجية.

  • 2132
  • 2:27 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

اعتبر وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو، في تصريح لقناة الفرنسية الثانية، أمس الثلاثاء، أن فتح تحقيق وتوجيه اتهامات إلى موظف دبلوماسي جزائري مسألة تدخل في نطاق استقلالية العدالة، وقال إن مسار هذا التحقيق القضائي والإجراءات القضائية مستقل ومنفصل عن مسار العلاقة بين الحكومتين، لكن وضع هذه القضية تحت عنوان استقلالية المسار العدلي والقضائي واستدعاء حادثة سابقة ومماثلة في ملابساتها وتداعياتها السياسية يؤكد خلاف ذلك ويبرز كيف تورطت باريس في قضية مدير التشريفات في الخارجية الجزائرية عام 2008، محمد زيان حسني، دون وجود أدلة كافية، انتهت بانتفاء وجه الدعوى، بعدما كلفت تلك القضية البلدين أزمة سياسية حادة، نجم عنها إلغاء زيارة كانت مقررة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بداية عام 2009. 

وليست المرة الأولى التي تندفع فيها السلطات الفرنسية إلى توجيه اتهامات تخص قضايا أمنية إلى موظف في سلك ذي صلة بوزارة ومصالح الخارجية الجزائرية، يحميهم نص اتفاقية فيينا. فقبل قضية اعتقال السلطات الفرنسية الموظف الجزائري القنصلي في قنصلية كريتاي ضواحي باريس، بناء على تحقيق بشبهة المشاركة في ما تزعم باريس أنه تحضير لاختطاف المدعو أمير بوخرص المصنف في الجزائر على لائحة الإرهاب منذ ماي 2021، يحتفظ مسار العلاقات بين البلدين بقضية مماثلة في عهد الرئيس الفرنسي اليميني نيكولا ساركوزي.

ففي 14 أوت 2008، أوقفت السلطات الفرنسية مسؤول التشريفات في وزارة الخارجية الجزائرية، محمد زيان حسني، تنفيذا لأمر بالقبض صدر في حقه بشبهة ضلوعه في اغتيال علي مسيلي، وهو معارض سياسي جزائري وقيادي في جبهة القوى الاشتراكية الذي كان يقوده الزعيم حسين آيت أحمد (خلال فترة السرية والعمل في الخارج قبل إقرار التعددية السياسية في البلاد عام 1989).

وأدت تلك الأزمة إلى توتر سياسي كبير وأزمة دبلوماسية عنيفة بين البلدين، نجم عنها إلغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا في أفريل ثم خريف 2009. وبعد التحقيق معه قرر القضاء الفرنسي الإفراج المؤقت عن الدبلوماسي زيان ووضعه تحت الرقابة القضائية بفرنسا مع الإحضار الجبري حتى فيفري 2009، حيث تم الإفراج عنه وسمح له بمغادرة التراب الفرنسي مع إلزامه مستقبلا بالرد على دعوات قاضي التحقيق. وفي أفريل 2010 رفض القضاة والمحققون في قضية اغتيال المعارض علي مسيلي في باريس عام 1987 طلبا تقدم به دفاع الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني لإبطال التهم الموجهة إليه وانتفاء وجه الدعوى، رغم تزكية الطلب من قبل النيابة العامة بباريس بداية شهر مارس من نفس العام وقرارها تحويل محمد زيان حسني من متهم إلى شاهد في قضية مسيلي بسبب عدم كفاية الأدلة الموجهة ضده .

لكن محكمة الاستئناف بباريس قررت في 31 أوت 2010 انتفاء وجه الدعوى لصالح الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني، وأعلن حينها وكيل الدفاع عن الدبلوماسي الجزائري، المحامي جان لوي بيلتييه، أن المحكمة الباريسية استجابت لطلب تقدم به الدفاع في شهر جوان 2010 لإقرار انتفاء وجه الدعوى لصالح مدير التشريفات بوزارة الخارجية الجزائرية، وبالتالي إغلاق ملف متابعته القضائية لعدم كفاية الأدلة، ما كان يعني بالنسبة للجزائر وجود تسرع لدى القضاء الفرنسي في توقيف وإلقاء تهم على مدير التشريفات في الخارجية الجزائرية دون توفر الأدلة الكافية.