سبق أن أكدنا مرارا وتكرارا على أكاذيب اليد الممدودة لمحمد السادس، وسوء نيته فيما يتعلق بالتهدئة الحقيقية للعلاقات بين بلاده والجزائر.
هذا الثلاثاء 29 جويلية، وبمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتوليه السلطة، "عيد العرش"، استحضر محمد السادس مرة أخرى يده الكاذبة الممدودة، في خطاب مستهلك، مما يُوضح نموذجا تجاوزته الجيوسياسية الحالية، والعناد على عدم الامتثال للقانون الدولي، بشأن قضية الصحراء الغربية، والذي من شأنه أن يُؤدي إلى إحياء التكامل المغاربي المتجانس، وضمان العيش في سلام وتضامن للأجيال المغاربية القادمة.
لقد ربط المخزن وجود نظامه الملكي بقضية الصحراء الغربية، عبر "خطة حكم ذاتي" من ثلاث صفحات، وهو خطأ تاريخي واستراتيجي للغاية، حيث راهن على بقائه، من خلال تقديم تنازلات مهمة لداعميه في المغرب وكذلك في الأراضي الصحراوية المحتلة.
إن المخزن، الغارق في نموذجه الإيديولوجي المتمثل في الإصرار على لعب دور الدولة التابعة والوظيفية، يفتقر اليوم إلى الرؤية في عالمٍ يتجه نحو الجيوسياسية والمصالح.
كما لم يعد لدى المخزن ما يُقدمه لأسياده، وتبين أن يده الكاذبة الممدودة للجزائر مجرد وهم وضربة سيف في الماء. إن هذه اليد الممدودة الكاذبة للمرة الألف يجب أن تُشجع الجزائريين على أن يكونوا أكثر يقظة، علما أن المغرب مع كل دعوة للحوار مع الجزائر، اعتاد على المكر، كما يتضح من تورطه في الحرائق الإجرامية التي ارتكبها إرهابيو تنظيم "الماك".
وكان أن اتُّخذ موقفا مماثل في بداية عهد محمد السادس سنة 1999، حين ارتكبت جماعة إرهابية مجزرة في منطقة بني ونيف، يوم إحياء الذكرى المزدوجة لـ20 أوت، وبعد أيام قليلة من زيارة رئيس الجمهورية، الراحل عبد العزيز بوتفليقة، إلى المغرب لحضور جنازة الحسن الثاني، والد محمد السادس.
وتجدر الإشارة إلى أن الزيارة هذه كانت تهدف إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، لكن دون جدوى.
علاوة على ذلك، فإن محمد السادس هو نفسه الذي التزم الصمت في نوفمبر 2021، بعد أن قامت طائراته من دون طيار باغتيال ناقلين جزائريين على مرمى حجر من الحدود الموريتانية، وهو اليوم الذي كانت تحتفل فيه الجزائر بالذكرى السابعة والستين لثورة الأول من نوفمبر المجيدة. وهو نفسه محمد السادس الذي سمح للكيان الصهيوني أن يستقر على أراضيه على بعد خطوات من الحدود مع الجزائر، هو الذي سمح لرئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، يائير لابيد، بتهديد الجزائر.
وهو نفسه محمد السادس الذي يُواصل البكاء بشأن إعادة فتح الحدود، في الوقت الذي تُواصل فيه آلته الدعائية نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة حول الجزائر.
محمد السادس، الذي يعترف بأن مملكته هي سبب هذه القطيعة، منذ أن اتهمت الأجهزة الأمنية الجزائرية، ظُلما ودون أي دليل، بأنها كانت وراء هجمات مراكش في أوت 1994، ولم تكن لديه أبدا الشجاعة لتقديم الاعتذار، بحكم القيم الإنسانية، وخاصة حسن الجوار.
إن إدانة الجزائر لاختيارها مبدأ المعاملة بالمثل، ليست سوى وهم، لشعب معروف بكبريائه وعزمه على عدم قبول الإهانة. وسنة 1994، كان الحسن الثاني، الذي دعم إرهابيي الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة، طرفًا رئيسيًا في الحصار غير المعلن الذي فرضه النظام الفرنسي على الجزائر.
إن خرجة محمد السادس، هذا الثلاثاء 29 جويلية، ليست إلا نسخا ولصقا لأياد ممدودة كاذبة ومستهلكة في عالم يتغير مع ضعف أوروبا التي أصبحت بمثابة بيدق لواشنطن، وهو ما أكده الاتفاق الأخير حول التعريفات الجمركية، مع العلم أن إدارة ترامب لم تعد ترى الأمور كما كانت في ديسمبر 2020 بتغريدتها الشهيرة.
والمغرب الذي يعيش حالة انهيار اقتصادي واجتماعي، أصبح في حسابات الأمريكيين الذين يستعدون على الأرجح لرسم مخطط جديد للمنطقة، كما تُشير تصريحات مستشار ترامب السابق، جون بولتون، الذي أحبط كل محاولات المخزن لتشويه صورة جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، وكذلك تصريحات المستشار الرفيع للإدارة الأمريكية، مسعد بولس، الذي شدّد على الدور المحوري للجزائر كقوة ودولة محورية في المنطقة.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال