استمر، أمس، لليوم الثالث على التوالي، النقاش حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 من قبل رؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب السياسية، في أجواء لم تخرج عن الإطار العام الذي ميّز الجلسات السابقة منذ بداية الأسبوع.
فعلى الرغم من تباين بعض المواقف، إلا أن القاسم المشترك بين مختلف التدخلات كان التأكيد على ضرورة الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة وتثمين مضمون المشروع باعتباره امتدادا لسياسات الإصلاح الاقتصادي، مع الدعوة إلى ترجمة الأرقام والمؤشرات الواردة فيه إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وركزت مداخلات رؤساء الكتل على أهمية استقرار السياسة المالية للدولة، لاسيما أن المشروع لم يتضمن إجراءات جبائية جديدة، ما يعكس حرص الحكومة على حماية القدرة الشرائية للمواطنين. كما شددوا على تفعيل التحفيزات الموجهة للاستثمار والإنتاج المحلي وتشجيع روح المقاولاتية وتحسين مناخ الأعمال، باعتبارها ركائز أساسية لخلق مناصب شغل جديدة وتحسين مستوى المعيشة في مختلف مناطق البلاد.
ورغم إشادة أغلب المداخلات بالتوجهات العامة للمشروع، إلا أن العديد من النواب أبدوا تحفظات وانتقادات بشأن طريقة تسيير الموارد المالية، معتبرين أن ضخامة الميزانيات المرصودة لا تكفي وحدها لتحقيق الانطلاقة الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، ما يستدعي ـ حسبهم ـ إصلاح أساليب التسيير وتبسيط الإجراءات الإدارية، بما يضمن تجسيد البرامج على أرض الواقع وتحسين الظروف المعيشية للفئات محدودة الدخل.
وفي الجلسة الصباحية، ركّز نواب المجلس الشعبي الوطني على الانشغالات ذات الطابع المحلي، خصوصا في قطاعات الأشغال العمومية، السكن، الري، التربية والصحة، باعتبارها تمسّ مباشرة الحياة اليومية للمواطنين.
وفي هذا السياق، دعا المتدخلون إلى إنجاز طرق مزدوجة تربط المناطق الداخلية بالولايات المجاورة وفتح منافذ جديدة على الطريق السيار شرق–غرب وتوسيع شبكة السكك الحديدية، كما شددوا على تطوير النقل الحضري من خلال توسيع خطوط الترامواي والمترو في العاصمة وفتح خطوط جوية داخلية جديدة.
أما في قطاع السكن، فقد طالب النواب بمراجعة شروط الاستفادة من السكن الاجتماعي ورفع الحصص السكنية، خاصة في صيغة السكن الريفي، إلى جانب رفع التجميد عن الهياكل الرياضية وإنشاء مركّبات جوارية ومسابح عبر مختلف الولايات.
وفي مجال الري، شدد المتدخلون على ضرورة ازدواجية الربط بين محطات تحلية مياه البحر والمناطق الداخلية لتفادي أزمات المياه وإنجاز محطات جديدة لتصفية المياه المستعملة، كما طالبوا في قطاعي التربية والصحة بإنجاز مؤسسات تربوية جديدة لمواجهة الاكتظاظ ومراجعة البرامج التعليمية لتشجيع الإبداع، إلى جانب رفع التجميد عن المشاريع الصحية المتوقفة وتدعيم التكوين الطبي المحلي وفق المعايير الدولية، مع تعزيز حضور الأطباء الأخصائيين في مختلف المصالح الاستشفائية.
كما تطرقت بعض المداخلات إلى أهمية محاربة البيروقراطية وتشجيع الاستثمار المحلي، بوصفه السبيل الأمثل لدعم التنمية المستدامة وتحسين فعالية التسيير العمومي.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال