تمر اليوم ذكرى رحيل الزميل والصديق محمد شراق، رئيس القسم السياسي في جريدة "الخبر"، الذي غادرنا في 17 نوفمبر 2018، تاركا خلفه فراغا لا يملأ، وذاكرة مهنية وإنسانية ما زالت حاضرة في كل زاوية من زوايا الجريدة.
رحل شراق او عبد القدوس في لحظة مباغتة، لكن حضوره ظل أقوى من الغياب، يستعاد في كل نقاش، وكل عنوان، وكل تفصيلة تتطلب دقة الصحفي وضمير الرجل.
عرفت محمد شراق لسنوات طويلة، عملنا كتفا إلى كتف داخل القسم السياسي، نتقاسم الإجهاد نفسه، والسباق نفسه مع الوقت، والحرص نفسه على أن تكون "الخبر" وفية لقرّائها. كان شراق من طينة الصحفيين الذين يربون جيلا لا بصرامة المهنة فقط، بل بفضيلة الهدوء والاتزان واحترام الرأي. لم يكن يرفع صوته، ولم يكن يدخل في صدامات مجانية، لكنه كان حاسما حين يتعلق الأمر بالحقيقة، وبخط الجريدة، وبأخلاقيات العمل.
كان محمد يملك قدرة نادرة على تبسيط أكثر الملفات تعقيدا، وعلى قراءة المشهد السياسي بحدس الصحفي الذي يعرف أين يبحث، وأين يضع أسئلته. ولذلك لم يكن مفاجئا أن يتحول إلى مرجع داخل الجريدة، يلجأ إليه الزملاء لفهم خلفيات الأخبار، أو لتدقيق فكرة، أو لمجرد الاستئناس برأيه.
بعد رحيله، ظل اسمه يتردد في المكاتب كما لو أنه لم يغادر. كلما رجعت إلى أرشيف القسم، أجد آثاره في طريقة تحرير الأخبار، وفي الانضباط الذي تركه فينا جميعا. لقد كان محمد شراق أكثر من مسؤول قسم، كان مدرسة قائمة بذاتها، وتوازنا إنسانيا ومهنيا نفتقده اليوم.
في ذكرى وفاته، لا نملك سوى استعادة ملامحه، والكتابة عنه بما يليق برجل عاش الصحافة بضمير، وغادرها بصمت، لكنه بقي فيها… بيننا.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال