"التّعامل مع الطوارئ ركن أصيل في منظومتنا التّشريعية"

38serv

+ -

 أكّد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشّيخ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، أنّ نازلة جائحة كورونا «نشأت عنها مسائلُ شرعيةٌ ملحةٌ في العبادات والأحوال الشّخصية والمعاملات».وقال الدكتور محمد عبد الكريم العيسى في افتتاح المؤتمر العالمي «الافتراضي»: (فقه الطوارئ: معالم فقه ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد) الّذي نظمته رابطة العالم الإسلامي وبالتعاون مع مجلس الإمارات للإفتاء الشّرعي، بمشاركة نخبة من كبار العلماء والمفتين والمجالس والمجامع الفقهية، وعدد من المفكرين والأكاديميين عبر تقنية مؤتمرات الفيديو.وأضاف العيسى: «لئن سعد الجميع باتفاق كلمة العلماء تحت مظلّة مجامعَ علميةٍ (كلٌّ في فجِّه العميق)، فإنّا سعادتنا لا توصف وقد انعقدت عزيمة تلك المجامع، لتلتقي هنا على كلمة سواء في مسائلَ ذاتِ شؤونٍ وشجون»، وأضاف «وكلّنا على موعدٍ، مع علماء الأمّة الإسلامية للتّصدّي لتلك المستجدِات الفقهية، عبر هذا الملتقى، موضّحين الحكمَ الشّرعي في مسائلها وفروعِها بالبيّنات الزّبر، اضطلاعًا بالمسؤولية الشّرعية، حيث اختارهم الله تعالى لحمل الأمانة وأدائها، فكانوا أحقَّ بها وأهلَها».ولفت الشّيخ العيسى إلى أنّه «من مبدأ الجود في العلم الّذي أسّس له نبيُّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم في هديه الكريم، سيتطرّق المؤتمر بمشيئة الله (وهو ينتهز فرصةَ هذا الجمعِ الاستثنائيِّ الكبير) إلى موضوعات شرعية أخرى (مُلِحَّةٍ في سياقنا الإسلامي)».وأشار أمين عام الرابطة إلى أنّ «هذه الجائحةَ مع كَبَدِ معاناتها، إلّا أنّها تحمل منافع للنّاس، وكان ذلك حقًّا، فقد فتحت هذه الجائحةُ للخلق آفاقًا وتدابيرَ، لم تخطر لهم على بال، وقد قال الله تعالى: (في كُره ظاهر، في بادي الرأي، غيرَ أنّه يحمل في طيّاته خيرًا) قال: «فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا».من جهته، أكّد رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشّرعي ورئيسَ منتدى تعزيز السّلم، العلامة الشّيخ عبد الله بن بيه، في كلمته الافتتاحية أنّ  اختيار عنوان «فقه الطوارئ» على الفقه لرحابة صدره وفساحة مجاله، فهو العلم بالأحكام الشّرعية المستنبطة عن طريق الاجتهاد.وأفاد العلّامة عبد الله بن بيه أنّ فقه الطوارئ «يمكن أن نقرّب معناه، من خلال استعمال ما يُعرف بالعلَل الأربع عند المناطقة، وهي العلل الّتي يقوم عليها كلّ بناء، وهي الغاية والمادة والصّورة والفاعلية».وأوضح الشّيخ بن بيه أنّ «التّعامل مع الطوارئ ركن أصيل من أركان كلّ منظومة تشريعية، ولشريعتنا الإسلامية في هذا المضمار فضل عناية ومزيد اهتمام، وذلك بوصفها المنظومة التعبُّديّة والقانونيّة الّتي تحكم النّسق السّلوكي والمعياري في حياة الفرد والجماعة المُسْلمَيْن»، وأضاف «فبتكاملها المشار إليه تَعُمّ الكليات الخمس».وشدّد على ضرورة ألّا يغفل الفقه «التأثيرات الحاصلة في الواقع»، مشيرًا إلى أنّ هذا «الواقع شريكٌ في تنزيل الأحكام وتطبيقها، كما دلّت على ذلك النّصوص والأصول وأبرزته ممارسات السّلف الرّاشد الاجتهادية وتنزيلاتهم الوقتية»، وأضاف «فقد لزم النّظر في تأثير هذا الواقع الاستثنائي الجديد على الأحكام الشّرعية، وفق المنهج السّليم في تحقيق المناط بما يحقّق غايتَيْ الاستنباط والانضباط».وأشاد رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيسَ منتدى تعزيز السلم، بدور العلماء في «مؤسسات الفتوى الرسمية وفي مساجدهم ومدارسهم خلال تصديهم للنّوازلِ المستجدة الّتي فرضها الواقعُ الجديد بآليات الفتوى المقرّرة والمناهج المُتّبَعَة وبما يوافق السياقات المحلّية»، وأضاف «لقد كان لرابطة العالم الإسلامي بقيادة معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى قصب السّبق في كلّ عمل توحيدي وجهد تجديدي، فلم يألُ معاليه جهدًا أو يدخر طاقة في جمع طاقات الأمّة العلمية ودعوة قادة الرّأي والفكر فيها لتعميق الأخوّة وتوثيق الصّلة لما فيه نفع الأمّة الإسلامية والبشرية».تجدر الإشارة إلى أنّ مؤتمر «فقه الطوارئ» يهدف لدراسة المسائل والمجالات الّتي تؤثّر فيها جائحة كورونا والخروج باجتهاد فقهي يحقّق المناط منها، حيث تمّ عقد 10 جلسات، تتعلّق بأحكام تأخير الصّلاة في ظلّ ظروف الجائحة وإغلاق المساجد مؤقتًا، وأحكام تقديم وتأخير دفع الزّكاة، وأحكام الصّيام للمصابين بفيروس كورونا وطواقم الرّعاية الطبية، وأحكام الحجّ للقادرين عليه في زمن الوباء وانتشار العدوى بين النّاس، ومجال المعتقدات، وتتضمّن موقف الإنسان من الكوارث والأزمات وكيف يفسرها (مسألة الخير والشرّ والصّلاح والأصلح)، وأيضًا في مجال المعاملات، إلى جانب تقديم الرّأي الشّرعي في مختلف العقود الّتي تأخّر تنفيذها بسبب الجائحة، وكيفية سداد الديون (وما ترتّب في الذمّة) في حال التضخّم الاقتصادي، ونظرية الطوارئ في قانون المعاملات المدنية. وكذلك التّعامل مع الموتى من ضحايا كورونا، واستخدام اللّقاحات للوقاية من المرض، ومخالطة مريض كورونا للأصحاء وهل يضمن إن تسبّب في مرض غيره وهل يدخل في باب «الجنايات»، والامتناع عن زيارة الوالدين والأقارب وعدم المصافحة خوفا من العدوى، وإمكان اعتبار تأثيرات الجائحة النّفسية والمادية في قضايا الخلافات الأسرية. واختتمت الجلسات بمناقشة الجهود المميزة للدول الإسلامية في التّعامل مع جائحة كورونا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات