استأنف البرلمان بغرفيته نشاطه التشريعي والرقابي، اليوم، في آخر دورة له في العهدة الحالية، أول عهدة بعد الحراك الشعبي الذي دفع لإحداث تغييرات في نمط الحكم وفي توجهاته وأدواته، مما يفتح باب التساؤلات والتوقعات بشأن أولويات والتزامات النواب البرلمانية ورهاناتهم الانتخابية.
تفتتح المؤسسة التشريعية أعمالها، بالتزامن مع تغيير حكومي، أعلن عنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، بعد استقبال وترسيم الوزير الأول بالنيابة، سيفي غريب، في منصبه، وتكليفه بتشكيل طاقمه الحكومي، وفق ما أفادت رئاسة الجمهورية، ما يضفي على الدورة حركية جديدة، تفرض على النواب مواكبة إيقاعها، لإثبات جدارتهم أمام الناخبين ووفاء لالتزاماتهم الدستورية، على حد تعبير نواب استطلعت "الخبر" رأيهم.
وأبرز ما في جدول أنشطة البرلمان، مشروع قانون المالية وقوانين تأجلت من الدورات السابقة، وتلك المنتظرة من اجتماعات مجلس الوزراء والحكومة، والواضح أن قانون المالية الذي يضبط إدارة الميزانية، سيكون خاليا من ضرائب إضافية وفق تقديرات مصادر خاصة ومراقبين، "تعزيزا للقدرة الشرائية للمواطنين وتخفيفا للأعباء المالية للمواطنين".
وتشكل هذه الدورة اختبارا وفرصة لدى النواب لتحضير مشروع تجديد الثقة فيهم من قبل الناخبين في التشريعيات التي هي على الأبواب، باستثناء الذين شغلوا عهدتين، فصار عليهم مغادرة مبنى زيغود يوسف بقوة القانون والدستور، رغم محاولات تعديل القوانين بما يكسبهم حق البقاء لأكثر من عهدتين مثلما كان معمولا به السابق، قبل أن يضع دستور 2020 حدا لها.
وعلى صعيد حزبي، تستعد الأحزاب للعب أدوارها للمحافظة على مقاعدها أو زيادتها في المجلس الشعبي الوطني، خاصة أحزاب الأكثرية، لكن ذلك مرتبط باستقرارها الداخلي ومقاربات قادتها في إدارتها، المتباينة من حيث الخطاب والأسلوب.
فبينما يعيش حزب جبهة التحرير الوطني على وقع انقسامات في السنوات الأخيرة، ومحاولات رأب الصدع ولم الشمل من قبل الأمين العام الحالي، عبد الكريم بن مبارك، يغتنم التجمع الوطني الديمقراطي المساحات للتمدد داخل المجلس واحتلال فراغات في التيار الوطني، في حين تظل حركتي البناء الوطني ومجتمع السلم، باعتبارهما صاحبتا أكثرية في المجلس، في صدارة الأحزاب الإسلامية الممثلة في البرلمان بغرفتيه، وهما في تنافس رغم التباين في الموقع والموقف السياسيين، فالأولى مصطفة مع الموالاة وتحاول لعب أدوار استشارية وتنبيهية، أكثر منها سياسية ورقابية، فيما الثانية تتخندق في المعارضة البرلمانية بمفردها.
وفي تعليقه حول افتتاح الدورة البرلمانية، يرى رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة التحرير الوطني، ناصر بطيش، بأن أولوية مجموعتهم "مرافقة مسار الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وتجدد حرصها على جعل هذه الدورة محطة نوعية في العمل النيابي". وتعتبر الكتلة أن "أولوياتها أيضا تتمثل في تكريس الإصلاحات المؤسساتية المنبثقة عن دستور 2020".
كما تشدد الكتلة، وفق تصريح بطيش لـ "الخبر"، على "أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الاستجابة لانشغالات المواطنين ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي"، داعية الى "تكثيف التنسيق مع مختلف المجموعات البرلمانية قصد ضمان نقاش جاد وبنّاء، يترجم طموحات الشعب الجزائري".
بدوره، يعتبر "الأرندي" افتتاح الدورة مناسبة، لحث النواب على مواصلة "نشاطهم الدؤوب للتكفل بانشغالات المواطنين وإيصالها إلى السلطات العمومية، وممارسة عملهم الرقابي على الحكومة، وفق توصيات داخلية من القيادة بخصوص المناسبة، داعيا إلى "تعزيز التكافل والتضامن الوطني لدعم مجهودات الدولة من أجل إنجاح الدخول الاجتماعي والاقتصادي وحماية القدرة الشرائية للمواطن، التزاما بالحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة".
وضمن النسيج الحزبي البرلماني يبرز دور الأحرار أيضا في المساهمة في التشريع والرقابة، وهي كتلة نمت في فترة حكم الرئيس تبون، الذي فسح المجال للمجتمع المدني للعب أدوار سياسية ضمن التزاماته السياسية والانتخابية التي قطعها في برنامجه الانتخابي في العهدتين. وحاولت "الخبر" استطلاع" رأيهم وأولوياتهم في الدورة الأخيرة، غير أنه لم يتسن ذلك.
ويرى مراقبون للشأن البرلماني، بأن كتلة الأحرار في المجلس الشعبي الوطني تلعب أدوارا لا تتأثر بالإيديولوجيات والاتجاهات التي تمليها الأحزاب على النواب المنتسبين إليها، في حين قد يجعل افتقارها لغطاء حزبي عامل من عوامل ضعف لمواقفها تجاه مشاريع القوانين المطروحة.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال