العالم

"البوليساريو مستعدة للتفاوض مع المغرب"

وزير الخارجية الصحراوي يؤكد أن الورقة المنسوبة إلى الولايات المتحدة ليست مشروع توصية.

  • 27106
  • 5:27 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

كشف محمد يسلم بيسط، وزير خارجية الصحراء الغربية، أن الورقة المنسوبة إلى الولايات المتحدة ليست مشروع توصية لحل النزاع في الصحراء الغربية، كما تم تداوله، وإنما هي أفكار أمريكية قدمت لمجموعة الأصدقاء.

 وقال محمد يسلم بيسط، في تصريح لـ"الخبر"، على هامش ندوة صحفية نشطها بمقر سفارة الصحراء الغربية بالجزائر، اليوم الأربعاء، إن قنوات الاتصال بين الطرف الصحراوي وأعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم الطرف الأمريكي، مفتوحة بشكل دائم، وأن التواصل مستمر مع مختلف الأطراف الدولية المعنية بالقضية الصحراوية، موضحا أن: "الورقة المنسوبة إلى الولايات المتحدة ليست مشروع توصية، كما تم تداوله، وإنما هي أفكار أمريكية قدمت لمجموعة الأصدقاء، التي يُحتمل أن تتوصل في مرحلة لاحقة إلى مشروع توصية رسمي".

"أي نقاش أو تحرك حول القضية هو مؤشر إيجابي"

 وأشار منشط الندوة إلى أن الحراك الأخير والاهتمام الدولي المتزايد بالقضية الصحراوية يُعدان نتيجة طبيعية لكفاح الشعب الصحراوي وصموده المستمر منذ خمسة عقود، مؤكدا أن هذه التحركات الدبلوماسية من شأنها أن تساهم في تحقيق تقدم ملموس في دراسة الملف الصحراوي.

 وأضاف المتحدث أن هذه الديناميكية الدولية قد تفتح المجال أمام توافقات جديدة من شأنها تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير مصيره.

 وختم محمد يسلم بيسط بالقول إن أي نقاش أو تحرك حول القضية هو مؤشر إيجابي، لأن الخطر الحقيقي يكمن في الجمود والتجاهل، أما الاهتمام الدولي المتزايد فهو أمر مرحب به، ودليل على وعي العالم بمعاناة الصحراويين وتطلعاتهم نحو الحرية وتقرير المصير.

 وفي كلمته الافتتاحية للندوة، جدد محمد يسلم بيسط استعداد جبهة البوليساريو للدخول في مفاوضات مباشرة وجادة مع المملكة المغربية، بحسن نية ودون شروط مسبقة، تحت رعاية الأمم المتحدة، على أساس روح ومضمون المقترح المُوسّع، بهدف التوصل إلى حل عادل وسلمي ودائم يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي.

"المقترح الصحراوي يمثل خطوة ودية"

 وشدد المتحدث على أهمية المقترح الصحراوي باعتباره "مبادرة طوعية نابعة من نية صادقة للاستجابة للمناشدات المتكررة التي وجهها مجلس الأمن للطرفين"، مؤكداً أنه يتماشى مع قواعد وأعراف القانون الدولي، ومع "القرارات الملزمة للأمم المتحدة والمحاكم الدولية التي تؤطر سبل حل النزاعات".

 وأوضح بيسط أن المقترح الصحراوي يمثل خطوة ودية صادقة من الشعب الصحراوي نحو الجيران المغاربة، ووصفه بأنه "يد ممدودة حقيقية للتوصل إلى حل شامل وعادل ودائم، نتمنى أن يتم التعامل معه بروح بنّاءة ومسؤولة".

 وأضاف الوزير أن "الاقتراح الصحراوي شامل وديمقراطي، يسترشد بالخيارات التي تتيحها قرارات الأمم المتحدة في إطار تصفية الاستعمار وممارسة الحق في تقرير المصير، بما فيها الاستقلال أو الاندماج في الدولة المغربية أو أي خيار آخر". وبيّن بيسط أن هذا المقترح نابع من تطلع الشعب الصحراوي كشعب إفريقي ومغاربي إلى "ضرورة تسريع الاندماج المغاربي والتكامل في شمال القارة الإفريقية، انسجاماً مع رؤية الاتحاد الإفريقي وتطلعات شعوب المنطقة".

 وشدّد الوزير على أن السلم الحقيقي لا يُبنى بالدسائس ولا بالمناورات ولا بالحلول المفروضة، بل "ينبني على الحوار المسؤول والاحترام المتبادل وتبادل المنافع ومواجهة التحديات المشتركة بعقل وحكمة وصدق".

ودعا بيسط القوى الدولية الفاعلة إلى الكف عن دعم طرف ضد آخر، قائلا: "ننتظر من المجتمع الدولي أن يكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة، وأن يساهم في دفع الطرفين نحو مفاوضات جدية ومسؤولة".

 كما وجّه رسالة مباشرة إلى المغرب، معرباً عن أمله في أن "يدرك الأشقاء أن المراهنة على الأطراف الخارجية خيار محفوف بالمخاطر وذو كلفة باهظة"، مؤكداً أن الحوار المباشر مع الصحراويين هو الخيار الأفضل الذي "سيمكننا معا من تقاسم عادل لفاتورة السلام".

 واستشهد بيسط بتجربة السلام مع موريتانيا، واصفاً إياها بأنها "قصة نجاح حقيقية ومثال يُحتذى به"، حيث "نجحنا مع أشقائنا هناك في الانتقال من الحرب وويلاتها إلى نموذج فريد من الأخوة والتعاون وحسن الجوار".

وأضاف أن "التجارب التاريخية للنزاعات تؤكد جميعها أن السلم الحقيقي لا يُفرض بالقوة، بل هو الذي يعالج الأسباب الجذرية للصراع لتفادي تكراره في المستقبل".

 وتوقف الوزير عند جوهر النزاع في الصحراء الغربية، مشيرا إلى أنه "يتعلق بمحاولة تغيير الحدود الموروثة عن الاستقلال بالقوة، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً للأمن والسلم في المنطقة".

وقال إن أي "تغيير غير قانوني أو غير ديمقراطي للحدود هو إعلان لتناسل الحروب والنزاعات في القارة الإفريقية"، محذراً من أن "فرض حل أعرج لنزاع واحد قد يجر المنطقة إلى صراعات متعددة".

 الجهة الوحيدة لحل النزاع

وعلى هامش الندوة، قال ممثل البوليساريو في دول البلطيق، حدي الكنتاوي، إن المقترح الصحراوي الجديد وجه للأمم المتحدة، لأن جبهة البوليساريو تتعامل مع الملف انطلاقاً من كون المنظمة الأممية هي الجهة المسؤولة عن الوضعية القانونية الراهنة للإقليم.

 وأوضح الكنتاوي، في حديث مع "الخبر"، أن أي دولة، سواء كانت الولايات المتحدة أو فرنسا أو غيرهما من الأعضاء في مجلس الأمن، لا يمكنها أن تتعاطى مع القضية خارج هذا الإطار، لأن المرجعية القانونية الوحيدة تبقى قرارات مجلس الأمن والوضع القانوني للإقليم كما تقره الأمم المتحدة.

 وأشار الكنتاوي إلى أن البوليساريو تقدمت بهذا المقترح بعدما كان الاحتلال المغربي قد طرح مشروع "الحكم الذاتي" باعتباره خطوة إلى الأمام، غير أن البوليساريو ـ حسب قوله ـ قفزت خطوتين إلى الأمام، في بادرة تعكس حسن النية والتأكيد على تمسكها بخيار السلام، ولكن على أساس قاعدة قانونية صلبة تستند إلى شرعية موقفها كحركة تحرير.

 وأضاف الكنتاوي أن الشعب الصحراوي هو الجهة الوحيدة المخوّل لها تقرير مصير الإقليم، وهو ما يشكّل جوهر الوثيقة والمقترح الجديد الذي تقدمت به الجبهة، مؤكدا أن هذه الخلفية القانونية والسياسية كانت وراء تحريك "المياه الراكدة"، على حد تعبيره، في مواجهة محاولات بعض القوى الدولية القفز على الشرعية الدولية وعلى الوضع القانوني القائم للصحراء الغربية.

 وفي تعليقه على المبادرة يرى الصحافي الصحراوي، أحمد علين، أن مبادرة البوليساريو تضمن مسارا استراتيجيا يمكن البناء عليه، وأوضح في حديث مع "الخبر" أن هذه المبادرة ترتكز على ثلاث نقاط: "الأولى عدم التنازل عن تقرير المصير كأساس.

والثانية خيارات متعددة كالانضمام للمغرب، الحكم الذاتي، الاستقلال وترك الشعب الصحراوي يقرر ما الذي يريد. والثالثة اتفاقيات حول استغلال الثروات، وضعية المستوطنين مستقبلا، والحدود المفتوحة، واستعمال البنية التحتية (ميناء بوكراع لتصدير الفوسفات، معبر الكركرات نحو منطقة الساحل وجنوب الصحراء، ومطارات الداخلة وبنايتها السياحية".

 ويرى المتحدث أن الأساس الآن هو رهان الصحراويين على الواقع بعيدا عن الصخب، متسائلا: "هل نحن قادرون على فرض شروطنا (حماس نموذجا) وما العمل المستقبلي في حال صممت الإدارة الأمريكية على تمرير المقترح وعدم اعتراض روسيا والصين".

 تفاؤل حذر

ويبدي المسؤولون الصحراويون الذين تحدثت إليهم "الخبر"، تفاؤلا حذرا إزاء المساعي الجديدة الرامية إلى حلّ النزاع في الصحراء الغربية. فبينما يرون في التحركات الدبلوماسية الأخيرة بارقة أمل لإعادة بعث مسار التسوية المتعثر، لا يُخفون في الوقت نفسه شكوكهم إزاء جدية بعض الأطراف في الالتزام بخيار الحلّ العادل الذي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

 وتركز القواعد على مستوى الداخل، حسب تصريحات المسؤولين، على خطاب الوحدة لمواجهة التحديات الكبرى، مع وجود خطاب نخبوي نوعا ما يرى أن المبادرة الأمريكية غير واقعية، خاصة وأن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، سبق أن قامت بنفس الأمر، حين سربت رسالة إلى أعضاء مجلس الأمن زائد إسبانيا تقول فيها إنها ستدرج مراقبة حقوق الإنسان لمهام المينورسو، واستبشر حينها الصحراويون، خاصة الموجودين في المناطق المحتلة خيرا، لكن ظهر أنها كانت مناورة لا أكثر، لأجل فرض جلوس المغرب مع البوليساريو على طاولة المفاوضات.