مجتمع

مقابر من دور للسكينة إلى مرتع للشعوذة

انتهاك صارخ لحرمة الموتى ومشاعر الأحياء.

  • 757
  • 1:29 دقيقة
صورة: ح.م
صورة: ح.م

كشفت حملات النظافة التي شهدتها مؤخرًا مقابر بلديات ولاية المدية، عن حجم الإهمال الذي طال هذه الأماكن التي من المفترض أن تكون مواطن للسكينة والاحترام الأبدي، تحولت المقابر، مع مرور الزمن وتراكم الإهمال، إلى مواقع موحشة تعجّ بالسحر والشعوذة، في انتهاك صارخ لحرمة الموتى ومشاعر الأحياء.

فرق التنظيف، التي باشرت عملها في عدد من البلديات، صُدمت مما اكتشفته تحت أكوام الأعشاب اليابسة والنفايات المتراكمة، فبدلًا من أن تكون القبور شاهدة على دعوات المحبين، تحوّلت إلى مسارح لأعمال السحر الأسود، حيث عُثر على طلاسم، وكتابات غريبة، ومواد مشبوهة مطمورة قرب القبور أو ملفوفة بأقمشة سوداء، ما يدل على نشاط مكثف للمشعوذين والسحرة الذين وجدوا في عزلة هذه الأماكن ملاذًا لممارسة طقوسهم.

وتحدث بعض سكان المنطقة بمرارة عن هذا الوضع، مؤكدين أن المقابر أصبحت مصدر خوف بدلًا من الطمأنينة، حيث بات غرباء يتسللون حاملين أكياسًا غامضة، إلا أن غياب الحراسة الدائمة وانعدام التهيئة، جعلت من هذه المواقع بيئة خصبة لمثل هذه الانتهاكات.

المؤلم في الأمر، أن الإهمال لا يقتصر فقط على الجوانب الأمنية، بل يشمل أيضًا البنية التحتية للمقابر، التي تعاني من تصدع في الأسوار مثلما هو الشأن لمقبرة شلالة العذاورة التي تصدعت جدرانها وباتت في متناول كل من أراد الولوج إليها، ومقبرة بلدية البرواقية التي  باتت في حاجة ماسة إلى سور يفصلها عن حي سكنات "عدل"، ويبقى القاسم المشترك بين المقابر هو غياب واضح لعلامات التوجيه أو الترقيم، ما يصعّب حتى على الزائرين مهمة الوصول إلى قبور ذويهم.

العديد من الفاعلين الجمعويين والمشاركين في مثل هذه الحملات دعو السلطات المحلية إلى التحرك العاجل، عن طريق وضع حراسة ليلية لمنع أي نشاط مشبوه، إطلاق حملات توعية حول حرمة المقابر وتوفير صيانة دورية وتهيئة تليق بالمكانة الروحية لهذه المواقع، التي لم تعد مجرد أماكن لدفن الأجساد، بل هي ذاكرة مجتمع، ومرآة تعكس احترامه للإنسان، حيًّا وميتًا، فهل تتحرك الجهات المعنية قبل أن تُدفن القيم مع أجساد الراحلين؟