مع اقتراب عيد الأضحى، يتجدد الأمل في قلوب المواطنين البسطاء، وتتعالى الدعوات بأن يكون العيد مناسبة للفرح والتكافل لا للقلق والأسى. وفي وقت ترتفع فيه الأسعار وتضيق فيه القدرة الشرائية على كثير من الأسر، تأتي مبادرة الدولة لاستيراد الأضاحي كفسحة أمل وعنوان لحرص السلطات على تخفيف الأعباء وضمان عيد في متناول الجميع.
وفي هذا الإطار، وبناءً على القرار السامي لرئيس الجمهورية القاضي باستيراد مليون رأس من الغنم تحسباً لعيد الأضحى المبارك، شهدت ولاية المدية بداية الاسبوع الجاري وصول أول شحنة من الأغنام المخصصة للولاية، وذلك في ظروف تنظيمية محكمة وتنسيق تام بين مختلف المصالح.
وقد تم استقبال القطيع في الموقع المخصص له خلال ساعات متأخرة من الليل، تحت إشراف مباشر من المفتشين البيطريين وإطارات مديرية المصالح الفلاحية، الذين سهروا على ضمان كل شروط السلامة الصحية والتغذية السليمة، لتصل الأضاحي إلى المواطنين في أفضل حال، صحياً وتنظيمياً.
وتأتي هذه العملية في إطار برنامج وطني واسع لتوفير الأضاحي بأسعار مدروسة وظروف صحية مضمونة، بما يبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين، في انتظار استكمال استلام باقي الحصص خلال الأيام المقبلة
ولاقى قرار رئيس الجمهورية القاضي بالسماح باستيراد أضاحي عيد الأضحى استحساناً واسعاً في أوساط المواطنين، خاصة أصحاب الدخل المحدود، الذين أثقلت كاهلهم أسعار الماشية المحلية المرتفعة في السنوات الأخيرة، مما حرم العديد منهم من إحياء سنة الأضحية، وأجبر البعض على اقتنائها بالتقسيط أو الاكتفاء بشراء كميات ضئيلة من اللحم.
وقد عبّر العديد من المواطنين، خاصة في المناطق التي تشهد ارتفاعاً غير مبرر في أسعار الأضاحي، عن ارتياحهم لهذه المبادرة الرئاسية، التي من المنتظر أن تتيح إمكانية اقتناء الأضحية بسعر لا يتعدى 40 ألف دينار، وهو مبلغ في متناول شريحة واسعة من الأسر الجزائرية.
وفي تصريح خص به "الخبر"، قال أحد المواطنين: "كبش العيد هذه السنة سيكون في متناولنا أخيراً، بعد أن كان بعيد المنال في السنوات الماضية. كنت أذهب إلى السوق فأجد الأسعار خيالية، فأضطر لشراء بضعة كيلوغرامات من اللحم فقط، حفاظاً على كرامة العائلة والأبناء في هذا العيد". وأضاف: "هذه المبادرة بمثابة انفراجة كبيرة، ونشكر السلطات عليها"، فيما قال آخر أن استيراد الأضحية وبسعر معقول لا يتعدى الـ 40 ألف دينار، سيغنينا عن جشع مربي الماشية وسماسرة العيد.
ويرى متابعون للشأن الاقتصادي أن هذا القرار لا يحمل بعداً اجتماعياً فقط، بل يعكس أيضاً توجهاً استراتيجياً نحو ضبط السوق المحلية، من خلال كسر الاحتكار الذي يمارسه بعض المربين والتجار، والذين طالما استغلوا المناسبات الدينية لرفع الأسعار بطريقة غير مبررة.
كما أكد مواطنون آخرون أن استيراد الأضاحي قد يسهم في خلق نوع من التوازن السعري، ويعيد الانضباط إلى سوق الماشية، التي باتت خاضعة في كثير من الأحيان لمنطق العرض الذي يحدده "جشع البعض" بدل أن يراعي القدرة الشرائية للمواطن.
وتبقى الآمال معلقة على أن تترافق هذه الخطوة مع آليات رقابة صارمة، لضمان وصول الأضاحي المستوردة إلى مستحقيها بأسعار معقولة، بعيداً عن المضاربة والوساطة، ولتكون فعلاً بادرة تنعكس إيجاباً على العائلات الجزائرية، لا سيما في هذه المناسبة الدينية التي ترتبط بالفرح والتضامن الاجتماعي.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال