رياضة

الرابطة "تسقط" في اختبار الجغرافيا

"العدالة الرياضية" تأجّل إرساؤها إلى إشعار آخر غير معلوم..

  • 3527
  • 4:33 دقيقة
الصورة: م.ح
الصورة: م.ح

أثار قرار صادر عن رابطة ما بين الجهات لكرة القدم استياء غير مسبوق وسط العديد من الأندية، بسبب ما حمله من تقسيم "غير عادل"، بل و"مُريب" أيضا، للأندية على المجموعات الأربع، وهي الشرق والغرب ووسط ـ شرق ووسط ـ غرب (باستثناء مجموعتي جنوب ـ شرق وجنوب ـ غرب).

وحين نستند إلى بيان رسمي صادر عن رابطة ما بين الجهات على موقعها الرسمي بتاريخ 12 جوان 2025 على 22.32 سا، والذي سبق اجتماع الرابطة بالأندية يوم 19 جوان 2025، نقف عند تناقض صارخ بين "القول" و"الفِعل"، فقد حمل "قول الرابطة"، من خلال البيان، إعلانا صريحا، بل تعهّدا واضحا على التزامها بما أطلقت عليه عبارة "مبدأ العدالة الرياضية، وتحقيق توازن أكبر بين مختلف المجموعات، بما يضمن منافسة أكثر إنصافا للأندية المشارِكة"، بينما حمل "فِعل الرابطة" خلال الاجتماع، تمسكا بذلك التقسيم القديم ساري المفعول منذ عدة مواسم ودون سابق إنذار، رغم أن الرابطة نفسها اعتبرته، ضمنيا، وفي بيان رسمي، بأنه لا يُحقق التوازن بين المجموعات ولا يضمن العدالة الرياضية.

واللافت أكثر في القضية أن رابطة ما بين الجهات تراجعت فجأة عن قرار "إجراء تعديلات على تركيبة المجموعات الشرق والغرب ووسط ــ شرق ووسط ــ غرب"، رغم أنها كانت قد ذكرت في بيانها بأنها اتخذته "بعد دراسة معمّقة واستنادا إلى معطيات موضوعية وتقنية، وهو تحوّل لم يقطع الشك باليقين بأن "الارتجال" هو سيّد قرار الرابطة فحسب، إنما تعدى ذلك وأضحت الشكوك مشروعة "نوايا" رابطة ما بين الجهات، وقد جعلت "العدالة الرياضية" متأرجحة بين "جهات" تحوز على "الأفضلية" في "الدفع بالرابطة" بكل قوة لتميل إلى "الجهة" التي تخدم مصالح أندية على حساب أخرى.

توزيع غير عادل

بعد دراسة معمقة ولأن مضمون بيان رابطة ما بين الجهات، تم تفسيره "شفهيا" للعديد من رؤساء الأندية على أنه "رغبة" من مسؤوليها، من خلال تحويل المنافسة إلى "بطولة وطنية حقيقية"، عن طريق "تحقيق توازن أكبر بين مختلف المجموعات"، فإن الحقيقة الثابتة التي وقف عليها مسؤولو الأندية خلال اجتماع الخميس الماضي تمثلت في "سقوط" تلك "الدراسة المعمقة" في أقل من دقيقة، فقد تم إشعار الحضور، خلال الاجتماع، بإلغاء ما تم دعوتهم لأجله، وبأن "العدالة الرياضية" تأجّل إرساؤها إلى إشعار آخر غير معلوم، بسبب "عدم قبول" بعض الأندية للمقترح، دون أن يتم مناقشة ذلك علنا، ودون حتى اتخاذ قرار التراجع خلال الاجتماع ذاته وأمام كل ممثلي أندية رابطة ما بين الجهات.

وبسقوط مشروع إضفاء "الطابع الوطني" على بطولة ما بين الجهات، وعدم إرساء العدالة الرياضية فيما ما يخص "مسافات التنقل" خلال مباريات البطولة، وجعلها حقا أكثر إنصافا، فإن رابطة ما بين الجهات اتخذت قرارا آخر "أكثر غرابة"، يبرز بوضوح بأن "الدراسة المعمقة والمعطيات الموضوعية والتقنية" بريئة من الرابطة ومن ممارستها، بل إن تناقض القول والفِعل لهيئة الرئيس عزالدين بن محمد يؤكد تسويق الرابطة لِما لا تعتزم إطلاقا تجسيده ولا تملك أصلا النية لتحقيقه، بدليل سقوط رابطة ما بين الجهات بشكل مفضوح في "اختبار الجغرافيا"، وهي تقوم بتوزيع الأندية "بطريقة غير عادلة" على المجموعات الأربع، بعد "دراسة معمقة".

ولأن مساحة الجزائر، لِمَن يجهل ذلك، تبلغ مليونين و381 ألف و741 كلم مربع، فإن المسافات بين الشرق والغرب ستكون حتما بعيدة عن أندية لا تملك القدرة المالية، وهي في القسم الثالث، لتحمّل أعباء السفريات طيلة الموسم، غير أن فكرة "إعادة التوازن بين المجموعات" كان بمقدورها فعلا، لو تم تبنيها بصدق، إحداث "العدالة الرياضية" بين أندية مجموعتي وسط ــ شرق ووسط ــ غرب، على اعتبار أن أندية مجموعة وسط ــ شرق أمامها تنقلات بعيدة وكثيرة، مقارنة بأندية مجموعة وسط ــ غرب التي تتبارى فيها العديد من أندية ولايات البليدة والجزائر العاصمة والمدية وتيبازة فيما بينها طيلة الموسم.

الجزائر العاصمة أقرب إلى الشرق من البليدة

وما حدث خلال اجتماع الخميس وصدم ممثلي الأندية بل وأثار شكوكهم، إقدام رابطة ما بين الجهات على "تحويل" نادي اتحاد البليدة (في غياب مسؤوليها عن الاجتماع)، دون سواه ودون تقديم تبريرات لذلك وبعملية سحب القرعة، إلى مجموعة وسط ــ شرق، وجعل الصاعد الجديد نادي عين البنيان، من الجزائر العاصمة، ضمن أندية وسط ــ غرب، رغم أن اتحاد البليدة "أحق" جغرافيا بالتواجد في مجموعة وسط ـ غرب، مقارنة بالنادي العاصمي عين البنيان الذي حلّ، في قسم ما بين الجهات، محل نادي الأخضرية (من مجموعة وسط ــ شرق" والذي نزل إلى الجهوي).

وفي "تغييب" البوصلة في اجتماع رابطة ما بين الجهات مع رؤساء الأندية، وجب "تنبيه" القائمين على بطولة ما بين الجهات، أن ما يتم تدريسه في مادة الجغرافيا، في مختلف الأطوار التعليمية، بأن ولاية الجزائر العاصمة أقرب إلى شرق البلاد من ولاية البليدة، وبأن لغة المنطق تجعل نادي عين البنيان محسوب على أندية وسط ــ شرق ونادي اتحاد البليدة على أندية وسط ــ غرب، وغير ذلك سيجعل "قسرا" رابطة ما بين الجهات غير متحكمة في حساب المسافات وفي تحديد الجهات.

"قنبلة موقوتة" لزعزعة استقرار البطولة

اجتماع الرابطة انتهى بفضيحة وبتأجيج وضع من العدم، بل إن سقوط الرابطة في مادة الجغرافيا، قد وضع مسبقا بطولة ما بين الجهات على صفيح ساخن، بل أشعل نار الفتنة بين الأندية التي يرى البعض منها أن الدراسة المعمقة جعلت الرابطة، في النهاية، تستند إلى معطيات غير موضوعية وغير تقنية، وأصبحت "المحاباة" سيدة القرارات، (مادام أن التواجد في مجموعة وسط ــ يشكّل أفضلية لعدم وجود تنقلات بعيدة، على خلاف مجموعة وسط ــ شرق التي تحمل في عنوان منافستها "بُعد المسافات"، بما يجعل منها حقا "بطولة وطنية"، على خلاف المجموعة الأخرى (وسط ــ غرب) التي احتفظت، قياسا بقرب المسافات بين أغلب أنديتها، بطابعها "المحلي"، شأنها في ذلك شأن مجموعتي الشرق والوسط التي يعتبر التنقل فيها "أقل ضررا" من تنقلات أندية مجموعة "وسط ــ شرق" وأكثر إرهاقا من تنقلات أندية مجموعة وسط ــ غرب.

وفي انتظار "إعادة النظر" في "القرار الفضيحة" من طرف الاتحادية، وإلغاء حتى الرزنامة المسطرة بسرعة البرق بغرض فرض الأمر الواقع، فإن ما أقدمت عليه رابطة ما بين الجهات يعتبر "قنبلة موقوتة" يمكن تفسيره بمثابة محاولة مسبقة لزعزعة استقرار بطولة الموسم المقبل حتى قبل انطلاقه.