على امتداد سنوات طويلة، تعايش أنصار شباب بلوزداد ومولودية الجزائر في أحياء بلدية المدنية بالعاصمة في سلام، لكن ذلك لم يعد ممكنا الآن بسبب ما يمكن وصفه بـ"فتنة الأولترا".
فقد شهدت بلدية المدنية، مساء أول أمس، استنفارا وإنزالا أمنيا كبيرا، مع وصول تعزيزات هامة من عناصر الشرطة، لجأت إلى تطويق عدد من الشوارع والطرقات، بناء على معلومات تحذر من اشتباكات وشيكة بين "أولترا" شباب بلوزداد ونظرائهم من مولودية الجزائر.
وقد جنب التدخل العاجل والصارم لمصالح الأمن، ومعه اللجوء إلى توقيف العشرات من "ألتراس" الفريقين العاصميين، ممن قدموا من أحياء مجاورة وحتى بعيدة، تحويل المدنية إلى ساحة اشتباك وحرب حقيقية.
وبحسب شهادات عدد من سكان المدنية استقتها "الخبر"، فإن هذا التوتر "المتجدد" بين أنصار الفريقين، قد أشعل فتيله لجوء مجموعة من "ألتراس" مولودية الجزائر، بعد عودتهم من متابعة مباراة "الداربي" الأخير أمام اتحاد العاصمة، إلى تمزيق راية خاصة بشباب بلوزداد، على مستوى حي ديار السعادة، وتعرض صاحبها بعد احتجاجه للإهانة ومحاولة الاعتداء، فما كان من هذا الأخير سوى الاستنجاد بـ"أولترا" شباب بلوزداد، الذين قدموا في اليوم الموالي، و"ردوا" بتمزيق وتخريب رايات مولودية الجزائر، متورطين بالمناسبة في تخريب عدد من السيارات، وهنا استنفر "ألتراس" المولودية في حي السعادة زملاءهم في أحياء مجاورة وأخرى بعيدة، وكذلك فعل "ألتراس" بلوزداد، وبدأت الأمور توحي بسيناريو وانزلاق خطير، تم تفاديه بفضل العين الساهرة لمصالح الأمن.
وقد سبق هذه الأحداث تجاوزات خطيرة بين "ألتراس" الفريقين، وصلت إلى مستويات خطيرة من العنف، في ظل إصرار كل طرف على تحويل شوارع هذه البلدية العتيقة إلى منطقة نفوذ وسيطرة عبر الرسومات الغرافيتية المنتشرة على جدرانها، أو تعليق الرايات واللافتات.
وقد تطور هذا "التنافس" في "بسط النفوذ" إلى صدامات ومشاجرات جماعية، بسبب خلاف على عمود (لأجل تعليق الرايات) أو جدار أو حائط (لاستغلاله للرسم الغرافيتي)، وتم تعريض حياة كثيرين للخطر، في وقت اشتكى فيه المواطنون، وبشكل خاص، التجار من لجوء هؤلاء "المتعصبين" إلى "تلوين" ستار المتاجر الخاصة بهم برسومات فرقهم.
ونقل أحد المواطنين لـ"الخبر" صورة سوداوية على حالة الشحناء والتفرقة بين أبناء الحي الواحد، التي تسببت فيها ممارسات هذه المجموعات، وضرب مثالا عن صديقين حميمين من أبناء حي الياسمين، كان دوما معا، يمشيان معا ويتشاركان في كل شيء، قبل أن تأتي "الأولترا" وتفرق بينها، فحدث الخصام وتحول إلى قطيعة.
وتدق هذه الأحداث والتجاوزات جرس الإنذار، مرة أخرى، من خطورة هذه الروابط والجماعات، بسبب تبنيها مبادئ متطرفة، وجنوح عناصرها إلى الشغب والعنف، وحتى التخريب، وتحولها تدريجيا إلى كابوس يؤرق السلطات الأمنية، وقبلها المواطنين، وتستوجب، على ضوء ما حدث وقد يحدث، تكفلا وتدخلا عاجلا وصارما، حتى وإن تطلب الأمر حظر هذه المجموعات.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال