مساهل يحمّل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي مسؤولية حرب ليبيا

38serv

+ -

تخلى وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، عبد القادر مساهل، لأول مرة عن لغته الدبلوماسية الهادئة وفتح النار بصفة مباشرة وواضحة نحو مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، وحمّلهما مسؤولية الحرب الأهلية، التي تكتوي ليبيا بنيرانها منذ 2011. قال مساهل، معقبا على محاضرة الممثل الخاص للأمين العام الأممي في ليبيا، مارتن كوبلر، ألقاها أمس بمقر وزارة الخارجية، إن “الجزائر طرف مؤثر في الملف الليبي والمسار الرامي إلى إخراج ليبيا من أزمتها التي تعاني منها منذ 2011 والتي أتت على الأخضر واليابس فيها ودمرت منشآتها القاعدة وشردت شعبها”.وتابع مساهل، الذي كان يستعمل نبرة هادئة لكنها مباشرة وصريحة، متسائلا: “عندما نبحث عن الأسباب، نجد أن الغرب والأمم المتحدة، تجاهلت تحذيرات الجزائر، كم من مبعوث خاص لدول أوروبية وغربية، استقبلوا هنا من طرف رئيس الجمهورية، وسمعوا وجهة نظرنا ورفضنا الواضح للتدخل العسكري في ليبيا، لكنهم صمّوا آذانهم ومضوا في مسعاهم، وهم اليوم يعلنون أنهم مع الحل السياسي والحوار بين فرقاء الأزمة الليبية”.

كلام مساهل لم يكن موجها إلى كوبلر فقط، بل تجاوزه إلى دول الجوار التي تكتوي بنيران أزمة ليبيا، مشيرا في هذا الصدد إلى مالي، وتونس، اللذين يدفعان ثمن انهيار الدولة وغياب المؤسسات في هذا البلد الجار.ولأول مرة اعترف مساهل بالدور المؤثر الذي تلعبه الجزائر في ليبيا، موضحا بأنه يرمي إلى إعادة الاستقرار إليها، عرفانا بوقوفها إلى جانب الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وفي الفترات الصعبة التي مرت بها الجزائر بعد الاستقلال، وقال في هذا الإطار: “نحن حاضرون وفاعلون في ليبيا وفي ملفات أخرى، نحن لا نحب أن نتكلم عما نفعل، نفضل السرية في التحركات لأننا نرى بأنها مصدر للنجاح، نتواصل ونتعامل مع جميع الليبيين من دون استثناء من بداية الأزمة، وكنت شاهد عيان على كل مراحلها، بدءا من رفضنا التدخل في ليبيا، عسكريا، وحذرنا من عواقب مثل هذا العمل على المنطقة وعلى أوروبا والغرب عموما”، مؤكدا: “لقد أعطتنا الأيام الحق وبأننا كنا على صواب وغيرنا على خطأ”.«بعد المعاينة التي قامت بها الأطراف التي كانت مع التدخل العسكري، بداية من الأمم المتحدة، الجميع اليوم أدركوا بأن ما يحدث في ليبيا هو سبب عدم الاستقرار في المنطقة المتوسطية وشمال إفريقيا، وعلينا في الجزائر ومع ذلك تحركنا لتوضيح مقاربتنا وإقناع المجتمع الدولي بجدواها إلى أن توصلنا إلى اتفاق المصالحة والسلم في 17 ديسمبر الماضي”، استرسل الوزير مساهل مؤكدا وموثقا.اتفاق المصالحة ولد في الجزائروعن الاتفاق الموقع من طرف الفرقاء الليبيين، أكد مساهل بأن الفضل في التوصل إليه يرجع بالأساس إلى الجزائر، التي اشترطت أن يتم الحوار بين جميع الأطراف الليبية من البرلمانيين والفاعلين في الميدان، منوها: “كنا مع الحل السياسي وكنا على حق، رغم محاولات التدخل الخارجي الذي نعلم جيدا متى يبدأ، لكن لا نعرف متى وكيف ينتهي، لكن نحن الجزائريين كنا على دراية بمآل ما يخططون له، وهو الانهيار الكامل”.وردا على أمنية اختتم بها كوبلر محاضرته ومفادها أن الشعب الليبي يحتاج إلى صداقة الجزائر ومساعدتها المالية والعسكرية، لكي يقف مجددا على قدميه، قال مساهل: “وقفنا ونقف وسنبقى، إلى جانب الليبيين، لكن أليس من الضروري رفع التجميد عن أموال الشعب الليبي في البنوك الأوروبية والأمريكية، لكي تتمكن حكومته من الوفاء بالتزاماتها تجاهه.. أليس بإمكان المجتمع الدولي العمل على منع تدفق السلاح إلى مختلف الفصائل المتقاتلة هناك، وترفض الانخراط في مسار المصالحة، والضغط على الدول التي تتدخل في هذا البلد لإبقائه في أزمته”. وزاد عبد القادر مساهل: “نعز جيدا هذا البلد، ونؤمن بأنه سيخرج منتصرا من محنته، لا يوجد أخطر من التدخل الخارجي الذي يخدم مصالح الدول التي ترعاه سياسيا وإيديولوجيا واقتصاديا.. لكن الجزائر لا تفعل ذلك، نحن نجمع ولا نشتت، لقد جمعنا جميع الأطراف الليبية في غرفة واحدة هنا في الجزائر، شاركنا معهم في الحوار، لكننا لم نتدخل في أي من شؤونهم الداخلية، وهو ما لم يحدث في أي عاصمة أخرى في العالم”.نحن نجمع وغيرنا يفرقوللتأكيد على “حسن نوايا” الدولة الجزائرية تجاه الأزمة في ليبيا، ذكّر مساهل، الممثل الخاص الأممي في ليبيا، بأنه الوزير العربي والإفريقي والأجنبي الوحيد الذي زار العاصمة طرابلس، وتجول في شوارعها وتناول وجبة الغداء في مطعم من اختياره وارتشف فنجان قهوة في مقهى من اختياره، لنؤكد على أن الحياة عادية فيها ولا تستحق نقل العاصمة إلى مدينة أخرى، مثلما كانت تحبذ بعض الدول”، قبل أن يجدد موقف الجزائر ودورها وأهميتها في إعادة الاستقرار إلى ليبيا “حفاظا على استقرار المنطقة وتوازنها ومرافقة الأمم المتحدة في تجسيد مقاربتنا التي تستوجب مساعدة السلطة الجديدة في هذا البلد ورفع التجميد عن أمواله والضغط على الدول، التي تكسر الحظر الدولي على السلاح برا وبحرا، لا أن نطالب الليبيين بمكافحة الإرهابيين ووقف الهجرة السرية من دون أدنى دعم”.ويشار إلى أن كوبلر، الذي غادر الجزائر أمس إلى تونس، ركز في محاضرته على نقل مخاوف الغرب في ظل تصاعد الإرهاب في ليبيا وتزايد وتيرة الهجرة السرية باتجاه أوروبا، وبضرورة تضافر جهود دول المنطقة والليبيين لمكافحة هذين العاملين اللذين ينعكسان بشكل مباشر على الأمن في أوروبا تحديدا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات