+ -

لم أكن أتصور أن قضية ضحايا الرافعة في الحرم المكي فيها كل هذه المآسي التي ذكرت بعضها سابقا، وأذكر بعضها الآن..- عدد ضحايا الرافعة الإجمالي هو 184 ضحية منهم 19 ضحية جزائرية، مات منهم أربعة، ويعاني البقية من عاهات، بعضها مستدام، ولم يعوض أي واحد منهم إلى الآن، بينما عوض آخرون من بعض الدول التي ترعى مصالح رعاياها بجدية عكس الجزائر.- عندما وقعت الحادثة سارع خادم الحرمين إلى إصدار قرار بتعويض كل ضحية بمليون ريال، ونصف مليون ريال للمجروح، لامتصاص غضب الحجاج، لكن بعد أيام حدثت عملية الموت بالعفس في منى بفعل خطأ للسلطات الأمنية السعودية، وارتفع منسوب الغضب وكان الضحايا بالآلاف، وطالب الضحايا بمساواتهم بضحايا الرافعة، ورفضت السلطات السعودية ذلك، بل وبدأت تتراجع عن تعويض حتى ضحايا الرافعة، كما أعلنت من قبل.- أصدر الديوان الملكي السعودي مرسومين اشترط فيهما أن تتم عملية التعويض للضحايا بصفة فردية، وأن يتم ذلك عبر القضاء والمحامين السعوديين، وهذا في حد ذاته التفاف على مبدأ التعويض نفسه! إذ كيف لعجوز عمرها 80 سنة من تيسمسيلت، هي الوريثة الوحيدة لضحية، أن تتنقل إلى السعودية لتقوم بالإجراءات القانونية مع العدالة والقضاء السعودي، من يستخرج لها جواز السفر، وإذا تم ذلك، السفارة لا تمنحها التأشيرة، وإذا تم ذلك لا تستطيع الاتصال بالمحامين في السعودية والقضاة ووزارة الصحة والداخلية والخارجية والديوان الملكي، والنتيجة استحالة التعويض، وهذا هو الهدف من المرسوم الذي يقول إن التعويض يتم بصورة فردية.- لهذا السبب حتى الآن لم يحصل أي واحد من الضحايا على أي شيء، سواء من الهبة التي قررها الملك، أو حتى من التعويض المدني الذي يتم بالقضاء ضد شركة بن لادن التي قتلت رافعتها الناس في الحرم، وحتى الآن لا يوجد جزائري واحد رفع قضية واحدة في العدالة لصعوبة الإجراءات، كما ذكرنا سابقا، عكس ما يقوله السفير من أن القضية أمام العدالة.- الأخطر من هذا كله أن السلطات الجزائرية من السفارة إلى القنصلية إلى وزارة الخارجية إلى وزارة الشؤون الدينية إلى ديوان الحج، لم تهتم أي جهة بهذا الملف، إلى درجة أن السعوديين أصبحوا يهددون الدبلوماسيين الجزائريين هناك بطلب ترحيلهم إذا هم حشروا أنفسهم في الموضوع! ووصل الحال إلى حد أن وزير الشؤون الدينية طلب من محام نسخة من المرسومين الملكيين اللذين يتحدثان عن التعويض!إلى هذا الحد وصل إهمال مؤسسات الدولة لشؤون الرعايا في الخارج، وتحول وزير الشؤون الدينية الجزائري إلى متعهد للمصالح السعودية في الجزائر؟!- أحد الرعايا الضحايا كان ضحية خطأ طبي بعد الحادثة، وترتب عن هذا الخطأ أن فقد كليته التي تعفنت واستؤصلت في الجزائر بسبب إهمال التكفل به في السعودية! وضحية أخرى مات هنا في الجزائر بسبب مضاعفات عدم التكفل به كما يجب هناك!- رعب الدبلوماسيين الجزائريين في السعودية من السعوديين ومسألة ترحيلهم وصل إلى حد أنهم لم يستطيعوا منح التأشيرات للمحامين السعوديين للقدوم إلى الجزائر في إطار أخذ التوكيلات من الضحايا لمباشرة الإجراءات القانونية للتعويض، فتحايلوا ومنحوا تأشيرات لمحامين سعوديين قصد المشاركة في ملتقيات فكرية وليس لمقابلة الضحايا وذوي الحقوق!كل هذا يحدث والسفارة تضلل والوزارة تتواطأ والحكومة ساكتة! في حين أن المبالغ المالية التي فرضتها السعودية كضريبة على الحج تحصل عليها السعودية قبل أن تمنح للحجاج التأشيرة! وهي ضريبة غير قانونية وغير أخلاقية أيضا..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات