أجمع المشاركون في فعاليات الندوة الوطنية الموسومة بـ«المذهب المالكي ودوره في نشر الفكر الوسطي” التي نظمتها كلية الشريعة والاقتصاد بالتعاون مع مخبر البحث أن أهدافها تتجاوز التعريف إلى الاستخلاص الشرعية، مطالبين بتجميع الفتاوى والأحكام الصادرة من القضاء المالكي التي أبرزت مظاهر الوسطية في موسوعة علمية تكون مرجعا للباحثين وطلاب العلم.
واستقطبت الندوة أساتذة وباحثين من مختلف الجامعات الوطنية، مؤكدين أن الأمر يتجاوز مجرد الاستعراض والتعريف بأصول وفقه المذهب المالكي، بل يرمي إلى هدف أعمق يتمثل في استخلاص النسق الفكري والعلمي والاجتماعي الذي ينشئ فكرا وفقها معتدلا.
ويقوم هذا النسق على الاستناد إلى النص مع إعمال التدبر العقلي، والتأسيس على النظر دون إهمال العمل، إذ أكد المتدخلون أن هذه الخصوصية هي التي مثلت صمّام الأمان الذي حفظ أمن ووحدة الغرب الإسلامي، وجعلت من المذهب المالكي منارة للتجدّد وقادرا على بناء فكر وسطي جامع، يرعى المصالح ويوحد الأفهام، لتجيب بذلك الندوة على إشكالية مدى إسهام المذهب المالكي في تعزيز ونشر هذا الفكر الوسطي.
وأكد مدير الجامعة، أ.د. السعيد دراجي، خلال افتتاحه لأشغال الندوة التي احتضنتها قاعة محاضرات المخابر أن اللقاء يهدف إلى تسليط الضوء على الدور الفكري لوسطية المذهب المالكي في المحافظة على الهوية الثقافية للأمة، مشيرا إلى أن المذهب المالكي يشكل أحد المبادئ الأساسية لهوّيتنا ومرجعيتنا، مبرزا منهجه وآلياته الاجتهادية المتوازنة أصولا، والتي أكسبته وسطية حقيقية تميزه عن الدعاوى الوسطية المزعومة التي ترفعها حتى التيارات المتطرفة. واعتبر دراجي أن هذه الندوة تمثل دعوة صريحة إلى إحياء روح المذهب المالكي، وذلك من خلال تعميق دراسته وفهمه وتطبيقه كنموذج إرشادي فاعل في مواجهة تحديات العصر الحاضر، ليستعيد دوره الرائد في نشر الفكر الوسطي.
وناقشت الندوة جملة من المحاور الهامة، تركزت حول مظاهر الوسطية في المذهب المالكي، والأبعاد المقاصدية للمذهب وعلاقتها بالفكر الوسطي، كما تناولت موضوع الاجتهاد الوسطي في المذهب المالكي من حيث ضوابطه ومجالاته.
وأوصى المشاركون في ختام أشغالهم بتعميق الدراسات والجهود العلمية الدعوة لتوسيع موضوع الندوة إلى ملتقى وطني أو دولي، وتشجيع الدراسات الأكاديمية التي تبرز مظاهر الوسطية في المذهب ومدونة الفقه المالكي، بما في ذلك دراسات حول فتاوى علماء الجزائر القدامى والمعاصرين، إضافة إلى إبراز وسطية المذهب في قضايا الأسرة والمرأة. ودعوا بضرورة الضبط الدقيق لمفهوم الوسطية لإخراجها من المعنى الفضفاض وإدراجها كمعيار في الترجيح بين الأقوال والمذاهب، والعمل على إخراج معناها من حيّز التنظير إلى حيّز التطبيق الواقعي. وأكدوا على تعزيز المرجعية المالكية لبناء الأمن الفكري وترسيخ قيم الوسطية على المستوى التربوي والتعليمي، واعتماد الفتوى الجماعية والمؤسسية مع مراعاة قاعدة ”مراعاة الخلاف” في النوازل والفتاوى، إضافة إلى إنشاء لجان علمية في الكليات الشرعية لمتابعة وتوجيه بحوث الطلبة نحو هذا المسار. كما دعوا الأئمة والخطباء إلى الاقتداء بمذهب الإمام مالك والإشادة بوسطيته وشرحها للناس، بالإضافة إلى تجميع الفتاوى والأحكام الصادرة من القضاء المالكي التي أبرزت مظاهر الوسطية في موسوعة علمية تكون مرجعا للباحثين وطلاب العلم.=
صوفيا منغور
23/11/2025 - 23:02
صوفيا منغور
23/11/2025 - 23:02
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال