اسلاميات

فضائل وآداب عيادة المرضى

في عيادة المريض إيناسا للقلوب، وإزالة للوحشة، وتخفيفا للآلام، وتسلية للنفوس

  • 198
  • 2:15 دقيقة
الشيخ عبد المالك واضح*
الشيخ عبد المالك واضح*

يروي الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ”إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمتَ أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتُك فلم تطعمني، قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. يا ابن آدم، استسقيتُك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي”.

إن في عيادة المريض إيناسا للقلوب، وإزالة للوحشة، وتخفيفا للآلام، وتسلية للنفوس، وفي توجيهات المصطفى صلّى الله عليه وسلم حث على حفظ حق الأخوة: ”حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلّم عليه، وإذا دعاك فأجِبه، وإذا استنصَحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه”. فقد جاءت الشريعة المحمدية بحفظ الحقوق، وحثت على التحابب، ولذلك كان من أدب السلف رضي الله عنهم أنهم إذا فقدوا أحدا من إخوانهم سألوا عنه، فإن كان مسافرا دعوا له، وإن كان حاضرا زاروه، وإن كان مريضا عادوه، لما في زيارة المريض من حفظ لحقه، وتخفيف لألمه، وهو حبيس المرض، قعيد الفراش.

ولعيادة المرضى آداب، منها أن يقف الزائر عند رأس المريض ويضع يده على جبينه أو على مكان الألم ويقول: ”لا بأس، طهور إن شاء الله”، كما ينبغي أن يجتهد الزائر في الدعاء للمريض، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: ”من عاد مريضا لم يحضُر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض”، وكان يقول أيضا: ”اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما”.
ومن الآدب احتساب الزائر خطواته عند الله، وأنه لم يعد أخاه المريض إلا ابتغاء وجه الله، وعدم إطالة المكوث عند المريض، وألا يثقله بكثرة المساءلة، ولا يذكر أهله وأولاده إلا بخير، لأن في ذلك كله إثقالا على المريض، وزيادة في مرضه. وأن العائد إذا يئس من حال المريض ذكَّره بالله، ورغّبه فيما عند الله، ودلّه على تحسين ظنه بربه، وأن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخل الجنة، كما يذكّره بكتابة وصيته، فإنها لا تقرِّب الأجل، ولا تعجّل الموت، وإنما تُحفظ بها الحقوق، وتُقضى بها الديون.

ومع ما في زيارة المرضى من أجر، فإننا نلاحظ أنه لو مرض رجل من علية الناس لرأيت الناس في المستشفى أفواجا من كل فج عميق، وأما المساكين والفقراء فلا يكاد يزورهم أحد.

*إمام مسجد عمر بن الخطاب - بن غازي - براقي