العالم

المغرب: أمام ازدراء محمد السادس.. دعوات لتكثيف الحراك الشعبي

انتفاضة الشعب متواصلة.

  • 3688
  • 2:46 دقيقة
ح.م
ح.م

ردا على خطاب محمد السادس الذي ألقاه أمس الجمعة 10 أكتوبر بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية، دعت حركة "جيل زاد 212" إلى تكثيف التعبئة ومقاطعة منتجات "الفاسدين" وعدم الرضوخ حتى تحقيق المطالب.
بعد ساعات من خطاب محمد السادس، الذي وُصف بأنه ازدراء للشعب المغربي، ردّت مجموعة الشباب "جيل زاد 212" عبر منصة ديسكورد. فتصريحات محمد السادس، التي أكد فيها أن استثمار الملايين في الملاعب والدعوة إلى "العدالة الاجتماعية" ليس أمرا متناقضا، لم تنجح في تهدئة غضب رعاياه الأصغر سنا فحسب، بل إنها، نظرا لردود أفعالهم، قد تؤدي إلى تأجيج السخط الشعبي.
"الرسالة هي مواصلة الاحتجاجات الجماهيرية، ومقاطعة المباريات ومنتجات الفساد، ومقاطعة كأس الأمم الإفريقية، وعدم التراجع حتى يتم تلبية مطالب الوحدة"، هذا ما جاء في نص قصير منشور على ديسكورد، المنصة التي نسق من خلالها عشرات الآلاف من المستخدمين الاحتجاجات في أكثر من 20 مقاطعة مغربية.
وقد حاول الشباب الذين يقفون وراء الاحتجاجات رسم خط أحمر ضد محمد السادس، حيث ألقوا باللوم في كل المشاكل على حكومة عزيز أخنوش الحالية، الذي يُطالبون برأسه، وكذلك رحيل حكومته التنفيذية.
ويملك الملك سلطة إقالة رئيس الوزراء وحكومته ــ كما يطالب المحتجون ــ ولكن أمس الجمعة، في خطابه الافتتاحي للعام التشريعي الأخير، تجنب الملك أي إشارة إلى الاحتجاجات وحث السياسيين على العمل "بجدية وفعالية أكبر" من أجل إرساء "العدالة الاجتماعية" و"مكافحة التفاوتات" بين مناطق المغرب، وسط مزاعم بالفساد وانعدام الثقة على نطاق واسع في الطبقة الحاكمة.
وبعد خطابه أمس الجمعة، يعتقد الكثيرون أن الفجوة بين القصر والشارع لا تزال كبيرة.
في الواقع، يُؤكدون أن مطالبهم لم تتغير، مُشيرين إلى "مسؤولية الفاسدين" والحكومة في تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. كما أعلنوا عن إطلاق دعوة جديدة للتحرك طوال اليوم السبت، "ضد الحكومة وكل من يُعيق تطلعات الشعب المغربي".
واندلعت أولى الاحتجاجات في 27 سبتمبر الماضي، ردا على وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى حكومي بأكادير. واليوم، اتخذت الاضطرابات بُعدا أعمق بكثير: ثورة جيلية ضد عدم المساواة والفساد وانعدام الآفاق. الأرقام مُذهلة: إذ تبلغ نسبة البطالة بين الشباب 47% بين الفئة العمرية 15-24 عاما، ولا يضم نظام الصحة العامة سوى 0.42 طبيب لكل ألف نسمة، وهو رقم أقل بكثير من المتوسط العالمي.
قبل الخطاب الملكي، أعلن "جيل زاد 212" عن "وقفة استراتيجية" لإعادة تنظيم صفوفه وصياغة وثيقة من إحدى عشرة صفحة تُفصّل مطالب الحركة. وحظيت الوثيقة، المعنونة "مطالب الشباب المغربي: من أجل تفعيل العهد الدستوري"، بموافقة ساحقة من 3383 ناخبا نشطا على منصة ديسكورد.
وتركز المطالب على ثلاثة مجالات. ففي مجال الصحة، يُطالب الشباب بإصلاح جذري للنظام العام، وتوسيع التغطية الصحية، وتحديث البنية التحتية للمستشفيات. أما في مجال التعليم، فيطالبون بمحتوى دراسي يواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين، وتشجيع التفكير النقدي، ورقمنة الفصول الدراسية. أما في مجال التوظيف، فيطالبون بإعادة توجيه الاقتصاد نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وإنهاء البيروقراطية التي تعيق المقاولين.
ويدعو النص، الذي يحمل طابعا تقنيا لكنه سياسي بحت، إلى "مكافحة حازمة للفساد"، مع استقلال القضاء وآليات حقيقية للمساءلة.

وفي خطابه أمس الجمعة أمام غرفتي البرلمان، تجنب محمد السادس التطرق مباشرة إلى الاحتجاجات، لكنه حثّ الحكومة على "تسريع تطوير التعليم والصحة" وإيلاء "اهتمام خاص بالمناطق الأكثر فقرا". إلا أن هذه التصريحات لا ترقى إلى مستوى الموجة التي اجتاحت شوارع الدولة المجاورة.
وبالنسبة لمعهد واشنطن، فإن المقارنات مع الربيع العربي أمر لا مفر منه، حتى لو أصر الشباب على أن نضالهم لا يهدف إلى الإطاحة بالملك، بل إلى فرض تحديث حقيقي للدولة.
ويتفق المحللون على أن التحدي لا يكمن في حجم الاحتجاجات، بل في استمرارها. وقد أظهر "جيل زاد 212" قدرة غير مسبوقة على التنسيق في المغرب: فقادته يعملون بشكل مجهول، وبنيته أفقية، وتواصله يحدث في الوقت الفعلي بين آلاف المستخدمين.