العالم

الوجه الآخر لحرب الإبادة الصهيونية

مشهد يُجسّد مأساة إنسانية قاسية أخرى في غزة، شهد مستشفى العودة الأهلي في شمال القطاع حالة صادمة وغير مسبوقة، بعد ولادة الطفلة "ملك" بلا دماغ.

  • 740
  • 4:26 دقيقة
الصورة: ح. م
الصورة: ح. م

ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 52,495 شهيدًا و118,366 مصابًا، منذ 7 أكتوبر 2023، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. بينما سُجل 2,396 شهيدًا و6,325 مصابًا منذ 18 مارس الماضي، بعد استئناف العدوان عقب اتفاق وقف إطلاق النار، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية في القطاع جراء الحصار الصهيوني، إذ تسبب نفاذ الأدوية إلى موت بطيء للمرضى في المستشفيات. بينما يعاني الأطفال حديثي الولادة من تشوهات خلقية، إذ ولدت الطفلة "ملك" دون جمجمة، بسبب الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، في حين استشهدت طفلة أخرى بسبب المجاعة.

أفادت مصادر طبية باستشهاد 38 شهيدًا جراء الغارات الصهيونية المتواصلة على مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر أمس. وفي مدينة خان يونس وحدها، جنوبي قطاع غزة، استُشهد 17 فلسطينيا، بينهم 3 أطفال، فجر أمس، جراء قصف صهيوني. وبذلك، ارتقى خلال الساعات الماضية أكثر من 77 شهيدا وأصيب 275 آخرين، مع وجود ضحايا عالقين تحت الركام دون قدرة فرق الإنقاذ على الوصول إليهم، بسبب الظروف الأمنية والصعوبات الميدانية ونقص الإمكانيات ووسائل الإنقاذ.

هذا، واستنكرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، مواصلة الاحتلال الصهيوني سياسة تجويع الفلسطينيين في قطاع غزة، موازاة مع استشهاد طفلة جراء سواء التغذية، أمس، وسط تقارير متوالية عن نفاد الغذاء والدواء في القطاع.

وقالت ألبانيزي في منشور على موقع "إكس": "لماذا؟ بعد 19 شهرا من عنف الإبادة و60 يوما لم تدخل فيها حبة أرز واحدة إلى غزة، يُصوَّر الفلسطينيون للعالم وهم يتدافعون للحصول على الغذاء كما لو كانوا يلهثون لالتقاط أنفاسهم"، مضيفة: "أهل غزة.. أيها الفلسطينيون.. جوعكم اليوم هو عارنا.. لا ينبغي أن نمكّن من الاطلاع على معاناتكم إن كنا بهذه اللامبالاة والتقاعس والأنانية والفساد بحيث لا نستطيع وقفها فورا".

استشهاد طفلة أخرى بسبب المجاعة

وكان مستشفى الرنتيسي أعلن، أمس، استشهاد الطفلة جنان صالح السكافي جراء سوء التغذية والجفاف في المستشفى الواقع غربي مدينة غزة، وذلك بعد شهرين من منع الاحتلال دخول الغذاء والدواء إلى القطاع المحاصر وسط استمرار حرب الإبادة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة في بيان: إن عدد ضحايا التجويع وسوء التغذية الحاد ارتفع إلى 57 شهيدا منذ بدء الحرب، غالبيتهم العظمى من الأطفال وبينهم مرضى وكبار بالسن. وأدان المكتب بأشد العبارات "استمرار الاحتلال في استخدام الغذاء كسلاح حرب، وفرضه حصارا خانقا على أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة عبر إغلاق المعابر بشكل كامل لليوم الـ63 على التوالي".

وأضاف أن عدد الشهداء جراء التجويع مرشح للزيادة "في ظل استمرار جريمة إغلاق المعابر بشكل كامل، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية وحليب الأطفال والمكملات الغذائية وعشرات الأصناف من الأدوية". ودعا المكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى تحرك فوري وفاعل من أجل فتح المعابر وإدخال الغذاء والدواء "قبل فوات الأوان".

في الوقت نفسه، شددت منظمات إغاثة في غزة على أن الغذاء والماء والوقود على وشك النفاد وأن أسعار المواد الشحيحة المتبقية خارج المتناول، حيث أشارت منظمة أوكسفام بغزة إلى أن الأمهات في القطاع يطعمن أطفالهن وجبة واحدة فقط يوميا في ظل أزمة جوع خانقة، وحذرت شبكة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية من أن 70 مطبخا مجتمعيا في غزة ستغلق خلال أسبوع إذا استمر الحصار ومنع دخول المساعدات.

بدوره، لفت المجلس النرويجي للاجئين إلى أن إنتاج الغذاء بغزة شبه مستحيل بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع الزراعة، مضيفا أن البحرية الصهيونية تستهدف الصيادين في قطاع غزة. وأعلن المجلس أنه لم يتبق لدى أي منظمة إغاثة في غزة أي خيام لتوزيعها على النازحين، قائلا "إذا استمرت إسرائيل في حصارها لغزة؛ فسيموت الآلاف وسيحدث انهيار كامل للنظام"، وأضاف أن الكيان خلق وضعا لا يستطيع فيه الفلسطينيون بغزة زراعة غذائهم أو صيد الأسماك.

من ناحية أخرى، حذر مستشفى الكويت التخصصي في رفح جنوبي غزة من أن القطاع يعاني نقصا حادا في أكثر من 75% من الأدوية الأساسية، مشيرا إلى أن القدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات العلاجية أصبحت على المحك، في ظل عدم كفاية مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية لأكثر من أسبوع.

ولادة طفلة من دون جمجمة

وفي مشهد يُجسّد مأساة إنسانية قاسية أخرى في غزة، شهد مستشفى العودة الأهلي في شمال القطاع حالة صادمة وغير مسبوقة، بعد ولادة الطفلة "ملك" بلا دماغ، إذ أرجع الأطباء ذلك إلى تأثير الأسلحة الكيميائية الفتاكة التي يستخدمها الاحتلال الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية في غزة. وأشارت تقارير طبية أن الوضع يشبه كثيرا ما تعرض له العراق بعد الغزو الأمريكي في 2003، أين تم استخدام أسلحة محرمة، ما تسبب في تشوهات الأجنة وولادة أطفال مصابين بالسرطان.

وأشارت منظمات إغاثية إلى ارتفاع حالات تشوهات الأجنة والإجهاض بنسبة 300% منذ بدء الحرب على غزة، نتيجة الإجهاد الجسدي والنفسي والتلوث، بالإضافة إلى تعرض الحوامل للغازات السامة. فتلك الأسلحة - خاصة المحتوية على مواد مشعة وكيميائية - تدمر الحمض النووي وتعرقل نمو الأعضاء الحيوية، مما يؤدي إلى تشوهات قاتلة أو إعاقات دائمة. الإشعاعات تسمم المشيمة وتمنع وصول الغذاء للأجنة، بينما تسبب المتفجرات الحرارية حروقاً وتلفاً في الأنسجة، ما يؤدي إلى موت الأجنة في الأرحام، وولادة أطفال بجماجم ناقصة أو أعضاء مشوهة، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة قد صرح مرارا بأن الجيش الصهيوني يستخدم "أسلحة محرمة دوليا" خلال عدوانه المستمر. وفي بيان له في جويلية 2024، أشار إلى أن الأسلحة المستخدمة تشمل "صواريخ وقنابل حرارية وكيميائية من صناعة أمريكية"، تؤدي إلى حروق شديدة وتبخر الأجساد، كما رُصد في مناطق القصف.

وفي نوفمبر الماضي، دعت حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لتوثيق استخدام الكيان لأسلحة تؤدي إلى تبخر الأجساد وترك جثث متفحمة أو متحللة بشكل غير طبيعي، لاسيما في شمال غزة.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) حذرت، أول أمس، من أن الأطفال في غزة يواجهون خطر الموت المتزايد بسبب الجوع والأمراض وسوء التغذية، وسط استمرار الحصار الصهيوني ومنع دخول المساعدات.

لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع